توقف مؤقت لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب مخاوف بشأن الحرب في غزة
في تطور نادر يعكس توترات متزايدة، أوقفت الإدارة الأمريكية مؤقتًا مشاركة بعض المعلومات الاستخباراتية الرئيسية مع إسرائيل خلال عام 2024. يأتي هذا الإجراء وسط قلق متصاعد بشأن طريقة إدارة إسرائيل للحرب في غزة، وتحديدًا فيما يتعلق بالخسائر في صفوف المدنيين والتعامل مع المعتقلين الفلسطينيين. هذا التوقف، الذي كشف عنه ستة مصادر مطلعة على الأمر، يسلط الضوء على مدى حساسية العلاقة بين الحليفين، حتى في ظل الدعم المستمر الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل.
خلفية التوتر: دوافع القرار الأمريكي
بدأت بوادر التوتر بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أعقبته عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في غزة. في حين قدم الرئيس بايدن توجيهات بتوسيع نطاق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل في أعقاب الهجوم، إلا أن مخاوف متزايدة داخل المجتمع الاستخباراتي الأمريكي دفعت إلى اتخاذ إجراءات أكثر تحديدًا.
إيقاف بث مباشر لصور الطائرات بدون طيار
أحد الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة هو إيقاف بث مباشر لصور من طائرة بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper كانت تحلق فوق غزة. كانت هذه الصور تُستخدم من قبل الحكومة الإسرائيلية في البحث عن الرهائن وعناصر حماس. واستمر هذا التوقف لعدة أيام على الأقل، وفقًا لخمسة من المصادر.
تقييد استخدام المعلومات الاستخباراتية في استهداف الأهداف العسكرية
بالإضافة إلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة قيودًا على كيفية استخدام إسرائيل لمعلومات استخباراتية معينة في استهداف الأهداف العسكرية ذات الأهمية العالية في غزة. لم يتم الكشف عن التوقيت المحدد لهذا القرار، لكنه يعكس رغبة واشنطن في التأكد من أن المعلومات التي تقدمها لا تُستخدم في عمليات قد تنتهك القانون الدولي.
مخاوف بشأن القانون الدولي وحقوق الإنسان
تفاقمت المخاوف الأمريكية بشأن العدد المتزايد من الضحايا المدنيين نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. كما أثيرت تساؤلات حول سوء معاملة جهاز الشاباك الإسرائيلي (الذي يختص بالأمن الداخلي) للمعتقلين الفلسطينيين.
ضمانات الالتزام بقواعد الحرب
أكدت المصادر أن الإدارة الأمريكية كانت قلقة من أن إسرائيل لم تقدم ضمانات كافية بأنها ستلتزم بقواعد الحرب عند استخدام المعلومات الأمريكية. بموجب القانون الأمريكي، يجب على وكالات الاستخبارات الحصول على هذه الضمانات قبل مشاركة المعلومات مع أي دولة أجنبية.
تقييمات حول جرائم الحرب المحتملة
خلال الحرب، قام محللو الاستخبارات الأمريكيون بتقييم المعلومات بشكل مستمر لتحديد ما إذا كانت أفعال إسرائيل أو حماس على الأرض تشكل جرائم حرب بموجب التعريف الأمريكي. على الرغم من أن هذه التقييمات لم تكن تحليلات قانونية رسمية، إلا أنها أثارت تساؤلات جدية حول ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي، خاصة من خلال الهجمات التي أدت إلى مقتل مدنيين والتعامل مع المعتقلين.
استئناف التعاون بعد تقديم ضمانات
استؤنف تبادل المعلومات الاستخباراتية بعد أن قدمت إسرائيل ضمانات بأنها ستلتزم بالقواعد الأمريكية. ومع ذلك، فإن هذا الحادث يمثل سابقة غير عادية في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة بالنظر إلى التعاون الأمني الوثيق الذي يربط بينهما منذ عقود.
اجتماع لمجلس الأمن القومي ورفض التوقف الدائم
في الأسابيع الأخيرة من الإدارة، عقد مسؤولون كبار في مجال الأمن القومي اجتماعًا في البيت الأبيض برئاسة الرئيس بايدن. خلال الاجتماع، اقترح مسؤولو الاستخبارات وقفًا أكثر رسمية لبعض المعلومات التي تم تقديمها لإسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر.
مخاوف متزايدة من جرائم الحرب
أشار مسؤولو الاستخبارات إلى أن مخاوفهم قد ازدادت بشأن احتمال ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة. كما وردت معلومات استخباراتية تفيد بأن المحامين العسكريين الإسرائيليين قد حذروا من وجود أدلة يمكن أن تدعم اتهامات بارتكاب جرائم حرب فيما يتعلق بالحملة العسكرية في غزة.
قرار بايدن بالمضي قدمًا في تبادل المعلومات
على الرغم من هذه المخاوف، اختار الرئيس بايدن عدم وقف تبادل المعلومات الاستخباراتية. وأشار إلى أن إدارة ترامب من المرجح أن تجدد الشراكة، وأن المستشارين القانونيين للإدارة قد خلصوا إلى أن إسرائيل لم تنتهك القانون الدولي.
أهمية التعاون الاستخباراتي وتداعيات التوتر
يؤكد هذا الموقف على الأهمية الكبيرة للتعاون الاستخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ولكنه يسلط الضوء أيضًا على التوترات المحتملة التي يمكن أن تنشأ عندما تكون هناك خلافات حول القيم والمبادئ. إن إيقاف تبادل المعلومات الاستخباراتية، حتى بشكل مؤقت، هو إجراء غير معتاد، خاصة بالنسبة لحليف رئيسي في منطقة مضطربة.
في الختام، يمثل هذا التطور علامة على أن الإدارة الأمريكية لم تتردد في التعبير عن مخاوفها بشأن طريقة إدارة إسرائيل للحرب في غزة، حتى لو كان ذلك يعني اتخاذ إجراءات قد تؤثر على التعاون الأمني الوثيق بين البلدين. يبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه الأحداث على العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في المستقبل.

