في تطور لافت، طالب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، بمراجعة رخصة بث شبكة “ABC News” وسحبها، وذلك على خلفية سؤال طرحته مراسلة الشبكة حول ملفات “إبستين”. يأتي هذا التصعيد في خضم جدل متزايد حول إطلاق هذه الملفات وتأثيرها المحتمل. ويعكس هذا الحدث التوتر المستمر بين الإدارة الأمريكية السابقة ووسائل الإعلام، كما يسلط الضوء على مسألة حرية الصحافة والرقابة الإعلامية.
دعوة ترامب لسحب رخصة ABC News: ما القصة؟
أدلى ترامب بهذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي في المكتب البيضاوي، حيث استقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وأعرب ترامب عن استيائه الشديد من تغطية الشبكة، واصفًا إياها بـ “الخبر الكاذب” و”غير الموثوقة”. وأضاف أن الشبكة “سلبية بنسبة 97٪ تجاه ترامب”، وطالب رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، بريندان كار، بـ”إلقاء نظرة” على إمكانية سحب رخصة البث الخاصة بـ ABC News.
الموقف تصاعد بعد أن سألت مراسلة الشبكة ترامب عن سبب عدم إصداره أمرًا بإفراج عن ملفات “إبستين” على الرغم من دعوته أعضاء الكونجرس للتصويت على مشروع قانون يجبر إدارته على القيام بذلك. كما سألت المراسلة ولي العهد السعودي عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي. وادعى ترامب أن المراسلة كانت تحاول “إحراج” ولي العهد.
الجدل حول ملفات إبستين وتصاعد الضغوط
ملفات “إبستين” تشير إلى الوثائق المتعلقة بالتحقيق في شبكة الاعتداءات الجنسية التي تورط فيها الملياردير المالي جيفري إبستين. وقد أثارت هذه الملفات جدلاً واسعًا، حيث يتوقع الكثيرون أن تكشف عن أسماء شخصيات بارزة متورطة في القضية.
تصريحات ترامب جاءت قبيل تصويت متوقع في مجلس النواب لإجبار إدارته على الكشف عن هذه الملفات. على الرغم من أنه حاول في البداية عرقلة هذا المسعى، إلا أنه عاد لاحقًا وأعلن أنه سيوقع على مشروع القانون إذا أقره مجلس الشيوخ. هذا التحول في الموقف أثار تساؤلات حول دوافعه الحقيقية.
دور لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)
من المثير للاهتمام أن ترامب طلب من رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) النظر في سحب رخصة ABC News. تلعب لجنة الاتصالات الفيدرالية دورًا حاسمًا في تنظيم البث الإذاعي والتلفزيوني في الولايات المتحدة. كما أن لديها سلطة منح وتجديد تراخيص البث، مما يجعلها هدفًا محتملاً للضغط السياسي.
في الماضي، واجه رئيس اللجنة بريندان كار انتقادات بسبب ظهوره تحت ضغط لإجبار شبكة تلفزيونية أخرى على إقالة الكوميدي جيمي كيميل بسبب انتقاداته لشخصية محافظة. وهذا يثير مخاوف بشأن استقلالية اللجنة وتأثرها بالضغوط السياسية.
ردود الأفعال وتداعيات الدعوة
لم تصدر شركة والت ديزني، الشركة الأم لـ ABC News، أي تعليق فوري على دعوة ترامب. ومع ذلك، من المتوقع أن تواجه الشبكة ضغوطًا متزايدة من أنصار ترامب وخصومه على حد سواء. كما أن هذه الدعوة قد تؤدي إلى نقاش أوسع حول دور وسائل الإعلام في الديمقراطية، وحدود حرية الصحافة، واحتمالية تدخل الحكومة في عمل وسائل الإعلام.
العديد من المراقبين يرون أن دعوة ترامب لسحب رخصة ABC News هي محاولة لتقويض مصداقية وسائل الإعلام الانتقادية. ويهدف هذا الإجراء إلى ترهيب الصحفيين وتقييد قدرتهم على مساءلة السلطة. هذا التطور يثير مخاوف جدية بشأن مستقبل حرية الصحافة في الولايات المتحدة، ويزيد من أهمية حماية استقلال وسائل الإعلام. حرية الصحافة هي ركيزة أساسية للديمقراطية، ولا ينبغي التهاون في أي محاولة لتقييدها.
الخلاصة
إن دعوة الرئيس السابق دونالد ترامب لسحب رخصة بث شبكة ABC News تمثل تصعيدًا خطيرًا في التوتر بين السلطة ووسائل الإعلام. هذا الحدث يسلط الضوء على أهمية حرية التعبير وضرورة حماية استقلال وسائل الإعلام. كما يطرح تساؤلات مهمة حول دور لجنة الاتصالات الفيدرالية وإمكانية تأثرها بالضغوط السياسية. من الضروري متابعة هذا التطور عن كثب، والدفاع عن مبادئ حرية الصحافة التي تعتبر أساسية لأي مجتمع ديمقراطي. بالإضافة إلى ذلك، فإن مناقشة الرقابة الإعلامية وأساليبها المختلفة تظل ضرورية لضمان وصول الجمهور إلى معلومات موثوقة ومتنوعة.

