كان الصيف الماضي شاهداً على حرب كلامية شرسة بين إيلون ماسك ودونالد ترامب، ولكن يبدو أن العلاقة بينهما تشهد تحسناً ملحوظاً. فقد تلقى الرئيس التنفيذي لشركتي تيسلا وسبيس إكس دعوة لحضور عشاء أقامته إدارة ترامب يوم الثلاثاء مع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي. ضم العشاء قائمة من كبار المديرين التنفيذيين، حيث انضم ماسك إلى كل من جينسن هوانج، الرئيس التنفيذي لشركة نفيديا، وتيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، ومارك بينيوف، الرئيس التنفيذي لشركة Salesforce.
إيلون ماسك ودونالد ترامب: عودة المياه إلى المجرى؟
يُعد هذا الظهور العلني الأول لماسك في البيت الأبيض منذ الخلاف الذي نشب بينه وبين ترامب في شهر مايو الماضي. وشارك ماسك صوراً من العشاء على منصة X (تويتر سابقاً)، أظهرته مع ولي العهد وهوانج وترامب. وكتب ماسك في تعليقه: “أود أن أشكر الرئيس ترامب على كل ما قدمه لأمريكا وللعالم”.
أما خلال خطابه في منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي في واشنطن العاصمة يوم الأربعاء، فقد أطلق ترامب بعض المزاح الخفيف على حساب ماسك. وقال: “أنت محظوظ لأنني معك يا إيلون. سأخبرك، هل سبق أن شكرني بشكل صحيح؟”. هذا التقارب التدريجي بين الطرفين يأتي بعد أشهر من الجدل العلني الشديد.
خط زمني للعداوة بين ماسك وترامب
شهدت العلاقة بين إيلون ماسك ودونالد ترامب تقلبات كبيرة على مدار العام الماضي. فقد كان الاثنان حليفين سياسيين ثابتين عندما أيد ماسك ترشح ترامب للرئاسة في عام 2024. ووصف ماسك نفسه بـ “الصديق الأول” بعد فوز ترامب.
لاحقاً، تولى ماسك منصب رئيس قسم كفاءة الحكومة في البيت الأبيض، أو ما يُعرف بـ DOGE، وهو المنصب الذي تركه في شهر مايو.
بدأت العلاقة في التدهور في شهر يونيو، عندما انتقد ماسك “مشروع قانون جميل وكبير” (Big Beautiful Bill) الذي طرحه ترامب. وبدأ الرجلان في تبادل الانتقادات علناً، حيث قال ماسك إن ترامب لم يكن ليفوز بالانتخابات الرئاسية لولا دعمه. ورد ترامب مهدداً بقطع العقود الحكومية التي تحتفظ بها شركات ماسك.
تهديد بتشكيل حزب سياسي جديد
بعد ذلك، أعلن ماسك أنه سيشكل حزباً سياسياً جديداً باسم “حزب أمريكا”. وكتب في منشور على منصة X: “اليوم، تم تشكيل حزب أمريكا لإعادة حريتك إليك”.
ومنذ انهيار تحالفهما، شوهد الثنائي في مناسبات عامة معاً. فقد شوهدا وهما يصافحان بعضهما البعض في حفل تأبين الناشط السياسي تشارلي كيرك في شهر سبتمبر. وقبل زيارة ترامب إلى آسيا في شهر أكتوبر، قال ترامب إنه كان لديه دائماً علاقة جيدة مع ماسك. وأضاف: “أنا أحب إيلون، لطالما أحببته”، حسبما نقلت عنه وسائل الإعلام.
الاستثمارات والعلاقات الاقتصادية
لا يمكن النظر إلى هذا التقارب بين ماسك وترامب بمعزل عن السياق الاقتصادي والاستثماري. فوجود شخصيات مؤثرة مثل ماسك وكوك وهوانج في عشاء مع ولي العهد السعودي يعكس أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد الأمريكي. كما أن هذه اللقاءات قد تفتح الباب أمام صفقات جديدة وتعاونات مستقبلية بين الشركات الأمريكية والسعودية، خاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
تأثير ذلك على أسهم شركات التكنولوجيا
من المرجح أن يؤثر هذا التحسن في العلاقات على أسهم شركات التكنولوجيا، خاصة تلك التي يترأسها الحاضرون في العشاء. فأي إشارة إيجابية من الإدارة الأمريكية أو من المملكة العربية السعودية يمكن أن تعزز ثقة المستثمرين وتدفع أسعار الأسهم إلى الارتفاع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم الحكومي المحتمل للمشاريع التكنولوجية يمكن أن يساهم في نمو هذه الشركات.
الخلاصة: تحول محتمل في المشهد السياسي والاقتصادي
يبدو أن العلاقة بين إيلون ماسك ودونالد ترامب تشهد تحولاً ملحوظاً، بعد فترة من الخلافات العلنية. هذا التقارب قد يكون له تداعيات سياسية واقتصادية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، وأسهم شركات التكنولوجيا، والعلاقات الأمريكية السعودية. من المثير للاهتمام متابعة تطورات هذه العلاقة في المستقبل، وكيف ستؤثر على المشهد السياسي والاقتصادي العالمي. هل نشهد عودة التحالف القوي بينهما؟ أم أن هذا مجرد هدنة مؤقتة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.


