أعلن يان لوكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة ميتا، عن مغادرته الشركة للانطلاق في مشروع جديد أكثر خطورة. ويأتي هذا التغيير بينما تستعد ميتا لإعادة هيكلة قسم الذكاء الاصطناعي لديها، مع استمرار لوكون في التعاون مع الشركة كمشارك، ولكن ليس كمستثمر. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتوجهات البحث والتطوير في هذا المجال.
أفصح لوكون عن قراره بالرحيل عبر منصة لينكدإن الشهر الماضي، بعد قضاء 12 عامًا في ميتا، منها خمس سنوات كمدير مؤسس لمختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي الأساسي (FAIR)، وسبع سنوات كعالم الذكاء الاصطناعي الرئيسي للشركة. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه صناعة التكنولوجيا تحولات كبيرة في استراتيجيات الاستثمار والبحث في مجال الذكاء الاصطناعي.
تحول استراتيجية ميتا في مجال الذكاء الاصطناعي
قامت ميتا هذا العام بإعادة تنظيم قسم الذكاء الاصطناعي لديها، مع التركيز على ما تسميه “مختبر الذكاء الفائق” (Superintelligence Lab)، بقيادة ألكسندر وانغ، مؤسس شركة Scale AI. يشير هذا التحول إلى اهتمام متزايد بالذكاء الاصطناعي العام (AGI) والأنظمة التي يمكن أن تتجاوز القدرات البشرية في مجالات واسعة.
أوضح لوكون في منشور لينكدإن أنه يسعى لإنشاء شركة ناشئة لمواصلة برنامج “الذكاء الآلي المتقدم” (AMI) الذي كان يتابعه لسنوات مع زملائه في FAIR وجامعة نيويورك، بالإضافة إلى جهات أخرى. يهدف هذا المشروع إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على فهم العالم المادي، والاحتفاظ بالذاكرة، والاستنتاج، والتخطيط لتسلسلات معقدة من الإجراءات.
على الرغم من مغادرته، سيظل لوكون على اتصال وثيق بميتا. فقد صرح خلال حديثه في فعالية AI-Pulse في باريس يوم الخميس أن ميتا ستكون شريكًا في مساعيه الجديدة، لكنها لن تستثمر فيها بشكل مباشر. هذا يشير إلى أن ميتا لا تزال مهتمة بالعمل الذي يقوم به لوكون، ولكنها تفضل اتباع نهج أكثر استقلالية.
نماذج العالم والجيل القادم من الذكاء الاصطناعي
يركز لوكون على بناء “نماذج العالم” (world models)، وهي أنظمة تعلم آلي متقدمة تساعد البشر على اتخاذ القرارات والتنبؤات بناءً على تمثيلات مجردة للعالم. يختلف هذا النهج عن النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) التي تعتمد عليها معظم روبوتات الدردشة الذكية، والتي تعتمد فقط على اللغة. تعتبر هذه النماذج من التقنيات الواعدة في مجال التعلم الآلي.
وفقًا لتصريحات لوكون، فإن نطاق تطبيقات هذه التقنية يتجاوز اهتمامات ميتا الحالية. وأشار إلى أن مارك زوكربيرج أدرك هو الآخر أن التطبيقات المحتملة واسعة جدًا، مما يجعل من الأفضل تطويرها ككيان مستقل. هذا يعكس رؤية أوسع نطاقًا لإمكانات الذكاء الاصطناعي تتجاوز مجرد تحسين خدمات ميتا الحالية.
في المقابل، يبدو أن ميتا قد حولت طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي نحو “الذكاء الفائق”، وهو شكل نظري من الذكاء الاصطناعي لا يزال قيد التطوير. أسست الشركة مختبر الذكاء الفائق في يونيو الماضي، معربًا زوكربيرج عن أمله في أن يساعد ذلك في بناء “ذكاء اصطناعي فائق شخصي” يمكنه في النهاية تجاوز القدرات البشرية.
هذا التحول في الاستراتيجية يعكس المنافسة الشديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الشركات إلى تطوير تقنيات رائدة يمكن أن تغير الطريقة التي نعيش ونعمل بها. كما أنه يسلط الضوء على التحديات التقنية والأخلاقية المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي المتقدم.
لم ترد ميتا أو لوكون على طلبات التعليق من موقع Business Insider. ومع ذلك، فإن الإعلانات والتصريحات العلنية تشير إلى أن هذا التغيير يمثل فصلًا جديدًا في تطور الذكاء الاصطناعي، مع وجود مسارات بحثية مختلفة تتشكل.
من المتوقع أن يشهد الأشهر القادمة مزيدًا من التفاصيل حول شركة لوكون الناشئة، بما في ذلك خططها التمويلية واستراتيجيتها البحثية. كما سيكون من المهم مراقبة التقدم الذي تحرزه ميتا في مختبر الذكاء الفائق، وتقييم تأثير هذا التحول الاستراتيجي على مستقبل الشركة. بالإضافة إلى ذلك، يجب متابعة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي العام (AGI) وتقييم مدى قربنا من تحقيق هذا الهدف الطموح.

