في تطور يثير تساؤلات حول حرية التعبير وحقوق الطلاب الدوليين، تواجه ريميسة أوزتورك، طالبة الدكتوراه تركية الجنسية في جامعة تافتس بولاية ماساتشوستس الأمريكية، عراقيل في استكمال دراستها وأبحاثها بسبب موقف إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. القضية، التي تتصدر عناوين الأخبار، تتعلق بإنهاء وضعها في نظام معلومات الطلاب والزائرين (SEVIS)، وهو قاعدة بيانات أساسية لتتبع الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة، بعد مشاركتها في كتابة مقال رأي ينتقد استجابة الجامعة للحرب في غزة. هذا المقال يلقي الضوء على قضية حقوق الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة، وكيف يمكن أن تتأثر بالآراء السياسية والنشاطات المتعلقة بالقضايا الفلسطينية.

تفاصيل القضية: مقال رأي وتداعياته

بدأت القصة عندما شاركت ريميسة أوزتورك في كتابة مقال رأي نشر في صحيفة طلاب جامعة تافتس، حيث انتقدت استجابة الجامعة للدعوات المطالبة بسحب الاستثمارات من الشركات المتورطة مع إسرائيل، بالإضافة إلى انتقادها لعدم اعتراف الجامعة بـ “الإبادة الجماعية للفلسطينيين” كما وصفها المقال. بعد وقت قصير من نشر المقال، ألقت السلطات الأمريكية القبض على أوزتورك، وتم إلغاء تأشيرة الطالب الخاصة بها.

تم تبرير هذا الإجراء بناءً على محتوى المقال فقط، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول مدى قانونية هذا الإجراء. تم احتجاز أوزتورك لمدة 45 يوماً في مركز احتجاز في ولاية لويزيانا، قبل أن يأمر قاضٍ فدرالي في ولاية فيرمونت بإطلاق سراحها فوراً، معتبراً أن احتجازها قد يشكل انتقاماً غير قانوني عن آرائها، وهو ما يتعارض مع التعديل الأول للدستور الأمريكي الذي يضمن حرية التعبير.

موقف المحكمة والجدل حول نظام SEVIS

بعد إطلاق سراحها، استأنفت أوزتورك دراستها في جامعة تافتس، لكن الإدارة الأمريكية ترفض حتى الآن استعادة وضعها في نظام SEVIS. هذا الرفض يمنعها من التدريس أو العمل كمساعدة باحث، مما يعرض للخطر تقدمها الأكاديمي وتطوير مسيرتها المهنية في الأشهر الأخيرة قبل التخرج.

خلال جلسة استماع في بوسطن، أعربت القاضية الفدرالية دينيس كاسبر عن “صعوبة فهم” سبب منع إدارة ترامب لأوزتورك من العمل في الحرم الجامعي بعد إطلاق سراحها من مركز الاحتجاز. كما تساءلت عن مدى قانونية تصرف إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) في إنهاء سجل أوزتورك في نظام SEVIS. القاضية كاسبر وجهت سؤالاً مباشراً حول “المنطق الذي يسمح للوكالة (ICE) بسلطة تقديرية لإنهاء السجل”.

المحامية أدريانا لافايل، التي تمثل أوزتورك من خلال الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في ماساتشوستس، دعت القاضية إلى إصدار أمر بإعادة تفعيل سجل أوزتورك في نظام SEVIS. وأوضحت أن إلغاء التأشيرة يتعلق فقط بدخولها إلى الولايات المتحدة، ولا يؤثر على قانونية وضعها كطالبة.

تضارب المبررات وتأثير القضية على الحرية الأكاديمية

جادل مساعد المدعي العام الأمريكي مارك ساوتير بأن إدارة الهجرة والجمارك لديها سلطة تقديرية لتحديث قاعدة بيانات SEVIS لتعكس إنهاء تأشيرة الطالب، وحقيقة أن الشخص يخضع لإجراءات الترحيل، وهو ما ينطبق على حالة أوزتورك.

لكن لافايل ردت بأن الإدارة قدمت مبررات متضاربة لأفعالها، وهو ما يتناقض مع قرارها السابق بإعادة تفعيل سجلات SEVIS لآلاف الطلاب الدوليين الآخرين في أبريل. وأكدت أن هذه القضية ليست مجرد إجراء إداري روتيني، بل هي “أحد الإجراءات الانتقامية المتعددة التي اتخذتها الحكومة ضد السيدة أوزتورك بسبب تعبيرها المحمي”.

هذه القضية تثير مخاوف جدية بشأن الحرية الأكاديمية للطلاب الدوليين في الولايات المتحدة، وإمكانية استهدافهم بسبب آرائهم السياسية أو نشاطاتهم المتعلقة بالقضايا الفلسطينية. كما أنها تسلط الضوء على أهمية نظام SEVIS ودوره في حماية حقوق الطلاب، وفي الوقت نفسه، إمكانية استخدامه كأداة للضغط أو الانتقام.

الآثار المترتبة على التعليم العالي

القضية لها تداعيات أوسع على قطاع التعليم العالي في الولايات المتحدة. إذا سمح القضاء للإدارة الأمريكية باتخاذ إجراءات انتقامية ضد الطلاب الدوليين بسبب آرائهم، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع عدد الطلاب الدوليين الذين يختارون الدراسة في الولايات المتحدة، مما يؤثر سلباً على التنوع الأكاديمي والثقافي في الجامعات الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، قد تخلق هذه القضية مناخاً من الخوف والتردد بين الطلاب الدوليين، مما يحد من قدرتهم على التعبير عن آرائهم والمشاركة في الحياة الأكاديمية والسياسية في الحرم الجامعي.

الخلاصة

قضية ريميسة أوزتورك هي قضية مهمة تتعلق بحقوق الطلاب الدوليين، وحرية التعبير، والحرية الأكاديمية. القرار الذي ستتخذه القاضية الفدرالية دينيس كاسبر سيكون له تأثير كبير على مستقبل الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة، وعلى سمعة البلاد كوجهة للتعليم العالي. من الضروري متابعة هذه القضية عن كثب، والدعوة إلى حماية حقوق الطلاب الدوليين وضمان قدرتهم على التعبير عن آرائهم بحرية دون خوف من الانتقام. نأمل أن تسفر هذه القضية عن توضيح القواعد والإجراءات المتعلقة بنظام SEVIS، وضمان عدم استخدامه كأداة لتقييد الحريات الأكاديمية أو السياسية.

شاركها.
Exit mobile version