يتجه مايكروسوفت إلى إعادة التفكير بشكل جذري في نموذج أعمالها في عصر الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال الاستعانة بخبير كان له تأثير كبير في التحول السحابي للشركة قبل 15 عامًا. وقد كلف ساتيا نادلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، رولف هارمس كمستشار في اقتصاديات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في هذه الخطة الطموحة، وفقًا لما جاء في مذكرة أرسلها نادلا إلى كبار المسؤولين التنفيذيين في مايكروسوفت هذا الشهر.

كتب هارمس ورقة بحثية بعنوان “اقتصاديات الحوسبة السحابية” في عام 2010، ساهمت في إحداث تحول ثقافي داخل مايكروسوفت ومهدت الطريق لنجاح الشركة في مجال الحوسبة السحابية. وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه شركات الذكاء الاصطناعي تساؤلات متزايدة حول ما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية ستؤتي ثمارها.

إعادة التفكير في نموذج الأعمال في عصر الذكاء الاصطناعي

أكد نادلا في المذكرة أن مايكروسوفت بحاجة إلى إعادة التفكير بسرعة في الجوانب الاقتصادية الجديدة للذكاء الاصطناعي عبر الشركة، تمامًا كما فعلت مع الحوسبة السحابية في السابق. وأشار إلى أن هذا التحول يركز على بناء “مصنع ذكاء اصطناعي” وعائلة من المساعدين الرقميين (Copilots) والوكلاء الذين يدفعون الانتشار والاستخدام عبر المجموعة الكاملة من التقنيات.

في وقت سابق من هذا العام، خفضت مايكروسوفت من وتيرة إنفاقها على الذكاء الاصطناعي، مما أثار مخاوف بشأن التزام الشركة بهذا المجال. ومع ذلك، في الأسابيع الأخيرة، عززت الشركة استثماراتها من خلال صفقات كبيرة مع OpenAI و Anthropic. هذه الديناميكية تشبه إلى حد كبير الأيام الأولى للحوسبة السحابية، حيث استثمرت شركات التكنولوجيا الكبرى مبالغ طائلة في بناء مراكز البيانات على الرغم من عدم اليقين بشأن العائد على الاستثمار.

أهمية ورقة “اقتصاديات الحوسبة السحابية”

وصف نادلا الورقة البحثية التي كتبها هارمس بأنها كان لها “تأثير عميق على كيفية إعادة التفكير بشكل كامل في نماذج أعمالنا”. وقد اعتبرت الورقة نقطة تحول في مجال الحوسبة السحابية، حيث قدمت حجة قوية للاستثمارات التي قامت بها مايكروسوفت من خلال تحليل الأرقام لإظهار كيف يمكن للعملاء في النهاية استخدام الخدمات السحابية واسعة النطاق لتوفير المال، على الرغم من المخاوف بشأن الأمان والتوافر.

وفقًا لنادلا، كان بعض الموظفين في مايكروسوفت يشتكون من أن هارمس كان “يرمي قنابل في مؤسساتهم”. إلا أن رد هارمس كان: “إنها موجودة بالفعل، أنا فقط أساعدكم في العثور عليها”. ويرى نادلا أن هذا هو نفس النهج الذي يجب اتباعه اليوم مع تزايد كثافة رأس المال والمعرفة في مجال الأعمال.

سيحتاج الذكاء الاصطناعي إلى إعادة هيكلة مماثلة، ولهذا السبب يقوم نادلا بتوسيع دور هارمس ليشمل العمل بشكل وثيق مع كبار المسؤولين التنفيذيين في مايكروسوفت، وتقديم المشورة لهم حول كيفية التكيف مع الجوانب الاقتصادية الجديدة للذكاء الاصطناعي، بدءًا من البنية التحتية وصولًا إلى تكنولوجيا المنصات والتطبيقات. الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا وفرصة في آن واحد.

يعمل هارمس حاليًا كنائب رئيس للشركة في قسم السحابة والذكاء الاصطناعي (Cloud + AI) تحت قيادة سكوت غوثري، وسيستمر في الإبلاغ إليه. وسيتم توسيع نطاق عمل هارمس ليشمل ما هو أبعد من البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، حيث ستتغير الفئات الحالية وستظهر فئات جديدة مع هذا التحول، وفقًا لما ورد في مذكرة نادلا.

لم تصدر مايكروسوفت أي تعليق رسمي بشأن المذكرة. التحول الرقمي والحوسبة السحابية هما أساس هذه التغييرات.

من المتوقع أن يقدم هارمس تقريرًا أوليًا عن تحليله للاقتصاديات الجديدة للذكاء الاصطناعي في الربع الأول من عام 2024. سيشمل التقرير توصيات حول كيفية تحسين تخصيص الموارد وتحديد فرص النمو الجديدة. ومع ذلك، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مدى سرعة تبني الشركات للذكاء الاصطناعي، وهو ما قد يؤثر على فعالية هذه الاستراتيجية. من المهم مراقبة تطورات السوق والاستثمارات المنافسة في هذا المجال.

شاركها.
Exit mobile version