في ظل التطورات المتسارعة في قطاع غزة، كشفت وكالة فرانس برس عن مباحثات تجريها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ومقرها عدن، بشأن إمكانية المساهمة بقوات في “قوة التثبيت الدولية” التي يجري تشكيلها للعمل في غزة. هذه الخطوة تثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة، ودور اليمن في أي تدخل محتمل، وتأثير ذلك على الوضع الإنساني المعقد في اليمن نفسه. قوة التثبيت الدولية في غزة هي محور هذه التطورات، وتستدعي تحليلًا معمقًا.

مبادرة ترامب وتشكيل قوة التثبيت الدولية

وفقًا لمصادر مطلعة في المجلس الرئاسي اليمني، ودبلوماسي يمني، وضابط عسكري رفيع المستوى، تحدثوا جميعًا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، فقد تم بالفعل مناقشة مشاركة اليمن في القوة الدولية مع الجانب الأمريكي. وأكد الضابط العسكري أن “المشاركة اليمنية في القوة الدولية قيد النقاش مع الأمريكيين، لكننا لم نتلق طلبًا رسميًا حتى الآن”.

تأتي هذه المباحثات في وقت تسعى فيه إدارة ترامب لتشكيل قوة تثبيت إقليمية، تتكون بشكل أساسي من دول عربية وإسلامية، للإشراف على الانتقال في غزة إلى مرحلة ما بعد حركة حماس. وقد أشار ترامب بوضوح إلى أن المملكة العربية السعودية ستتحمل الجزء الأكبر من تكاليف إعادة الإعمار في غزة.

وضع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً

من المهم الإشارة إلى أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تتمتع بنفوذ محدود داخل اليمن، على الرغم من تمثيلها في الأمم المتحدة ووجود سفير لها في واشنطن. فقد طردتها جماعة الحوثي من العاصمة صنعاء قبل أكثر من 12 عامًا، ولا تزال تسيطر على مناطق محدودة في الجنوب.

وبالتالي، فإن قدرة هذه الحكومة على تقديم مساهمة عسكرية ذات وزن في قوة التثبيت الدولية تثير شكوكًا. ومع ذلك، فإن دعم السعودية للحكومة اليمنية، وحرصها على إيجاد حلول إقليمية للأزمات، قد يدفعانها إلى الاستجابة للطلب الأمريكي.

موقف الحوثيين وحماس من القوة الدولية

في المقابل، تعارض حركة الحوثي في اليمن بشدة أي مشاركة يمنية في قوة دولية تقودها الولايات المتحدة. وتعلن الحركة دعمها العلني لحماس في غزة، وقد أعربت حماس عن رفضها القاطع لأي قوة دولية تخضع للإشراف الأمريكي.

وقد أكدت حماس في بيان سابق هذا الأسبوع أن “أي قوة دولية يجب أن تكون خاضعة مباشرة للأمم المتحدة وأن تعمل بالتنسيق مع المؤسسات الفلسطينية الرسمية، دون مشاركة الاحتلال”. هذا الموقف يعكس مخاوف الحركة من أن القوة الدولية قد تكون أداة لتنفيذ أجندة إسرائيلية أو أمريكية في غزة.

التحديات المحتملة والسيناريوهات المستقبلية

بالإضافة إلى معارضة الحوثيين وحماس، تواجه مبادرة ترامب تحديات أخرى. فتركيا وإندونيسيا قد أعدتا بالفعل قوات للمشاركة في قوة التثبيت، ولكن معارضة حماس للإشراف الأمريكي قد تؤدي إلى اشتباكات بين القوة الدولية والفصائل الفلسطينية المسلحة.

الوضع في اليمن يمثل تحديًا إضافيًا. فالبلاد تعاني من أزمة إنسانية حادة، نتيجة للحرب المستمرة بين الحوثيين والتحالف بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. إرسال قوات يمنية إلى غزة قد يزيد من تفاقم الوضع في اليمن، ويؤدي إلى استنزاف الموارد المحدودة.

دور السعودية وتداعيات اللقاء بين ترامب وبن سلمان

تأتي هذه التطورات بعد لقاء جمع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في البيت الأبيض. وتعتبر السعودية الداعم الرئيسي للحكومة اليمنية، وقد شنت حربًا على الحوثيين منذ عام 2015، مما أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

يشير هذا اللقاء إلى تنسيق وثيق بين الولايات المتحدة والسعودية بشأن مستقبل غزة، وإلى رغبة مشتركة في إيجاد حلول إقليمية للأزمة. ومع ذلك، فإن هذا التنسيق قد يثير انتقادات من قبل بعض الأطراف، التي ترى أن السعودية والإمارات العربية المتحدة تتحملان جزءًا من المسؤولية عن الوضع الإنساني المتردي في اليمن.

الخلاصة

إن مبادرة تشكيل قوة التثبيت الدولية في غزة، ومشاركة اليمن المحتملة فيها، تمثل تطورًا هامًا في المشهد الإقليمي. ومع ذلك، فإن هذه المبادرة تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك معارضة الحوثيين وحماس، والوضع الإنساني الحرج في اليمن. يتطلب تحقيق الاستقرار في غزة حوارًا شاملاً، ومشاركة جميع الأطراف المعنية، واحترام حقوق الشعب الفلسطيني. من الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب، وتحليل تأثيرها على مستقبل المنطقة. هل ستنجح هذه المبادرة في تحقيق الاستقرار في غزة؟ وهل ستؤدي إلى تفاقم الأزمة في اليمن؟ هذه هي الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات.

شاركها.
Exit mobile version