مع تزايد قدرات الذكاء الاصطناعي، يرى الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، أن الاعتماد على الذكاء البشري وحده لن يكون كافيًا لتحقيق النجاح في بيئة العمل. وأشار إلى أن الذكاء العاطفي، أو ما يعرف بـ الذكاء العاطفي، يكتسب أهمية متزايدة مع تولي الذكاء الاصطناعي المهام التقنية بشكل متزايد. جاءت تصريحات ناديلا خلال محادثة مع الرئيس التنفيذي لشركة أكسل سبرينجر، ماتياس دوفنر.
وأكد ناديلا اتفاقه مع دوفنر على أن معدل الذكاء (IQ) له مكانه، لكنه ليس العامل الوحيد المحدد للنجاح. وأضاف أن القادة تحديدًا يحتاجون إلى التوازن بين الذكاء العاطفي والقدرات التحليلية، مؤكدًا أن الذكاء العاطفي هو المفتاح لتحقيق الاستفادة القصوى من القدرات الذهنية، وأن الافتقار إليه يمثل إهدارًا للجهود.
أهمية الذكاء العاطفي في عصر الذكاء الاصطناعي
وركز ناديلا على أهمية الذكاء الاجتماعي أيضًا، مشددًا على أن التعاطف لم يعد مجرد مهارة “ناعمة” بل هو عنصر أساسي في النجاح التجاري. تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العديد من الشركات تحولًا رقميًا متسارعًا، ما يزيد من الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف العمليات.
وبخصوص عودة الموظفين إلى المكاتب، أوضح ناديلا أن هذا القرار يتعلق بشكل كبير بأهمية التعاون البشري في ظل التطورات التكنولوجية. يرى أن مكان العمل المادي هو “أفضل أداة للتعاون”، مع التأكيد على عدم رغبته في اتباع نهج “متصلب” فيما يتعلق بتنفيذ هذه السياسات.
وتزامن هذا الحديث مع إعادة هيكلة كبيرة في فريق القيادة في مايكروسوفت، تهدف إلى تعزيز قدرة الشركة على المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد تم تعيين رولف هارمز كمستشار خاص للاقتصاد فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، مستفيدين من خبرته السابقة في قيادة مايكروسوفت نحو النجاح في مجال الحوسبة السحابية. تسعى مايكروسوفت حاليًا إلى تطوير “الذكاء الاصطناعي الفائق”، وهو تقنية قادرة على التفوق على البشر في مجموعة واسعة من المهام المعقدة.
تأثير الأتمتة على سوق العمل
على الرغم من هذه التطورات، قامت مايكروسوفت بتسريح الآلاف من الموظفين هذا العام، كجزء من جهودها لتبسيط العمليات وزيادة الكفاءة. وذكر متحدث باسم الشركة أن معظم عمليات التسريح لم تكن مبنية على تقييم الأداء، بل كانت تهدف إلى إعادة هيكلة الشركة. يمثل هذا التوجه جزءًا من اتجاه أوسع في سوق العمل، حيث تقوم الشركات بتقييم دور الموظفين في ظل التقدم السريع للأتمتة والذكاء الاصطناعي.
تزداد قيمة المهارات “الناعمة” مثل حل المشكلات، والذكاء العاطفي، والإبداع في العديد من أماكن العمل، مع تفويض المزيد من المسؤوليات التقنية للذكاء الاصطناعي. ويشير خبراء تحويل مكان العمل إلى أن هذه المهارات ستكون حاسمة في المستقبل، حيث يركز الموظفون على المهام التي تتطلب التفكير النقدي والتواصل الفعال والقدرة على التكيف.
ويأتي التركيز على الذكاء العاطفي بالتوازي مع مبادرات أخرى لتعزيز مهارات المستقبل لدى القوى العاملة، خاصةً وأن الذكاء الاصطناعي سيغير طبيعة الوظائف المتوفرة. تستثمر العديد من الشركات الآن في برامج تدريبية تهدف إلى تطوير هذه المهارات لدى موظفيها.
أشار ناديلا أيضًا إلى أن تطوير الذكاء الاصطناعي يتطلب فهمًا عميقًا للاقتصاد المرتبط به، وهو ما يوضحه تعيين هارمز كمستشار. فالاستثمار في اقتصاد الذكاء الاصطناعي هو أمر ضروري لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا.
من المتوقع أن يستمر التركيز على تطوير الذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية في الشركات، تزامنًا مع التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي. سيعد تقييم هذه المهارات جزءًا أساسيًا من عملية التوظيف وتقييم الأداء. وينبغي على الموظفين التركيز على تطوير هذه المهارات لضمان بقائهم على صلة بسوق العمل المتغير.
في الختام، يتضح أن مستقبل العمل يعتمد بشكل متزايد على التكامل بين القدرات التقنية والذكاء العاطفي. وبينما تتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي المهام الروتينية، سيظل البشر مسؤولين عن المهام التي تتطلب الإبداع والتعاطف والمهارات الاجتماعية. من المنتظر أن تحدد مايكروسوفت المزيد من التفاصيل حول استراتيجيتها الجديدة للذكاء الاصطناعي وتأثيرها المحتمل على القوى العاملة في الأشهر القادمة، وهو ما يجب مراقبته عن كثب.
