يشهد قطاع اقتصاد المبدعين ازدهارًا مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي، حيث شهد عام 2025 تمويلًا ضخمًا للشركات الناشئة التي تعمل على تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لأتمتة عمليات إنشاء المحتوى. وقد أعلنت ثماني شركات ناشئة متخصصة في هذا المجال عن حصولها على تمويل لا يقل عن 50 مليون دولار أمريكي لكل منها، بإجمالي 1.2 مليار دولار أمريكي من شركات رأس المال الجريء والمستثمرين من القطاع الخاص. هذا النمو يعكس التغيرات المتسارعة في كيفية إنتاج واستهلاك المحتوى الرقمي.
أكدت شركة سينثيسيا (Synthesia)، وهي شركة ناشئة في مجال الفيديو التوليدي مقرها لندن، حصولها على تمويل بقيمة 180 مليون دولار أمريكي في يناير، بينما أغلقت شركة إليفن لابس (ElevenLabs)، المتخصصة في تحويل النص إلى كلام، جولة تمويل من السلسلة C بقيمة 180 مليون دولار أمريكي. كما أعلنت شركات ناشئة أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل مون فالي (Moonvalley) وكريا (Krea) و هيغزفيلد (Higgsfield)، عن استثمارات كبيرة خلال العام الحالي.
الذكاء الاصطناعي واقتصاد المبدعين: فرص وتحديات
على الرغم من الإقبال الكبير من المستثمرين على الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذا الموضوع لا يزال يثير بعض الجدل داخل قطاع اقتصاد المبدعين. تتمثل إحدى المخاوف الرئيسية في أن بعض هذه الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي تقدم ميزات مثل الصور الرمزية الشبيهة بالبشر، قد تشكل تهديدًا للمبدعين أنفسهم. هناك حاجة إلى دراسة متأنية لكيفية تأثير هذه التقنيات على مستقبل العمل الإبداعي.
لم يتوصل قطاع التسويق المؤثر بعد إلى توافق في الآراء حول كيفية ومتى يجب استخدام الذكاء الاصطناعي. تتراوح الآراء بين تبني هذه الأدوات لزيادة الكفاءة والإنتاجية، وبين الحذر من فقدان الأصالة والتواصل الإنساني مع الجمهور. من المرجح أن تتطور الممارسات في هذا المجال مع زيادة فهم إمكانات وقيود الذكاء الاصطناعي.
إلا أن المبدعين البارزين لا يقفون مكتوفي الأيدي أمام هذا التطور. فقد سعى يوتيوبر (YouTuber) الشهير مستر بيست (MrBeast) وفريقه إلى جمع 200 مليون دولار أمريكي في وقت سابق من هذا العام، بقيمة إجمالية للشركة تقدر بـ 5 مليارات دولار أمريكي، وفقًا لوثائق المستثمرين التي تم الاطلاع عليها. يعكس هذا الجهد رغبة المبدعين في الاستثمار في التقنيات الجديدة والسيطرة على مستقبل صناعتهم.
بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، هناك اهتمام متزايد بالشركات الناشئة في مجال التجارة الاجتماعية. تستفيد هذه الشركات من النمو السريع لمنصات مثل تيك توك (TikTok) لتقديم تجارب تسوق فريدة وجذابة.
التجارة الاجتماعية تتصاعد
حققت منصة واتنوت (Whatnot)، التي تتيح للمستخدمين بيع المنتجات عبر البث المباشر في فئات مثل الأزياء والمقتنيات، بما في ذلك بطاقات بوكيمون (Pokémon Cards) و Labubus، تمويلًا إجماليًا قدره 490 مليون دولار أمريكي عبر جولتين من التمويل في المراحل المتأخرة هذا العام. وقد بلغت القيمة السوقية للمنصة 11.5 مليار دولار أمريكي.
في غضون ذلك، تواصل منصة شوب ماي (ShopMy)، المتخصصة في التسويق بالعمولة، زيادة حصتها في السوق في مجال التسويق المؤثر. وقد جمعت الشركة الناشئة تمويلًا إجماليًا قدره 147.5 مليون دولار أمريكي هذا العام.
تشير التقديرات إلى أن مبيعات التجارة الاجتماعية في الولايات المتحدة ستتجاوز 100 مليار دولار أمريكي العام المقبل، وفقًا لتقديرات من إيماركيتر (EMARKETER)، وهي شركة شقيقة لـ Business Insider. يعزى هذا النمو إلى زيادة شعبية منصات مثل تيك توك، والتي تقدم أدوات تسوق متكاملة.
يأتي هذا الاندفاع في التمويل للشركات الناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتجارة الاجتماعية بعد زخم مماثل في عام 2024، حيث ضخ المستثمرون الأموال في شركات مثل Captions و Flip و OpusClip. وقد تلقت العديد من الشركات الناشئة في هذه المجالات تمويلًا لعامين متتاليين، بما في ذلك ElevenLabs و ShopMy.
أظهر تحليل لبيانات التمويل لعام 2025 من PitchBook ومصادر صناعية أخرى أن 13 شركة ناشئة جمعت 50 مليون دولار أمريكي أو أكثر، بإجمالي تمويل تجاوز 1.9 مليار دولار أمريكي. ركز التحليل على الشركات التي تؤثر بشكل كبير على أعمال المبدعين وعمليات إنشاء المحتوى.
من المتوقع أن يستمر الاستثمار في قطاع اقتصاد المبدعين في النمو في السنوات القادمة، مع التركيز بشكل خاص على الشركات التي تقدم حلولًا مبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتجارة الاجتماعية. ومع ذلك، من المهم مراقبة التطورات التنظيمية والتغيرات في سلوك المستهلك، والتي قد تؤثر على مستقبل هذا القطاع الديناميكي.

