ألمانيا تستدعي السفير الروسي على خلفية اتهامات بالتخريب والتدخل في الانتخابات، وتكشف عن حملات تضليل واسعة النطاق. يأتي هذا الإجراء في ظل تصاعد التوترات بين برلين وموسكو، وتأكيد ألمانيا على حماية مؤسساتها الديمقراطية من أي تهديدات خارجية. وتعتبر هذه الخطوة تصعيدًا دبلوماسيًا هامًا في سياق الحرب الهجينة التي تتهم ألمانيا روسيا بشنها.
تصعيد دبلوماسي: استدعاء السفير الروسي وتوجيه الاتهامات
في خطوة تعكس قلقًا عميقًا، استدعت ألمانيا السفير الروسي في برلين يوم الجمعة، وذلك ردًا على اتهامات بالتخريب والتدخل في الانتخابات، بالإضافة إلى حملات تضليل منظمة. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، مارتن جيزه، أن هذه الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل تهدف إلى تقسيم المجتمع، وإثارة الشكوك، وتقويض الثقة في المؤسسات الديمقراطية الألمانية.
وأضاف جيزه أن هذه الأنشطة ليست معزولة، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تتبعها روسيا لزعزعة الاستقرار في ألمانيا وأوروبا بشكل عام. وتأتي هذه الاتهامات في وقت تشهد فيه العلاقات بين ألمانيا وروسيا تدهورًا ملحوظًا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU) متهمة بالوقوف وراء الهجمات
كشفت الخارجية الألمانية أن وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية، المعروفة باسم GRU، هي المسؤولة عن الهجوم الإلكتروني الذي استهدف مراقبة الحركة الجوية الألمانية في عام 2024. وأوضحت أن مجموعة القراصنة APT28، والتي يُعرف عنها أيضًا باسم Fancy Bear، نفذت الهجوم بتوجيه من GRU.
هذه المجموعة تحديدًا ليست جديدة على الساحة الدولية، حيث سبق وأن ربطتها أجهزة الاستخبارات الغربية باختراقات سيبرانية واسعة النطاق، بما في ذلك الهجمات التي استهدفت الانتخابات الأمريكية عام 2016، والتي يُزعم أنها ساعدت دونالد ترامب من خلال تسريب رسائل بريد إلكتروني للحزب الديمقراطي. التدخل الروسي في الانتخابات أصبح مصدر قلق متزايد للدول الديمقراطية حول العالم.
حملة “العاصفة 1516”: محاولة لزعزعة الانتخابات الألمانية
لم تقتصر محاولات GRU على الهجمات الإلكترونية، بل امتدت لتشمل حملة تضليل واسعة النطاق تهدف إلى التأثير على الانتخابات الفيدرالية الأخيرة في ألمانيا. وقد أطلق على هذه الحملة اسم “العاصفة 1516”.
ووفقًا للمحققين الألمان، قامت الحملة بنشر استطلاعات رأي زائفة، وتسلسلات صور مفبركة، ومواقع إخبارية وهمية، وإفادات شهود ملفقة على مختلف المنصات الرقمية. تهدف هذه الأساليب إلى تضليل الناخبين والتأثير على قراراتهم، وبالتالي تقويض العملية الديمقراطية. حرب المعلومات هذه تمثل تحديًا كبيرًا للدول الديمقراطية.
الإجراءات المضادة الألمانية
أكدت الحكومة الألمانية أنها ستواجه هذه الأنشطة العدوانية بسلسلة من الإجراءات المضادة. وقال جيزه: “تدين الحكومة الألمانية بأشد العبارات الهجمات المتكررة وغير المقبولة التي تشنها الجهات الروسية التي تسيطر عليها الدولة”. وأضاف أن ألمانيا ستواصل دعمها لأوكرانيا وتعزيز قدراتها الدفاعية.
تجميد الأصول الروسية في أوروبا ودعم أوكرانيا
بالتزامن مع استدعاء السفير الروسي، اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوة حاسمة بتجميد الأصول الروسية في أوروبا إلى أجل غير مسمى. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان عدم تمكن دول مثل المجر وسلوفاكيا، والتي تعتبر صديقة لموسكو، من عرقلة استخدام هذه الأصول لتمويل دعم أوكرانيا.
ويعتبر هذا التجميد آلية خاصة مصممة للتعامل مع حالات الطوارئ الاقتصادية، وسيستمر حتى تتخلى روسيا عن حربها على أوكرانيا وتعوضها عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بها. ومن المتوقع أن يسمح هذا الإجراء لزعماء الاتحاد الأوروبي بالعمل على تخصيص عشرات المليارات من اليورو من الأصول الروسية لتقديم قروض ضخمة لمساعدة أوكرانيا على تلبية احتياجاتها المالية والعسكرية على مدى العامين المقبلين. الأمن الأوروبي يعتمد بشكل كبير على دعم أوكرانيا.
الخلاصة: مواجهة التحديات الهجينة وحماية الديمقراطية
إن استدعاء السفير الروسي وتوجيه الاتهامات بالتخريب والتدخل في الانتخابات يمثلان تصعيدًا كبيرًا في التوترات بين ألمانيا وروسيا. وتؤكد هذه الخطوة على تصميم ألمانيا على حماية مؤسساتها الديمقراطية من أي تهديدات خارجية، ومواجهة التحديات الهجينة التي تفرضها روسيا.
من خلال اتخاذ إجراءات مضادة قوية، وتجميد الأصول الروسية، ودعم أوكرانيا، تسعى ألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى إرسال رسالة واضحة إلى موسكو مفادها أن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الديمقراطية لن يتم التسامح معه. ندعو القراء إلى متابعة التطورات المتعلقة بهذا الموضوع، والتعبير عن آرائهم حول أفضل السبل لحماية الديمقراطية في مواجهة التحديات المتزايدة. شاركوا هذا المقال مع أصدقائكم وعائلاتكم لزيادة الوعي حول هذه القضية الهامة.

