مع ازدياد الطلب على الطاقة الكهربائية، تواجه ولاية جورجيا الأمريكية قرارًا حاسمًا يتعلق بمستقبل شبكة الطاقة لديها. فمع تزايد عدد مراكز البيانات، والتهديدات المتزايدة بالفيضانات، تطرح قضية رئيسية: هل يجب الموافقة على استثمار ضخم بقيمة 15 مليار دولار لشركة جورجيا باور لزيادة قدرتها على توليد الكهرباء بنسبة 50% خلال السنوات الست المقبلة، بهدف خدمة هذه المراكز، أم أن هذا يعتبر بناءً مفرطًا قد يثقل كاهل دافعي الضرائب؟ هذا المقال يتناول تفاصيل هذا القرار، وتداعياته المحتملة على المستهلكين، والاقتصاد، ومستقبل الطاقة في جورجيا.

الضغط المتزايد على شبكة الطاقة في جورجيا

يشهد الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة نموًا غير مسبوق منذ عقود، مدفوعًا بشكل أساسي بالتوسع السريع لمراكز البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي، والتقنيات الرقمية الحديثة. وتقف جورجيا في قلب هذه الثورة، حيث تتنافس لجذب استثمارات ضخمة في هذا المجال.

تعتبر شركة جورجيا باور، أكبر شركة تابعة لشركة Southern Co، أن هذا التوسع ضروري لتعزيز اقتصاد الولاية، والمساهمة في مكانة أمريكا الرائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي. وتؤكد الشركة أن هناك عددًا كبيرًا من الشركات المهتمة بالاستثمار في جورجيا، وأن العقود الموقعة أو قيد التفاوض تتطلب كميات هائلة من الطاقة.

هل الاستثمار مبرر أم أنه خطر على المستهلك؟

لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فأسعار الكهرباء أصبحت قضية سياسية حساسة في جورجيا، وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة. هناك معارضة شعبية متزايدة لمراكز البيانات، مدفوعة بالمخاوف من أن المستهلكين العاديين سيتحملون تكاليف تلبية احتياجات الطاقة لشركات التكنولوجيا العملاقة.

يرى تشارلز هوا، المدير التنفيذي لمجموعة باورلاينز، وهي منظمة غير ربحية تعمل على تعزيز المشاركة العامة في تنظيم قطاع الطاقة، أن ما يحدث في جورجيا هو نموذج مصغر لما يجري في جميع أنحاء البلاد. ويشير إلى أن أسعار الكهرباء ترتفع بوتيرة سريعة، بالتزامن مع نمو الطلب على الطاقة.

انتخابات ساخنة وفواتير كهرباء مرتفعة

أظهرت الانتخابات الأخيرة لحكام الولايات في نيوجيرسي وفيرجينيا، وهما ولايتان تشهدان أيضًا نموًا كبيرًا في عدد مراكز البيانات، أن أسعار الكهرباء قضية رئيسية تؤثر على قرارات الناخبين.

وفي ولاية كارولينا الشمالية، أثار الحاكم الديمقراطي جوش شتاين مخاوف مماثلة بشأن مراكز البيانات، كأحد أسباب معارضته لزيادة مقترحة في أسعار الكهرباء. أما في جورجيا، فإن لجنة الخدمة العامة، التي تتكون من خمسة أعضاء جمهوريين، ستتخذ قرارًا بشأن مقترح جورجيا باور بعد فترة شهدت تصويتًا حاسمًا أدى إلى تغييرات في تركيبة اللجنة، بفوز ديمقراطيين على مرشحين جمهوريين.

المخاوف من التسرع في اتخاذ القرار

تخشى بريونتي ماكوركل، من ناخبي الحفاظ على البيئة في جورجيا، من أن يتم التسرع في اتخاذ القرار، وأن يكون بمثابة “هدية أخيرة” من اللجنة الجمهورية بالكامل لشركة جورجيا باور. وتؤكد أن اللجنة لا تستمع إلى مخاوف المواطنين بشأن ارتفاع أسعار الكهرباء.

وتشير التقديرات إلى أن شركة جورجيا باور تتوقع زيادة في الطلب على الكهرباء بنسبة أكبر من أي منطقة أخرى في الولايات المتحدة باستثناء تكساس. وتقدر الشركة أنها تحتاج إلى 10000 ميجاوات من القدرة الجديدة لتلبية هذا الطلب، وأن 80% منها ستستخدم لتشغيل مراكز البيانات. وهذا بالإضافة إلى 3000 ميجاوات تمت الموافقة عليها بالفعل في عام 2024.

من سيدفع الفاتورة؟

السؤال الأهم الذي يطرحه هذا القرار هو: من سيدفع ثمن هذه الاستثمارات الضخمة؟ فإذا لم يتمكن عملاء مراكز البيانات من تغطية التكاليف بالكامل، فقد يضطر المستهلكون الآخرون إلى تحمل العبء.

يرى البعض أن شركة جورجيا باور قد تبالغ في تقدير الطلب على الطاقة، وبالتالي تقوم ببناء بنية تحتية غير ضرورية. في هذه الحالة، قد ترتفع فواتير الكهرباء بشكل كبير، حتى لو لم يتم استخدام هذه القدرة الإضافية بالكامل.

موقف شركة جورجيا باور

تؤكد شركة جورجيا باور أن عملاء مراكز البيانات سيدفعون التكاليف الكاملة لخدمتهم مقدمًا، وأنهم ملتزمون بعقود طويلة الأجل، ويقدمون ضمانات مالية. وتزعم الشركة أن هذا سيحمي المستهلكين من أي زيادات في الأسعار.

أما أعضاء اللجنة، فقد أوصوا بالسماح لشركة جورجيا باور ببناء القدرات الجديدة فقط بعد توقيع العملاء الجدد على عقود محددة. وتهدف هذه التوصية إلى تجنب الموافقة على عقود لمشاريع طاقة جديدة باهظة الثمن، والتي قد لا تكون ضرورية في النهاية.

مستقبل الطاقة في جورجيا على المحك

الخلاف حول هذا المقترح لا يزال مستمرًا، ومن المتوقع أن يتم التوصل إلى تسوية قبل التصويت النهائي في 19 ديسمبر. لكن بغض النظر عن النتيجة، فإن هذا القرار سيحدد مستقبل الطاقة في جورجيا، ويؤثر على حياة الملايين من المستهلكين.

من الضروري أن يتم اتخاذ هذا القرار بعناية، مع الأخذ في الاعتبار جميع العوامل ذات الصلة، بما في ذلك احتياجات الاقتصاد، وحماية المستهلكين، والاستدامة البيئية. يجب أن يكون الهدف هو ضمان توفير طاقة موثوقة وبأسعار معقولة لجميع سكان جورجيا، مع دعم النمو الاقتصادي في الوقت نفسه.

الخلاصة

إن قضية استثمار شركة جورجيا باور في زيادة قدرتها على توليد الكهرباء هي قضية معقدة، تتطلب دراسة متأنية. فبينما يرى البعض أن هذا الاستثمار ضروري لدعم النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، يحذر آخرون من أنه قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، وإثقال كاهل المستهلكين. يجب على لجنة الخدمة العامة أن توازن بين هذه المصالح المتنافسة، وأن تتخذ قرارًا يخدم مصلحة جميع أطراف العلاقة، ويضمن مستقبلًا مستدامًا لـ الطاقة في جورجيا.

شاركها.
Exit mobile version