منذ 7 أكتوبر 2023، نشهد مرحلة جديدة من الصراع مع العدو الصهيوني لم يشهدها هذا الصراع منذ عام 1948. فبعد معركة طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس في 7 أكتوبر من قطاع غزة، نحن الآن في مرحلة جديدة من المواجهة بين حزب الله والعدو الصهيوني، وجبهة الدعم اللبنانية تحولت إلى حرب مفتوحة. وبعد أن استشهاد حزب الله وعدد كبير من قادته، امتد الصراع الدموي من فلسطين إلى لبنان واليمن والعراق وغيرها من البلدان. إننا نشهد المقاومة الإسلامية تخوض أشكالاً جديدة من المواجهات والتحديات لإسقاط المشروع الإسرائيلي الأميركي الرامي إلى إقامة نظام شرق أوسطي جديد وسحق قوى المقاومة.
فما هي صورة المواجهات اليوم في لبنان بعد استشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وعدد من قادته العسكريين والأمنيين؟ إلى أين تتجه الأوضاع بعد بدء الهجوم البري الإسرائيلي على جنوب لبنان؟ ما هو الوضع بعد مرور عام على طوفان الأقصى؟
رأي: “”كابوس” إسرائيل: نظرة على إخفاقاتها الاستراتيجية والعسكرية في غزة”
بعد مرور عام على طوفان الأقصى وانطلاق جبهة الدعم اللبنانية لفلسطين بقيادة حزب الله وبمشاركة عدد من القوى الوطنية والإسلامية، شهدت هذه المعركة تطورات خطيرة تتمثل في استهداف العدو الإسرائيلي لحزب الله سلسلة عمليات عسكرية وأمنية وغارات جوية غير تقليدية أدت إلى استشهاد أمينها العام وعدد من القيادات العسكرية والأمنية. هذا بالإضافة إلى استهداف نظام الاتصالات البديل الذي اعتمدته من أجهزة النداء واللاسلكي، وشن غارات واسعة على كافة المناطق اللبنانية، ما أدى إلى نزوح نحو مليون مواطن لبناني من الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع إلى مناطق أخرى. كما انتهجت سياسة التدمير الممنهج للقرى والمدن والمناطق السكنية في أكثر من منطقة لبنانية، وصولا إلى إطلاق العملية البرية في جنوب لبنان، والتي قد تتطور وتمتد إلى احتلال مناطق واسعة من لبنان.
لكن، وعلى الرغم من حجم الضربات القاسية التي تعرض لها الحزب ومحيطه، إلا أنه نجح في امتصاص الصدمات، وإعادة تنظيم وضعه الداخلي وبنيته العسكرية والأمنية، والاستعداد لصد العدوان البري، مع الاستمرار في دعم غزة. الجبهة، وإطلاق الصواريخ باتجاه المدن والمستوطنات الإسرائيلية.
ومن هنا فإننا أمام مرحلة جديدة من المواجهة بين قوى المقاومة والعدو الإسرائيلي المدعوم أميركياً، وكما نجحت حماس في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة رغم كل التضحيات واستشهاد عدد من قياداتها، فإن أبرزهم وبالأخص إسماعيل هنية وصالح العاروري، فإن حزب الله سيتمكن من مواجهة التحديات والحرب الجديدة، رغم شدة الضربات التي تلقاها الحزب.
تؤكد مصادر قيادية في حزب الله أن الحزب استوعب كل الصدمات وأعاد تنظيم بنيته الداخلية، وأن قيادة الحزب حرصت على عدم انتخاب أمين عام جديد في الوقت الحاضر واعتماد قيادة جماعية وفق النظام الداخلي للحزب. وأعلن نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم مواقف الحزب من كافة التطورات الداخلية والخارجية، مشيراً إلى أن انتخاب الأمين العام سيتم في وقت لاحق.
ومن خلال المعطيات الداخلية في حزب الله يمكن التأكد من النقاط التالية:
أولاً: قيادة الحزب ترى أن المعركة مستمرة ومفتوحة على كل الاحتمالات، ولذلك ستخوض المعركة بشكل تدريجي باستخدام القدرات والإمكانات العسكرية بناء على التطورات الميدانية.
ثانية: يواكب الحزب التطورات والاتصالات السياسية ويعتمد نهجاً مرناً في إدارة الشؤون السياسية، ويبتعد عن تحديد خيار واحد. والهدف الاستراتيجي هو ربط حرب غزة بالحرب على لبنان التي لم تتخلى عنها، ويؤكد على الارتباط بين معركة فلسطين والمعركة في لبنان، كما أكد ذلك نائب الأمين العام في كلمته الأولى ظهوره بعد استشهاد السيد حسن نصر الله ورفاقه.
رأي: ماذا يعني نتنياهو عندما يتحدث عن تغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط؟
ثالث: رغم شدة المعركة العسكرية والأمنية، إلا أن قيادة الحزب تواكب أيضاً كافة الملفات غير العسكرية، لا سيما هموم النازحين والتداعيات الداخلية وكيفية استيعاب التداعيات السياسية والاجتماعية، إضافة إلى التواصل مع كافة الجهات الحكومية. والهيئات والمؤسسات الخاصة.
الرابع: خلافاً لما يتم تداوله حول تخلي إيران عن دعم الحزب وإثارة الصراعات بين الحزب والقيادة الإيرانية، فإن التنسيق مع القيادة الإيرانية وقوى محور المقاومة مستمر. وتم الاتفاق على كيفية إدارة المعركة والتعاون الميداني ولا توجد خلافات أو اختلافات في وجهات النظر. حزب الله يثق بالقيادة الإيرانية ودورها، وهو ما ظهر طوال 42 عاماً منذ تأسيس الحزب.
الخامس: الحزب استفاد كثيراً من تجربة معركة غزة على المستوى الميداني، رغم أنه يواجه أشكالاً جديدة من الحرب الإلكترونية والأمنية ويحاول معالجة الثغرات التي ظهرت.
السادس: الحزب حاضر في مواكبة الحرب وقد وصل إلى نطاقها الواسع. وهناك حسابات واعتبارات كثيرة تأخذها في الاعتبار في إدارة المعركة، لم يتم الكشف عنها.
سابعا: قيادة الحزب مركزة على الميدان، وستكون لها الكلمة الفصل في الأمور.
في ظل هذه الحقائق، نحن أمام حرب طويلة، مفتوحة على كل الاحتمالات، خاصة وأن الهدف الإسرائيلي الأميركي اتسع بشكل كبير. إنها تريد القضاء على قوى المقاومة، ومحاصرة إيران، وإقامة نظام شرق أوسطي جديد، ولكن كما فشل العدوان في حرب تموز/يوليو 2006، وكما نجحت المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، سيكون لبنان دولة جديدة. ساحة المقاومة والصمود والانتصار.
رأي: إسرائيل تخرج عن نطاق السيطرة وهي تدفع العالم نحو الهاوية النووية
ظهر هذا المقال باللغة العربية في عربي21 في 2 أكتوبر 2024.
الآراء الواردة في هذا المقال مملوكة للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لميدل إيست مونيتور.