في بداية التعاملات ليوم الأربعاء، شهدت الأسهم الأمريكية تراجعًا ملحوظًا، منهية بذلك عامًا استثنائيًا لوول ستريت، تميز بالتفاؤل الحذر والتقلبات المستمرة. هذا التراجع يأتي في ختام عام حققت فيه الأسواق مكاسب قوية، مدفوعة بالابتكارات التكنولوجية والتحولات الاقتصادية العالمية.
أداء الأسواق في ختام عام 2023
انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.2%، بينما تراجع مؤشر داو جونز الصناعي 111 نقطة، أو ما يعادل 0.2%، ليصل إلى مستوى 10:07 صباحًا بالتوقيت الشرقي. كما انخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.2% أيضًا. هذا التراجع يمثل خروجًا من سلسلة خسائر استمرت ثلاثة أيام، لكنه يأتي في ظل تداول خفيف قبل عطلة رأس السنة الجديدة، حيث من المتوقع إغلاق الأسواق.
مع بقاء يوم تداول واحد فقط قبل نهاية العام، قام معظم المستثمرين الكبار بتصفية مراكزهم الحالية، مما أدى إلى انخفاض حجم التداول بشكل ملحوظ. ومع ذلك، حتى بعد هذا التراجع الطفيف، لا تزال المؤشرات في طريقها لتحقيق مكاسب سنوية قوية.
مكاسب سنوية ملحوظة
من المتوقع أن يرتفع مؤشر S&P 500 بأكثر من 17% هذا العام، مسجلاً بذلك المكاسب السنوية الثالثة على التوالي التي تتجاوز 10%. كما ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 21.3%، في حين حقق مؤشر داو جونز مكاسب بنسبة 13.7%. هذه الأرقام تعكس قوة الأداء العام للأسواق الأمريكية خلال عام 2023.
دور الذكاء الاصطناعي والتقلبات الاقتصادية
جاءت مكاسب وول ستريت في عام 2023 مدفوعة بشكل كبير بالتفاؤل المحيط بالذكاء الاصطناعي وقدرته على تعزيز الأرباح في مختلف القطاعات. لكن السوق لم تخلُ من التقلبات، حيث تأثرت بالرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على السلع المستوردة، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين بشأن مسار أسعار الفائدة.
في الواقع، شهدت الأسواق تراجعًا حادًا في 3 أبريل، حيث انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 5% تقريبًا، وهو أسوأ أداء له منذ انهيار فيروس كورونا في عام 2020. وفي اليوم التالي، انخفض المؤشر بنسبة 6% أخرى، بعد أن أثارت ردة فعل الصين مخاوف من تصاعد الحرب التجارية. كما أثرت هذه المخاوف على سوق سندات الخزانة الأمريكية.
تدخلات حكومية وتخفيضات أسعار الفائدة
لحسن الحظ، قام الرئيس ترامب في نهاية المطاف بتعليق الرسوم الجمركية مؤقتًا وتفاوض على اتفاقيات مع دول مختلفة لخفض معدلات التعريفة الجمركية المقترحة على وارداتها، مما ساعد على تهدئة أعصاب المستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت تقارير الأرباح القوية من الشركات وثلاثة تخفيضات لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في دفع الأسواق إلى الارتفاع.
مخاوف بشأن تقييمات الذكاء الاصطناعي والتضخم
على الرغم من جنون الذكاء الاصطناعي الذي قاد الأسواق في عام 2023، إلا أن هناك مخاوف متزايدة بشأن ما إذا كانت هذه التكنولوجيا ستنتج أرباحًا وإنتاجية كافية لتبرير الاستثمارات الضخمة فيها. قد يؤدي ذلك إلى استمرار الضغط على أسهم شركات الذكاء الاصطناعي مثل Nvidia وBroadcom، والتي كانت مسؤولة عن معظم مكاسب السوق هذا العام.
بالإضافة إلى ذلك، يرى النقاد أن أسهم الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الأسهم الأخرى في السوق، لا تزال باهظة الثمن بعد أن ارتفعت أسعارها بشكل أسرع من الأرباح. علاوة على ذلك، فإن التأثير المستمر للحرب التجارية واسعة النطاق التي تقودها الولايات المتحدة يهدد بإضافة المزيد من الوقود إلى التضخم في الولايات المتحدة، والذي لا يزال أعلى بكثير من هدف البنك المركزي البالغ 2%.
تحديثات سوق العمل وسوق السندات
تراهن وول ستريت على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبقي أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه المقبل في يناير. وقد حصل التجار على تحديث حول حالة سوق العمل يوم الأربعاء، حيث ذكرت وزارة العمل أن عددًا أقل من الأمريكيين تقدموا بطلبات للحصول على إعانة البطالة الأسبوع الماضي، على الرغم من إضعاف سوق العمل.
في سوق السندات، ارتفعت عوائد سندات الخزانة في الغالب. ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.14% من 4.13%، في حين ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل عامين إلى 3.46% من 3.45%.
تقلبات أسعار المعادن الثمينة وأسعار النفط
استمر تداول المعادن الثمينة في التقلب مع اقتراب نهاية العام. عادت الفضة إلى تكبد خسارة كبيرة، حيث خسرت أكثر من 6% في وقت مبكر من يوم الأربعاء بعد مكاسب يوم الثلاثاء بأكثر من 10%. وانخفض الذهب بنسبة 0.6%، لكنه لا يزال مرتفعًا بنسبة 65% في عام 2023.
في أماكن أخرى، أغلقت أسواق الأسهم العالمية بما في ذلك ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية يوم الأربعاء بمناسبة عطلة رأس السنة الجديدة، في حين كانت التداولات متباينة في تلك التي ظلت مفتوحة. ارتفع الخام الأمريكي 39 سنتا إلى 58.34 دولارًا للبرميل، وأضاف خام برنت، المعيار الدولي، 36 سنتا إلى 61.69 دولارًا للبرميل.
الخلاصة
بشكل عام، يمثل عام 2023 عامًا استثنائيًا للأسواق الأمريكية، مدفوعًا بالابتكارات التكنولوجية والتدخلات الحكومية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة، بما في ذلك المخاوف بشأن تقييمات الأسهم والتضخم والحرب التجارية. من المهم للمستثمرين أن يراقبوا هذه التطورات عن كثب وأن يتخذوا قرارات استثمارية مستنيرة. الاستثمار في الأسهم يتطلب دراسة وتحليل دقيقين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة. تابعوا آخر الأخبار والتحليلات الاقتصادية لاتخاذ قرارات استثمارية صائبة.

