في تطور لافت، يبدو أن رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون يضع عراقيل أمام الجهود المبذولة لحظر تداول الأسهم على المشرعين. وتأتي تصريحات جونسون هذه في وقت يتزايد فيه الضغط العام والسياسي للحد من التداخلات المحتملة بين المصالح الشخصية وواجباتهم العامة. هذا الموضوع، تداول أسهم أعضاء الكونجرس، يثير جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة ويثير تساؤلات حول الشفافية والنزاهة في العملية التشريعية.
جونسون يتردد في حظر تداول الأسهم للمشرعين
أدلى جونسون بتصريحات لصحيفة “Punchbowl News” يوم الأربعاء، اقترح فيها أن على المشرعين الاحتفاظ بحقهم في امتلاك الأسهم. ودافع عن موقفه بالقول إن منعهم من القيام بذلك قد يثبط عزيمة الأفراد المؤهلين عن الترشح للكونجرس. وأشار إلى أن “عدم رغبة في خلق المزيد من العوائق أمام الأشخاص الجيدين الذين يسعون لتولي المناصب”.
مع ذلك، شدد جونسون على معارضته لأي “تلاعب بالنظام” أو “استغلال للمنصب من قبل الأفراد”. وأضاف أن هناك “طرقًا أخرى لمعالجة هذه المشكلات مع الحفاظ على الحقوق القانونية للأعضاء”.
هذا التردد يمثل تحولًا طفيفًا عن تصريحات سابقة أدلى بها جونسون، حيث أعرب في وقت سابق من هذا العام عن دعمه لحظر تداول الأسهم بين المشرعين. وكان قد صرح قائلاً: “أنا أؤيد ذلك، لأنني لا أعتقد أنه يجب أن يكون هناك أي مظهر من مظاهر المخالفات”.
مبادرة جمهورية لفرض حظر على التداول
تصريحات جونسون تأتي في خضم جهود حثيثة تبذلها النائبتان الجمهوريتان آنا بولينا لونا من فلوريدا وتيم بيرتشيت من تينيسي لفرض تصويت على مشروع قانون يهدف إلى حظر تداول الأسهم على أعضاء الكونجرس.
ويحظى مشروع القانون هذا بدعم من ائتلاف واسع من المشرعين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وينص مشروع القانون على إلزام الأعضاء الحاليين في الكونجرس ببيع جميع ممتلكاتهم من الأسهم الفردية في غضون 180 يومًا من إقرار القانون، بينما يتعين على الأعضاء الجدد القيام بذلك في غضون 90 يومًا.
بالإضافة إلى ذلك، يشمل الحظر أزواج وأبناء أعضاء الكونجرس المعالين. ومع ذلك، سيظل بإمكانهم الاستثمار في صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) والصناديق المشتركة وغيرها من الأدوات المالية ذات الملكية الواسعة. ويأتي هذا الإجراء كجزء من جهود الشفافية المالية التي تسعى لتجنب أي تضارب محتمل في المصالح.
“التماس الإفراج” و التحدي السياسي
تستخدم لونا وبيرتشيت ما يعرف بـ “التماس الإفراج” (discharge petition)، وهو إجراء يسمح بإجراء تصويت على مشروع قانون حتى في حالة معارضة رئيس المجلس. ويتطلب هذا الإجراء الحصول على توقيعات 218 عضوًا أو أكثر من أعضاء مجلس النواب.
حتى الآن، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت النائبتان ستتمكنان من جمع العدد المطلوب من التوقيعات. ويتوقع جونسون أنهما لن تنجحا في ذلك، مشيرًا إلى أنه يجب “ترك العملية تسير على طبيعتها”. وأعرب عن ثقته في أن “هناك أشخاصًا جيدين يعملون على هذا الأمر، وسنتوصل إلى حل يرضي الجميع”.
موقف الديمقراطيين الداعم للحظر
على الطرف الآخر، يعرب الديمقراطيون عن دعمهم الكبير لحظر تداول الأسهم على أعضاء الكونجرس. وفي مؤتمر صحفي عقد يوم الاثنين، صرح زعيم الأقلية في مجلس النواب، هاكيم جيفريز، بأن الديمقراطيين “يدعمون بشكل كبير حظر تداول الأسهم من قبل أعضاء الكونجرس”.
ومع ذلك، أقر جيفريز بأن معارضة الجمهوريين قد تعيق إقرار هذا الحظر، وأشار إلى أنه قد يضطر الديمقراطيون إلى الانتظار حتى يستعيدوا السيطرة على مجلس النواب لتحقيق ذلك. يرى الكثيرون أن هذا التشريع يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الثقة العامة في المؤسسات الحكومية.
الآثار المترتبة على مستقبل التشريع
إن موقف جونسون المتغير بشأن حظر تداول الأسهم يلقي بظلال من الشك على مستقبل هذا التشريع. وبينما يبدو أن هناك إرادة سياسية متزايدة للحد من التداخلات المحتملة بين المصالح الشخصية والواجبات العامة، فإن معارضة رئيس المجلس قد تعيق تحقيق ذلك.
إن نجاح مبادرة لونا وبيرتشيت في جمع التوقيعات اللازمة لفرض تصويت على مشروع القانون سيعتمد على قدرتهما على إقناع عدد كافٍ من الجمهوريين بتجاوز معارضة جونسون. ويجب التأكيد على أهمية حماية نزاهة العملية التشريعية و ضمان خلوها من أي تأثير غير مبرر للمصالح الخاصة.
ختامًا، يبقى مستقبل حظر تداول الأسهم على أعضاء الكونجرس غير واضح. إلا أن الضغط العام والسياسي المتزايد قد يدفع في النهاية إلى اتخاذ إجراءات للحد من هذه الممارسة المثيرة للجدل. من المهم متابعة التطورات القادمة لمعرفة ما إذا كان الكونجرس الأمريكي سينجح في إقرار هذا القانون التاريخي أم لا.

