مزيد من الأدلة على نوايا إسرائيل وأفعالها للإبادة الجماعية يأتي من التحقيق الذي أجراه نيويورك تايمزالتي اكتشفت أنه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصدر الجيش الإسرائيلي أمرًا يسمح بقتل ما يصل إلى 20 مدنيًا فلسطينيًا في كل ضربة. وفيما يتعلق بالأمر، يذكر التقرير أن التساهل الرسمي مع قتل المدنيين الفلسطينيين كان غير مسبوق. وعزا ضابط عسكري إسرائيلي رفيع المستوى، تحدث دون الكشف عن هويته، الأمر إلى أن إسرائيل تواجه تهديدًا وجوديًا.
وتبرز الفقرة التالية وسط التقرير:
وفي مناسبات قليلة، وافق كبار القادة على توجيه ضربات إلى قادة حماس، وكانوا يعلمون أن كل واحدة منها ستعرض أكثر من 100 من غير المقاتلين للخطر، وهو ما يتجاوز عتبة غير عادية بالنسبة للجيش الغربي المعاصر.
كما أن مائة مدني فلسطيني هو عدد أكبر بكثير من الحد الأقصى الذي ينص عليه الأمر العسكري وهو 20 شخصًا. ومن الجدير بالملاحظة أيضًا، وفي إشارة كبيرة نحو الاستعمار، أن التقرير يصف قوات الدفاع الإسرائيلية بأنها “جيش غربي معاصر”، وهو ما يتعارض مع الرواية الأمنية الإسرائيلية القائلة بأن لها “الحق المزعوم في الدفاع عن نفسها”. وتكشف هذه الفقرة إسرائيل على حقيقتها – كيان استعماري يمارس الإبادة الجماعية ويخدم أغراضه الخاصة والخارجية في المنطقة.
اقرأ: انقطاع الاتصالات مع محاصرة قوات الاحتلال لمستشفى كمال عدوان
ووفقا للتقرير، استخدم الجيش الإسرائيلي أساليب غير مثبتة لتحديد الأهداف المراد ضربها. كما تخلت عن ما يسمى بجهودها لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين، واعتمدت، في بعض الأحيان، على استخدام الهواتف المحمولة بدلاً من المراقبة لضرب المباني. وبطبيعة الحال، يستشهد التقرير بقول إسرائيل إن “استراتيجية حماس العسكرية تجعل إراقة الدماء أكثر احتمالا” لأنها تعمل من المناطق السكنية. ولكن في مساحة مغلقة ومتقلصة باستمرار، من أين يمكن لحركة المقاومة أن تمارس مقاومتها المشروعة ضد الاستعمار؟ إن إسرائيل هي التي جعلت إراقة الدماء أكثر احتمالا من خلال تحويل السكان الفلسطينيين بالكامل إلى دروع بشرية، في حين تستخدم سرد الدرع البشري لارتكاب الإبادة الجماعية.
ويشير التقرير إلى أن الضباط “يمارسون قدرًا كبيرًا من السلطة التقديرية لأن قوانين النزاع المسلح غامضة بشأن ما يمكن اعتباره إجراء احترازيًا ممكنًا أو خسائر فادحة في صفوف المدنيين”.
ولكن في خضم كل هذا التطهير لتصرفات إسرائيل في غزة، فإن كلمة الإبادة الجماعية ليست غائبة فحسب، بل تم حذفها بالكامل. ويساهم التحقيق كدليل على خطط الإبادة الإسرائيلية، ولكن “واحدة من أكثر حملات القصف المكثفة في الحروب المعاصرة” تضفي الإثارة على العنف دون إظهار كيف أن التدمير الإسرائيلي المستمر لغزة هو إبادة جماعية.
على سبيل المثال، لا تصف “سلطة المخاطرة بقتل ما يصل إلى 20 مدنياً” الاستعداد لارتكاب مثل هذه الفظائع. ومع ذلك، فقد أظهرت العديد من شهادات الجنود أن النية كانت أوضح من معايير الاحتمال. غارات جوية متعمدة على المستشفيات، وعلى المخيمات التي توفر المساكن الوحيدة للفلسطينيين المهجرين قسراً، وعلى قوافل المساعدات الإنسانية، وعلى الصحفيين، على مسارات يفترض أنها آمنة بينما كان الفلسطينيون يطيعون أوامر الإخلاء القسري… توسيع نطاق “الأضرار الجانبية”، وهو أمر لا شك فيه إن الكيفية التي يبرر بها المجتمع الدولي الإبادة الجماعية، ينبغي وصفها بوضوح بأنها إبادة جماعية، وليس مجرد نتيجة للتخلي عن الحدود السابقة. إن التقارير تشرح الفظائع التي ترتكبها إسرائيل بإسهاب، ولكن صمت المجتمع الدولي ينمو بما يتناسب مع الأدلة التي يتم الكشف عنها، أو بالأحرى التي يتم تطبيعها على مرأى من الجميع.
مدونة: امتيازات الإبادة الجماعية في غزة
الآراء الواردة في هذا المقال مملوكة للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لميدل إيست مونيتور.
الرجاء تمكين جافا سكريبت لعرض التعليقات.