في تطور مثير للجدل، أعلن لاري سامرز، وزير الخزانة الأمريكي السابق، استقالته من منصبه التدريسي في جامعة هارفارد، وذلك بعد الكشف عن علاقاته بـ جيفري إبستين، المدان بجرائم sex trafficking. لم تنتهِ التداعيات عند هذا الحد، إذ أن القضية لا تزال تلقي بظلالها على قاعات الدراسة التي كان سامرز يدرّس فيها. هذا الحدث يثير تساؤلات حول مسؤولية الشخصيات العامة وعواقب ارتباطهم بشخصيات مثيرة للجدل.
استقالة سامرز وتصاعد الجدل
جاء إعلان سامرز بعد أيام من نشر رسائل بريد إلكتروني تكشف عن تبادله الرسائل مع إبستين لسنوات، بما في ذلك طلب سامرز نصيحة من إبستين حول كيفية التقرب من امرأة كان يقوم بتوجيهها. وقد أثارت هذه الرسائل غضبًا واسعًا في أوساط الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في هارفارد، مما دفع إلى المطالبة بتحقيق شامل في الأمر.
في أحد الفصول الدراسية التي كان يشرف عليها سامرز، وأثناء حديث أحد الأساتذة مع الطلاب عن استقالته، قاطع أحد الطلاب قائلاً: “لن نشتاق إليه!” بينما عبّر طالب آخر عن معارضته لهذا الرأي. وتجاهل الأستاذ هذه التعليقات، وقام بتقديم الضيف المتحدث في ذلك اليوم: رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.
ردود الفعل الطلابية وتصاعد المطالبات
انتشر مقطع الفيديو الذي يوثق هذا الموقف بسرعة على تطبيق TikTok، حيث حقق أكثر من 4.3 مليون مشاهدة في غضون 24 ساعة. وقد أثار هذا الانتشار غضبًا أكبر بين الطلاب، مما أدى إلى إطلاق حملة على الإنترنت تطالب جامعة هارفارد بإقالة سامرز من منصبه كأستاذ دائم، وقطع جميع العلاقات مع إبستين.
وقد أطلقت مجموعة “Harvard Feminist Collective” (الهيئة النسوية في هارفارد) عريضة إلكترونية تدعو إلى تحقيق هذه المطالب. وقالت جيسيكا وانغ، إحدى منظمات المجموعة: “على الرغم من أن استقالة سامرز من التدريس خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنه لا يزال أستاذًا دائمًا في هارفارد، مما يعني أنه يمكنه العودة إلى التدريس بعد عام أو عامين. يجب على الجامعة قطع جميع العلاقات مع سامرز وإقالته من منصبه لإظهار موقفها القوي ضد العنف والتحرش الجنسي.” وتعتبر قضية العنف الجنسي والتحرش من القضايا الحساسة التي تثير اهتمامًا كبيرًا في المجتمع الأكاديمي.
خلفية قضية إبستين وتداعياتها
جيفري إبستين كان финансист أمريكيًا أدين بجرائم sex trafficking، وانتحر في السجن عام 2019 قبل بدء محاكمته. وقد كشفت التحقيقات عن علاقات واسعة لإبستين بشخصيات بارزة في مجالات السياسة والأعمال والترفيه، بما في ذلك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وقد أدت هذه الكشفات إلى مطالبات بإتاحة جميع الوثائق المتعلقة بالتحقيق في جرائم إبستين للجمهور. وفي الأسبوع الماضي، نشرت لجنة الرقابة في مجلس النواب الأمريكي رسائل بريد إلكتروني خاصة لإبستين مع العديد من الشخصيات البارزة، بما في ذلك كاثرين رويملر، المحامية البارزة في شركة Goldman Sachs، ولاري سامرز.
اعتراف سامرز وتحفظ الجامعة
أعرب سامرز عن “خجله العميق” من أفعاله، واعتذر عن “الألم الذي تسبب به”. وقال في بيان لصحيفة Business Insider: “أتحمل المسؤولية الكاملة عن قراري الخاطئ بمواصلة التواصل مع السيد إبستين.”
في المقابل، رفضت جامعة هارفارد التعليق على الموضوع. ولم تصدر أي بيانات رسمية بشأن المطالب الموجهة لإقالة سامرز أو إجراء تحقيق في العلاقات بين الجامعة وإبستين. هذا الصمت يزيد من حدة الانتقادات الموجهة للجامعة ويتهمها بالتقاعس عن اتخاذ موقف واضح في قضية الاستغلال والسلطة.
تطورات مستقبلية
من المتوقع أن تستمر الضغوط على جامعة هارفارد لاتخاذ إجراءات حاسمة بشأن قضية سامرز وإبستين. وربما تؤدي هذه الضغوط إلى إجراء تحقيق داخلي في العلاقات بين الجامعة وإبستين، والنظر في إمكانية إقالة سامرز من منصبه كأستاذ دائم.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه القضية إلى إعادة تقييم دور الشخصيات العامة ومسؤولياتهم تجاه المجتمع، وكيفية التعامل مع العلاقات المثيرة للجدل. وبشكل عام، تساهم هذه القضية في رفع مستوى الوعي حول قضايا العنف الجنسي والاستغلال والسلطة، وتأثيرها على الأفراد والمؤسسات.

