يشهد قطاع التكنولوجيا استثمارات رأسمالية ضخمة مدفوعة بالشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها OpenAI، وهو اتجاه رئيسي في السوق هذا العام. ومع ذلك، يرى بنك أوف أمريكا أن هذه الدورة من الإنفاق قد تؤدي في النهاية إلى مشاكل للشركات التقنية الكبرى التي تعتمد على خدمات الحوسبة السحابية. يثير هذا التوجه تساؤلات حول الاستدامة المالية لنمو OpenAI، خاصةً مع التزاماتها المالية التي قد تتجاوز الإيرادات المتوقعة.
أبرز البنك الاستثماري مفارقة: ففي حين أن شركات الحوسبة السحابية تتسابق لإبرام صفقات مع OpenAI، إلا أنها أيضًا في منافسة مباشرة معها. تأتي هذه المنافسة في وقت حرج، حيث تسعى OpenAI إلى توسيع نطاق خدماتها وتأثيرها في السوق.
تأثير OpenAI على شركات التكنولوجيا الكبرى
وفقًا لتحليل بنك أوف أمريكا، قد يكون هناك خطر استراتيجي مزدوج يواجه المستثمرين. فإذا نجحت OpenAI، فإنها ستصبح منافسًا أكبر؛ وإذا لم تحقق أهدافها الداخلية، فقد لا تستخدم قدرات الحوسبة السحابية المتعاقد عليها بالكامل، مما يؤدي إلى زيادة العرض وتقليل الإيرادات في قطاع الحوسبة السحابية.
لقد وقعت OpenAI بالفعل صفقات واسعة النطاق مع شركات كبرى مثل مايكروسوفت وجوجل وخدمات أمازون ويب وأوراكل. يرى المحللون أن الدافع وراء هذه الصفقات يمكن تلخيصه في ثلاثة نقاط رئيسية: أهمية دعم نمو الذكاء الاصطناعي في الحوسبة السحابية، إمكانية إبرام شراكات أعمق لدمج نماذج OpenAI المتطورة في منصات الحوسبة السحابية (والتي تعتمد بشكل كبير على صفقة مايكروسوفت)، وأن التعرض لـ OpenAI سيكون محدودًا بأقل من 10٪ من إجمالي إيرادات الحوسبة السحابية.
ومع ذلك، يضيف بنك أوف أمريكا أن OpenAI ستواصل النمو وستصبح في النهاية منافسًا للشركات التقنية الكبرى في كل من أسواق المؤسسات والمستهلكين. يشمل هذا التوسع مجالات مثل الإعلان ومنصات المعاملات الذكية القادرة على إكمال المهام وإجراء عمليات الشراء للمستخدمين.
المنافسة في قطاع الإعلان
لا تقتصر المخاطر على شركات الحوسبة السحابية، بل تمتد أيضًا إلى شركات أخرى في قطاع التكنولوجيا. يتوقع بنك أوف أمريكا أن OpenAI ستنافس على الإنفاق على التسويق والإعلان في المستقبل القريب، مما قد يؤثر سلبًا على الشركات العملاقة مثل ميتا بلاتفورمز ويوتيوب. هذا التوسع في مجال الإعلان يمثل تحولًا استراتيجيًا لـ OpenAI.
تشير التقديرات إلى أن OpenAI تستهدف تحقيق 41 مليار دولار من الإيرادات الجديدة بحلول عام 2030، والتي قد تشمل الإيرادات من الإعلانات والعمولات على التجارة الإلكترونية. يمثل هذا الرقم حوالي 8٪ من التوقعات الصناعية للإعلانات والعمولات على التجارة الإلكترونية في عام 2030.
على الرغم من الفوائد التي حققتها الشراكة مع OpenAI للشركات المذكورة على المدى القصير، مثل الارتفاع السريع في أسعار الأسهم، إلا أن بنك أوف أمريكا لا يزال مقتنعًا بأن OpenAI يجب أن تُعتبر تهديدًا للشركات التقنية الكبرى. تعتبر المخاطر التنافسية في مجالات البحث والتجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي للمؤسسات أكبر من المخاطر المحدودة المتعلقة بإيرادات الحوسبة السحابية (حيث تمثل OpenAI أقل من 5٪ من إيرادات خدمات أمازون ويب).
الذكاء الاصطناعي والاستثمار الرأسمالي
يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي حاليًا طفرة في الاستثمار الرأسمالي، مدفوعة بالسباق نحو تطوير نماذج لغوية كبيرة (LLMs) مثل تلك التي طورتها OpenAI. هذا الاستثمار يركز بشكل كبير على بناء البنية التحتية للحوسبة اللازمة لتشغيل هذه النماذج، بما في ذلك مراكز البيانات ووحدات معالجة الرسومات (GPUs). الاستثمار في الذكاء الاصطناعي هو محرك رئيسي للنمو في قطاع التكنولوجيا.
تعتبر OpenAI مثالًا بارزًا على هذا الاتجاه، حيث قامت بجمع مليارات الدولارات من المستثمرين، بما في ذلك مايكروسوفت، لتمويل تطوير نماذجها اللغوية الكبيرة. ومع ذلك، فإن قدرة OpenAI على تحقيق عائد على هذا الاستثمار لا تزال غير مؤكدة. هناك قلق متزايد من أن OpenAI قد تنفق الأموال بسرعة كبيرة دون تحقيق إيرادات كافية لتبرير هذا الإنفاق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي تزداد حدة، حيث تستثمر شركات كبرى مثل جوجل وميتا وأمازون أيضًا بكثافة في تطوير نماذجها الخاصة. هذا يعني أن OpenAI ستواجه تحديًا كبيرًا في الحفاظ على مكانتها الرائدة في السوق.
في الختام، من المتوقع أن يستمر الاستثمار الرأسمالي في قطاع الذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة في الأشهر والسنوات القادمة. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الوضوح بشأن قدرة الشركات مثل OpenAI على تحقيق عائد على هذا الاستثمار. سيكون من المهم مراقبة تطورات السوق عن كثب، بما في ذلك التقدم المحرز في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة، وتغيرات في المشهد التنافسي، والتطورات التنظيمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.


