تنديد دولي باعتقال نرجس محمدي مجدداً في إيران
أثارت الأنباء عن إعادة اعتقال الحائزة على جائزة نوبل للسلام، نرجس محمدي، في إيران موجة من الإدانات الدولية. وتأتي هذه الاعتقالات في ظل تصاعد القلق بشأن حقوق الإنسان في البلاد، خاصةً بعد وفاة محامٍ بارز في ظروف غامضة. يركز هذا المقال على تفاصيل الاعتقال، ردود الأفعال الدولية، والخلفية التي أدت إلى هذه التطورات، مع تسليط الضوء على وضع حقوق الإنسان في إيران.
إعادة اعتقال نرجس محمدي: تفاصيل الحادثة
أفادت التقارير الواردة يوم السبت الموافق 13 ديسمبر/كانون الأول، أن نرجس محمدي، الناشطة البارزة في مجال حقوق الإنسان، قد أُعيد اعتقالها بعد مشاركتها في حفل تأبين المحامي خسروا علي كوردي في مدينة مشهد شمال شرق إيران. ووفقًا لمحاميتها الفرنسية، شيرين أردكاني، فقد تعرضت محمدي للضرب قبل اعتقالها.
أردكاني نشرت الخبر على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، وأشارت إلى أن محمدي كانت قد انتقدت الظروف المشبوهة المحيطة بوفاة علي كوردي خلال الحفل. في الوقت نفسه، لم يصدر تأكيد رسمي من السلطات الإيرانية حول اعتقالها حتى الآن.
وفاة خسروا علي كوردي وتصاعد التوتر
توفي المحامي خسروا علي كوردي في الخامس من ديسمبر/كانون الأول، وأعلنت السلطات أن سبب الوفاة هو نوبة قلبية. ومع ذلك، أثارت هذه الرواية شكوكًا واسعة النطاق بين منظمات حقوق الإنسان، التي دعت إلى إجراء تحقيق شامل في ملابسات وفاته. يعتبر علي كوردي من أبرز المحامين الذين دافعوا عن حقوق الإنسان في إيران، وقد تعرض لضغوطات متعددة بسبب عمله.
ردود الأفعال الدولية والإدانات الواسعة
أعربت العديد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان عن إدانتها الشديدة لإعادة اعتقال نرجس محمدي. ودعت لجنة نوبل النرويجية السلطات الإيرانية إلى توضيح مكان وجود محمدي على الفور، وضمان سلامتها وحمايتها، والإفراج عنها دون شروط.
كما نددت منظمات مثل “مراسلون بلا حدود” باعتقال أربعة صحفيين آخرين ومشاركين في حفل التأبين. وتعتبر هذه الاعتقالات تصعيدًا في حملة القمع التي تستهدف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في إيران.
دعوات دولية للإفراج عن محمدي
بالإضافة إلى الإدانات، طالبت العديد من الدول الإيرانية بالإفراج الفوري عن نرجس محمدي. وتأتي هذه الدعوات في سياق تدهور الأوضاع الحقوقية في إيران، وتزايد المخاوف بشأن مصير المعتقلين السياسيين. وتشير التقارير إلى أن السلطات الإيرانية تستخدم الاعتقالات والاحتجازات التعسفية كأداة لقمع المعارضة والتعبير عن الرأي.
“هتافات معادية للنظام” و”كسر الأعراف”: سياق الاعتقالات
أفاد محافظ مدينة مشهد، حسن حسيني، بأن النيابة العامة أمرت بالاحتجاز المؤقت لعدد من المشاركين في حفل تأبين علي كوردي، وذلك بعد ترديد “هتافات معادية للنظام” و”كسر الأعراف”. وبحسب وكالة أنباء “حقوقيون نشطاء” الأمريكية، فقد ردد الحشد هتافات مثل “الموت للديكتاتور” في إشارة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، و”نقاتل، نموت، لا نقبل الإهانة”.
وتشير هذه الهتافات إلى حالة الغضب والاستياء المتزايدة بين المواطنين الإيرانيين تجاه سياسات الحكومة وقمعها للمعارضة. كما تعكس التحدي المتزايد الذي يواجهه النظام الإيراني من قبل النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان.
خلفية قضية نرجس محمدي والنضال من أجل الحريات في إيران
نرجس محمدي هي ناشطة إيرانية بارزة في مجال حقوق الإنسان، وقد كرست حياتها للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان بشكل عام. حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 2023 تقديرًا لنضالها ضد قمع المرأة في إيران، وسعيها لتحقيق مجتمع أكثر حرية وعدالة.
وقد قضت محمدي أكثر من 10 سنوات في السجن، وكانت أحدث فترة سجن لها بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بتهمة “الدعاية ضد الدولة” و”التصرف ضد الأمن القومي” والعضوية في “منظمات غير قانونية”. وقد أُطلقت سراحها بكفالة صحية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. تعتبر قضية محمدي رمزًا للنضال من أجل الحريات في إيران، وتحديًا للنظام الإيراني الذي يسعى إلى إسكات الأصوات المعارضة.
مستقبل الوضع الحقوقي في إيران
تثير إعادة اعتقال نرجس محمدي مخاوف جدية بشأن مستقبل الوضع الحقوقي في إيران. وتشير هذه التطورات إلى أن النظام الإيراني لا يزال مصممًا على قمع المعارضة والتعبير عن الرأي، وأن حقوق الإنسان لا تحظى بالاحترام اللازم.
من الضروري أن تستمر المنظمات الدولية والدول المعنية في الضغط على السلطات الإيرانية للإفراج عن محمدي وجميع المعتقلين السياسيين، وضمان احترام حقوق الإنسان في إيران. كما يجب على المجتمع الدولي أن يدعم جهود النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، وأن يقدم لهم المساعدة اللازمة لمواصلة نضالهم من أجل الحرية والعدالة.
ختامًا، يبقى مصير نرجس محمدي ومستقبل حقوق الإنسان في إيران رهنًا بالتحركات الدولية والداخلية. ويجب على الجميع العمل معًا لضمان أن يتمتع الشعب الإيراني بجميع حقوقه وحرياته الأساسية.

