تتزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مجال المواعدة، حيث يلجأ العديد من الأشخاص إلى تطبيقات مثل ChatGPT للحصول على النصائح والإرشادات في العلاقات العاطفية. من اختيار الوقت المناسب لإرسال الرسالة الأولى إلى تقييم مدى التوافق مع شريك محتمل، يبدو أن الذكاء الاصطناعي أصبح “صديقًا” رقميًا للباحثين عن الحب. هذه الظاهرة الجديدة تثير تساؤلات حول مستقبل المواعدة وتأثير التكنولوجيا على العلاقات الإنسانية.
في مدينة تامبا بولاية فلوريدا، لجأت ريبيكا كولتُن، البالغة من العمر 26 عامًا، إلى ChatGPT بدلاً من طلب المشورة من صديقاتها عندما التقت برجل في قسم كبار الزوار في أحد النوادي. سألت الذكاء الاصطناعي عما إذا كان عليها إرسال رسالة نصية إليه أولاً. وأجابتها ChatGPT بالنفي، مشيرة إلى أن الرجل معتاد على جذب الانتباه من النساء، وأن أفضل مسار للعمل هو تركه وشأنه والانتظار. وبعد أسبوع، أرسل الرجل رسالة نصية إلى كولتُن، مما يؤكد فعالية نصيحة الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي كمستشار في المواعدة
تعتبر كولتُن واحدة من ملايين الأشخاص الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي كمستشار وعلاج نفسي وصديق. يستخدم الباحثون عن شريك حياة تطبيقات الدردشة الآلية لتحسين ملفاتهم الشخصية، ويستخدمون الذكاء الاصطناعي لإنشاء عبارات افتتاحية جذابة، ويلجأون إليه للحصول على المشورة بشأن إرسال الرسائل النصية في اليوم التالي بعد موعد أعمى.
هناك عدد متزايد من الشركات الناشئة التي تسعى للاستفادة من هذا الاتجاه، حيث تقدم تطبيقات مثل Rizz و YourMove خدمات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة المستخدمين في التنقل في عالم المواعدة. بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركات تطبيقات المواعدة الكبرى مثل Match Group و Bumble بتطوير منتجاتها الخاصة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
تثير هذه التطورات أسئلة حول مدى الثقة التي يجب أن نوليها للذكاء الاصطناعي في حياتنا العاطفية. يشعر البعض بالقلق من أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان الأصالة والاتصال الإنساني الحقيقي. ومع ذلك، يرى آخرون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قيمة لمساعدة الأشخاص على بناء علاقات صحية ومرضية.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المواعدة
تتنوع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال المواعدة، بدءًا من تحليل الصور واقتراح أفضلها للملف الشخصي، وصولًا إلى إنشاء رسائل مخصصة بناءً على اهتمامات الشريك المحتمل. تستخدم بعض التطبيقات الذكاء الاصطناعي لتقييم مدى التوافق بين المستخدمين بناءً على مجموعة متنوعة من العوامل، مثل القيم والاهتمامات وأسلوب الحياة.
تعتمد هذه التطبيقات على خوارزميات معقدة تتعلم من بيانات المستخدمين لتحسين دقتها وفعاليتها. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الحكم البشري والحدس. يجب على المستخدمين دائمًا استخدام تفكيرهم النقدي واتخاذ قراراتهم الخاصة بناءً على تقييمهم الشخصي.
تشير بعض التقارير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يكون له تأثير سلبي على الثقة بالنفس لدى بعض الأشخاص. قد يشعرون بأنهم غير قادرين على اتخاذ قراراتهم الخاصة أو التعبير عن أنفسهم بشكل أصيل دون مساعدة الذكاء الاصطناعي. من المهم أن يكون المستخدمون على دراية بهذه المخاطر وأن يتخذوا خطوات لحماية صحتهم العقلية والعاطفية.
هل نحن على وشك “الخداع بالذكاء الاصطناعي”؟
مع تزايد شعبية الذكاء الاصطناعي في المواعدة، ظهر مصطلح جديد هو “الخداع بالذكاء الاصطناعي” (Chatfishing). يشير هذا المصطلح إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء هويات مزيفة أو للتلاعب بالآخرين في العلاقات العاطفية. على عكس “انتحال الشخصية” (Catfishing) الذي يعتمد على صور وقصص حياة مزيفة، يعتمد “الخداع بالذكاء الاصطناعي” على أصوات معدلة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
أعرب العديد من الأشخاص عن قلقهم من أنهم قد يكونون ضحايا “الخداع بالذكاء الاصطناعي”، حيث يشكون في أنهم يتحدثون مع روبوتات أو أشخاص يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتقليد شخصيات أخرى. من المهم أن يكون المستخدمون حذرين وأن يتحققوا من هوية الأشخاص الذين يتفاعلون معهم عبر الإنترنت.
تتخذ شركات تطبيقات المواعدة خطوات لمكافحة “الخداع بالذكاء الاصطناعي” وحماية مستخدميها. ومع ذلك، فإن هذه المشكلة معقدة وتتطلب جهودًا مستمرة من جميع الأطراف المعنية.
في الختام، يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في لعب دور متزايد الأهمية في مجال المواعدة. من المتوقع أن نشهد المزيد من الابتكارات في هذا المجال في المستقبل القريب، مما قد يؤدي إلى تغيير الطريقة التي نجد بها ونبني علاقاتنا العاطفية. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن الذكاء الاصطناعي هو مجرد أداة، وأن النجاح في المواعدة يعتمد في النهاية على القدرة على التواصل الحقيقي وبناء الثقة المتبادلة.

