في أعقاب الهجوم الإرهابي المروع الذي استهدف شاطئ بوندي الشهير في سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصًا وإصابة العشرات، اتخذت ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية خطوات حاسمة لتعزيز قوانين مكافحة الإرهاب والأسلحة النارية. هذه الإجراءات، التي تهدف إلى حماية المجتمع وتعزيز الأمن، تشمل قيودًا أكثر صرامة على ملكية الأسلحة، وحظرًا لعرض الرموز المتعلقة بالمنظمات الإرهابية، وتوسيع صلاحيات الشرطة للحد من الاحتجاجات. وتأتي هذه التطورات في سياق تصاعد المخاوف بشأن معاداة السامية وتطرف الأفكار.
قوانين الأسلحة الجديدة في نيو ساوث ويلز
تعتبر قوانين الأسلحة النارية من بين التغييرات الأكثر أهمية التي أقرها البرلمان. بموجب التشريعات الجديدة، سيتم تحديد سقف لعدد الأسلحة النارية التي يمكن للأفراد امتلاكها، حيث سيقتصر معظمهم على أربعة أسلحة. ومع ذلك، سيُسمح للمزارعين بامتلاك ما يصل إلى عشرة أسلحة، وذلك نظرًا لاحتياجاتهم الخاصة في حماية ممتلكاتهم ومواشيهم.
معارضة من الحزب الوطني
واجهت هذه الإصلاحات معارضة من الحزب الوطني، وهو شريك ائتلافي للحزب الليبرالي، الذي يركز على مصالح المناطق الريفية. يرى الحزب الوطني أن تحديد سقف لملكية الأسلحة سيضر بشكل غير عادل بالمزارعين الذين يعتمدون على الأسلحة النارية في عملهم اليومي. ومع ذلك، تمكن الحزب العمالي الحاكم والحزب الليبرالي المعارض من حشد الدعم الكافي لتمرير القانون.
تشديد قوانين مكافحة الإرهاب والاحتجاجات
بالإضافة إلى قوانين الأسلحة، تتضمن التشريعات الجديدة أحكامًا أكثر صرامة لمكافحة الإرهاب. ستتمتع الشرطة بصلاحيات أوسع لفرض قيود على الاحتجاجات العامة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر بعد إعلان وقوع هجوم إرهابي. يهدف هذا الإجراء إلى منع أي استغلال للاحتجاجات لتأجيج العنف أو نشر الأفكار المتطرفة.
حظر شعارات “توسيع الانتفاضة”
كما سيعاقب القانون على عرض الرموز المتعلقة بالمنظمات الإرهابية المحظورة. بالإضافة إلى ذلك، تم حظر شعار “توسيع الانتفاضة” (“Globalize the Intifada”)، وهو شعار شائع في بعض الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، بعد أن جادلت الحكومة بأنه يشجع على العنف في المجتمع. هذا القرار أثار جدلاً واسعًا، حيث يرى البعض أنه يقيد حرية التعبير.
دوافع الهجوم والتحقيقات الجارية
تشير التحقيقات الأولية إلى أن منفذي الهجوم الإرهابي، وهما ساجد أكرم (50 عامًا) ونبيه أكرم (24 عامًا)، كانا متأثرين بأيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). تم إطلاق النار وقتل ساجد أكرم من قبل الشرطة، بينما وجهت إلى نبيه أكرم 59 تهمة، بما في ذلك القتل والإرهاب.
ردود الفعل والانتقادات
أثارت هذه القوانين ردود فعل متباينة. في حين أشاد البعض بها باعتبارها ضرورية لحماية المجتمع، انتقدها آخرون بشدة، واعتبروها تعديًا على الحريات المدنية. أعلنت مجموعات نشاطية، بما في ذلك مجموعة فلسطين للعمل، واليهود ضد الاحتلال، والكتلة السوداء بقيادة السكان الأصليين، عن خططها لتقديم طعن دستوري على القانون، واصفةً إياه بأنه “قوانين مناهضة للاحتجاج قمعية”.
موقف الحكومة الفيدرالية ومكافحة خطاب الكراهية
على الصعيد الفيدرالي، تعهد رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز بتشديد الرقابة على خطاب الكراهية. تخطط حكومته الفيدرالية لتقديم تشريعات جديدة لتسهيل ملاحقة أولئك الذين يروجون للكراهية والعنف، وكذلك إلغاء أو رفض تأشيرات دخول الأشخاص المتورطين في خطاب الكراهية. يأتي هذا الالتزام في ظل انتقادات موجهة للحكومة بسبب عدم كفاية جهودها لمكافحة معاداة السامية. وقد تحدث ألبانيز مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ ودعاه لزيارة أستراليا رسميًا في أقرب وقت ممكن.
مستقبل التشريعات والتحديات المحتملة
من المتوقع أن تواجه هذه التشريعات تحديات قانونية في المستقبل القريب. ستكون الحجج الرئيسية التي ستعتمد عليها المجموعات النشاطية هي أن القوانين تنتهك الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي. بالإضافة إلى ذلك، قد يثير حظر شعار “توسيع الانتفاضة” تساؤلات حول تعريف العنف والتحريض عليه. ومع ذلك، تؤكد الحكومة أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية الأمن القومي ومنع تكرار المآسي مثل الهجوم على شاطئ بوندي. قوانين مكافحة الإرهاب الجديدة تمثل تحولًا كبيرًا في السياسات الأمنية الأسترالية، وستكون لها آثار بعيدة المدى على المجتمع.
في الختام، تهدف هذه الإجراءات التشريعية إلى تحقيق توازن دقيق بين حماية الحريات المدنية وتعزيز الأمن القومي. من خلال تشديد قوانين الأسلحة، ومكافحة الإرهاب، والحد من الاحتجاجات، تسعى الحكومة إلى خلق بيئة أكثر أمانًا لجميع المواطنين. يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه القوانين في المستقبل، وما إذا كانت ستنجح في تحقيق أهدافها المنشودة. نحث القراء على متابعة التطورات المتعلقة بـ الأمن القومي و التشريعات الجديدة، والمشاركة في النقاش العام حول هذه القضايا الهامة. كما ندعو إلى التفكير النقدي في تأثير هذه القوانين على الحريات المدنية في أستراليا.

