في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، تشهد لبنان تطورات حاسمة تتعلق بمساعي نزع سلاح حزب الله جنوبي نهر الليطاني. أعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يوم السبت أن لبنان على وشك إكمال المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح، وذلك قبيل الموعد النهائي المحدد في نهاية العام الحالي، والذي يمثل جزءًا أساسيًا من اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل. هذه الخطوة تأتي في سياق جهود دولية لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة.
نزع سلاح حزب الله جنوب الليطاني: قرب إتمام المرحلة الأولى
أكد رئيس الوزراء سلام أن المرحلة الأولى من خطة توحيد السلاح، والتي تركز على المنطقة جنوب نهر الليطاني، على بعد أيام قليلة من الإتمام. يمثل هذا إنجازًا كبيرًا للحكومة اللبنانية، التي تواجه ضغوطًا متزايدة من الداخل والخارج لتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
تأتي هذه التصريحات بعد فترة طويلة من القتال بين إسرائيل وحزب الله، والذي أسفر عن خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2024 بدعم أمريكي، يتطلب نزع سلاح حزب الله بشكل تدريجي، بدءًا من المناطق المتاخمة لإسرائيل.
دور الجيش اللبناني في عملية النزع
في الخامس من أغسطس، كُلّف الجيش اللبناني، بدعم من الولايات المتحدة، بوضع خطة لإنشاء احتكار الدولة للسلاح بحلول نهاية العام. وقد أعد الجيش بالفعل خطة مفصلة لتنفيذ هذه المهمة، وتعتزم الحكومة الانتقال إلى المرحلة الثانية، والتي تشمل جمع السلاح شمال نهر الليطاني، بناءً على هذه الخطة. إن إسناد هذه المهمة للجيش يعكس الثقة في قدرته على تنفيذها بنزاهة وفعالية، ويؤكد على التزام لبنان بتنفيذ بنود الاتفاق.
الجيش اللبناني، يعتبر الضامن الرئيسي للاستقرار والأمن في البلاد، ويواجه تحديات كبيرة في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة. ومع ذلك، يبذل الجيش جهودًا حثيثة لتعزيز قدراته وتنفيذ المهام الموكلة إليه.
التحديات والعقبات في طريق نزع السلاح الشامل
على الرغم من التقدم المُحرز في المرحلة الأولى، لا تزال هناك العديد من التحديات والعقبات التي تعترض طريق نزع السلاح الشامل لحزب الله. فمنذ وقف إطلاق النار، تتهم كل من إسرائيل وحزب الله الطرف الآخر بانتهاك الاتفاق، وتشكك إسرائيل في جهود الجيش اللبناني لجمع سلاح الحزب.
وقد كثفت إسرائيل من غاراتها الجوية على مواقع حزب الله في جنوب لبنان، وحتى في العاصمة بيروت، مما يزيد من تعقيد الوضع. بالإضافة إلى ذلك، يواجه حزب الله ضغوطًا من خصومه اللبنانيين، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، لنزع سلاحه، لكنه يرفض ذلك، معتبرًا أنه سيكون خطأً فادحًا طالما استمرت إسرائيل في غاراتها الجوية على لبنان.
موقف حزب الله من نزع السلاح
يرى حزب الله أن الاحتفاظ بسلاحه ضروري لضمان أمنه وحماية مصالح طائفته الشيعية في لبنان. ويؤكد الحزب أنه لن يتخلى عن سلاحه إلا إذا شعرت إسرائيل بتهديد أكبر وواصلت عدوانها على لبنان. هذا الموقف يعكس حالة عدم الثقة العميقة بين الطرفين، ويجعل من الصعب التوصل إلى حل جذري لهذه القضية.
ردود الفعل الدولية وضرورة التنفيذ الكامل
حثت إسرائيل السلطات اللبنانية علنًا على الوفاء بشروط وقف إطلاق النار، وهددت باتخاذ “الإجراءات اللازمة” إذا فشل لبنان في اتخاذ خطوات ملموسة ضد حزب الله. هذه التحذيرات تشير إلى أن إسرائيل قد تلجأ إلى استخدام القوة إذا لم تشعر بالرضا عن التقدم المُحرز في عملية نزع السلاح.
الولايات المتحدة، بدورها، تدعم بقوة عملية نزع السلاح، وتعتبر أنه جزء أساسي من جهودها الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة. وتدعو الولايات المتحدة جميع الأطراف المعنية إلى الالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، والعمل على إيجاد حل سلمي لهذه القضية.
مستقبل لبنان في ظل التهديدات الإقليمية
يعتبر نزع سلاح حزب الله قضية حساسة ومعقدة، وتؤثر بشكل كبير على مستقبل لبنان. فمن ناحية، يواجه لبنان ضغوطًا دولية لتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، ومن ناحية أخرى، يواجه الحزب دعمًا كبيرًا من إيران.
تتطلب هذه القضية حوارًا وطنيًا جادًا، ومشاركة جميع الأطراف المعنية، من أجل التوصل إلى حل يضمن أمن واستقرار لبنان. الأمن الإقليمي وثيق الصلة بوضع لبنان، والتوترات المتواصلة تشكل تهديدًا دائمًا للبلاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستقرار السياسي في لبنان أمر بالغ الأهمية لنجاح عملية نزع السلاح، ولجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
ختامًا، يعتبر التقدم في نزع سلاح حزب الله جنوب الليطاني خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار في لبنان والمنطقة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها، ويتطلب ذلك التزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف المعنية. يجب على الحكومة اللبنانية أن تواصل جهودها لتعزيز سلطة الدولة، وتوحيد السلاح، وتحقيق المصالحة الوطنية، من أجل بناء مستقبل أفضل للبنانيين. تابعوا آخر المستجدات حول هذا الموضوع الهام، وشاركوا بآرائكم حول التحديات والفرص التي تواجه لبنان.

