في تطورات لافتة للنظر في عالم التكنولوجيا والسياسة، التقى الرئيس التنفيذي لشركة نفيديا، جنسن هوانغ، يوم الأربعاء بالرئيس السابق دونالد ترامب وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين. يأتي هذا اللقاء في ظل سعي شركات الذكاء الاصطناعي (AI) إلى ضمان سياسات فيدرالية تدعم نموها، بما في ذلك قضية حساسة تتعلق ببيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة لمنافسين مثل الصين. هذا الموضوع يثير جدلاً واسعاً حول الأمن القومي والمنافسة التكنولوجية العالمية.
لقاءات مكثفة في الكابيتول هيل: نفيديا تسعى لتشكيل السياسات
شهدت الكابيتول هيل يوم الأربعاء سلسلة من الاجتماعات المغلقة التي جمعت جنسن هوانغ بالمسؤولين الجمهوريين، وتحديداً أعضاء اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ. هذه اللقاءات تأتي في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا ضغوطاً متزايدة واستثمارات ضخمة، بالإضافة إلى توقعات جريئة حول الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي. هوانغ، كغيره من قادة وادي السيليكون، يحذر من أن أي قيود صارمة على التكنولوجيا قد تعيق التقدم، على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن تستخدمه دول أخرى.
موازنة بين الأمن القومي والمنافسة العالمية
أكد هوانغ للصحفيين قبل اجتماعه في الكابيتول هيل على دعمه لـ “الرقابة على الصادرات”، مع التشديد على ضرورة “ضمان حصول الشركات الأمريكية على الأفضل والأكثر والأسبقية”. لكنه أضاف أنه يشارك القلق بشأن بيع رقائق الذكاء الاصطناعي للصين، معتبراً أن القيود الحالية لم تنجح في إبطاء تقدم الصين في هذا المجال.
“نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على المنافسة في جميع أنحاء العالم”، صرح هوانغ، مضيفاً: “الشيء الوحيد الذي لا يمكننا فعله هو أننا لا نستطيع تحلل الرقائق التي نبيعها للصين. لن يقبلوا ذلك. هناك سبب لعدم قبولهم ذلك، ولذا يجب علينا أن نقدم أكثر الرقائق قدرة على المنافسة إلى السوق الصينية.” هذا التصريح يعكس التحدي الذي تواجهه الشركات الأمريكية في تحقيق التوازن بين حماية مصالحها التجارية والحفاظ على الأمن القومي.
صفقة ترامب المثيرة للجدل وتداعياتها
في مايو الماضي، اتخذت إدارة ترامب خطوة مفاجئة بعكس قيود فرضتها إدارة بايدن على تصدير رقائق نفيديا وغيرها من الشركات إلى مجموعة واسعة من الدول. وفي أغسطس، أعلنت البيت الأبيض عن اتفاق غير تقليدي يسمح لشركة نفيديا وشركة Advanced Micro Devices ببيع رقائقها في السوق الصينية، مقابل حصول الحكومة الأمريكية على نسبة 15٪ من المبيعات.
هذا الاتفاق أثار انقساماً بين المشرعين في الكابيتول هيل، حيث يوجد دعم واسع النطاق لفرض ضوابط على صادرات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. يعتبر الكثيرون أن بيع الرقائق المتقدمة للصين يمثل تهديداً للأمن القومي، خاصة وأن الصين تعتبر المنافس الرئيسي للولايات المتحدة في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي.
ردود فعل متباينة من أعضاء مجلس الشيوخ
تباينت ردود فعل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين حضروا الاجتماع مع هوانغ. وصف بعضهم الاجتماع بأنه “إيجابي ومثمر”، معربين عن انفتاحهم على مجموعة واسعة من السياسات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. السيناتور مايك راوندز من داكوتا الجنوبية، اعتبر أن المناقشة كانت “صحية للغاية”، وأشار إلى أن هوانغ أدرك أهمية ضوابط التصدير للأمن القومي.
بينما كان آخرون أكثر تشككاً في موقف هوانغ. السيناتور جون كينيدي من لويزيانا، وهو عضو في اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ، غاب عن الاجتماع تماماً، معتبراً أن هوانغ ليس “مصدراً موضوعياً وموثوقاً” بشأن مسألة بيع الرقائق للصين. وأضاف أن هوانغ يضع مصالحه التجارية فوق كل اعتبار.
إحباط الديمقراطيين واستمرار الجدل
أعرب بعض الديمقراطيين عن إحباطهم لاستبعادهم من الاجتماع مع هوانغ. السيناتور إليزابيث وارين، العضو البارز في اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ، انتقدت هوانغ لـ “الضغط على الجمهوريين سراً” بدلاً من شرح موقفه علناً. وطالبت بأن يشهد هوانغ في جلسة استماع عامة بالكونجرس للإجابة على أسئلة حول دوافع شركته وتأثير بيع الرقائق للصين على الشركات الأمريكية.
الجدل حول رقائق الذكاء الاصطناعي وتصديرها إلى الصين مستمر، ومن المتوقع أن يشهد تطورات جديدة في الأشهر القادمة. هذه القضية تمثل تحدياً كبيراً لواضعي السياسات، الذين يسعون إلى تحقيق التوازن بين تعزيز الابتكار التكنولوجي وحماية الأمن القومي. كما أنها تسلط الضوء على الدور المتزايد الذي تلعبه الشركات التكنولوجية في تشكيل السياسات العامة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مستقبل الذكاء الاصطناعي نفسه، بما في ذلك التنظيم المحتمل، يظل موضوعاً رئيسياً للنقاش في الكونجرس، حيث تم اقتراح العديد من مشاريع القوانين هذا العام لتنظيم تأثيره على مختلف الصناعات. ومع استمرار تطور التكنولوجيا، من المرجح أن تزداد أهمية هذه المناقشات.

