تصعيد دبلوماسي حول برنامج إيران النووي: قرار جديد ينتظر الموافقة
يشهد الملف النووي الإيراني تطورات جديدة مع تقديم قوى أوروبية رئيسية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. يطالب هذا القرار طهران بتقديم تفسيرات والتمكين من الوصول إلى المواقع النووية التي تعرضت لعمليات تخريب، بالإضافة إلى تقديم معلومات دقيقة حول مخزونها من اليورانيوم المخصب. هذه الخطوة تشكل تصعيدًا دبلوماسيًا يأتي في وقت حرج، وتهدف إلى الضغط على إيران لإعطاء الوكالة الدولية الإجابات اللازمة حول أنشطتها النووية. البرنامج النووي الإيراني هو محور هذه القضية، ويثير قلقًا دوليًا مستمرًا.
تفاصيل مشروع القرار المقدم إلى مجلس المحافظين
الوثيقة التي تم تقديمها الثلاثاء، وفقًا لما أفاد به دبلوماسيون، من المرجح أن تحظى بموافقة واسعة في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع. القرار يركز بشكل أساسي على المطالبة بـ”تقديم معلومات دقيقة حول محاسبة المواد النووية والمنشآت النووية الخاضعة للضمانات في إيران، ومنح الوكالة جميع أوجه الوصول التي تتطلبها للتحقق من هذه المعلومات”.
المواقع النووية المتضررة والغموض المحيط بها
من بين النقاط الرئيسية التي يركز عليها مشروع القرار، الحاجة إلى تفسير إيران للظروف المحيطة بالتخريب الذي استهدف بعض مواقعها النووية. هذه الحوادث، التي تتضمن أضرارًا مادية في منشآت مثل نطنز، أثارت تساؤلات حول الأمن النووي الإيراني واحتمال وجود أنشطة غير معلنة. الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحتاج إلى الوصول الكامل وغير المقيد إلى هذه المواقع للتحقق من عدم وجود أي تحويل للمواد النووية لأغراض غير سلمية.
مخزون اليورانيوم المخصب والشفافية المطلوبة
بالإضافة إلى ذلك، يشدد القرار على ضرورة أن تكون إيران شفافة بشأن مخزونها من اليورانيوم المخصب. تجاوز إيران لمستويات الإخصاب المسموح بها بموجب الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) عام 2015، قد أثار مخاوف بشأن قدرة البلاد على تطوير أسلحة نووية. ويهدف مشروع القرار إلى استعادة الثقة في أنشطة إيران النووية من خلال ضمان الرقابة الفعالة من قبل الوكالة الدولية.
دوافع القوى الأوروبية والولايات المتحدة
تأتي هذه الخطوة في ظل جمود المفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني. انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات صارمة على إيران. منذ ذلك الحين، قلصت إيران التزاماتها بموجب الاتفاق بشكل تدريجي.
القوى الأوروبية، التي كانت من الداعمين الرئيسيين للاتفاق النووي، تحاول الحفاظ على هذا الاتفاق ومنع إيران من تطوير أسلحة نووية. كما أن الولايات المتحدة، في عهد الرئيس جو بايدن، أعربت عن رغبتها في العودة إلى الاتفاق، ولكنها تشترط على إيران العودة إلى الامتثال الكامل لالتزاماتها. التفتيش النووي هو عنصر أساسي في هذه الجهود، حيث يضمن أن إيران لا تستخدم برنامجها النووي لأغراض عسكرية.
ردود الفعل المحتملة من إيران
من المتوقع أن ترفض إيران مشروع القرار، وتعتبره تدخلًا في شؤونها الداخلية. غالبًا ما تتهم إيران القوى الغربية بممارسة الضغط السياسي عليها، وتدعي أنها ملتزمة باستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية فقط. قد ترد إيران بتهديدات إضافية لتقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، أو بزيادة أنشطتها النووية المثيرة للجدل.
تداعيات القرار على المفاوضات
من شأن تمرير هذا القرار أن يزيد من الضغط على إيران، وربما يعيق الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي. لكن بعض الدبلوماسيين يرون أن هذا النوع من الضغط قد يكون ضروريًا لإجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات بجدية. الأمن الإقليمي هو أيضًا قضية رئيسية مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، حيث يخشى العديد من الدول في المنطقة من أن يؤدي امتلاك إيران للأسلحة النووية إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
مستقبل الملف النووي الإيراني
يبقى مستقبل الملف النووي الإيراني غير واضح. يبدو أن المفاوضات المتعثرة لم تحقق تقدمًا كبيرًا في الآونة الأخيرة. مشروع القرار الأخير يعكس الإحباط المتزايد لدى القوى الأوروبية والولايات المتحدة من سلوك إيران.
الوضع الحالي يتطلب حوارًا بناءً وتوصلًا إلى حل دبلوماسي يضمن عدم انتشار الأسلحة النووية، وحماية الأمن الإقليمي، وإعادة إيران إلى الامتثال الكامل لالتزاماتها الدولية. سيظل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية نقطة مراقبة حاسمة لتطورات هذا الملف المعقد. وفي النهاية، فإن مستقبل التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران يعتمد على استعداد جميع الأطراف لتقديم تنازلات والعمل نحو حل مقبول للطرفين.
(Reporting by Francois Murphy; Editing by Leslie Adler)

