في الآونة الأخيرة، شهدت مدينة اللاذقية الساحلية في سوريا تصاعدًا في التوترات، حيث اندلعت اشتباكات بين متظاهرين من الطائفة العلوية وأنصار الحكومة، مما أدى إلى إطلاق قوات الأمن النار لتفريقهم. هذا الحدث يثير مخاوف جدية بشأن الاستقرار المتزايد الهش في سوريا، خاصةً بعد التغييرات السياسية التي شهدتها البلاد في العام الماضي. هذا المقال سيتناول تفاصيل هذه الأحداث، الأسباب الكامنة وراءها، والتداعيات المحتملة على مستقبل سوريا.
اللاذقية تشهد اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن
شهدت مدينة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية في سوريا، يوم الثلاثاء إطلاق نار من قبل قوات الأمن السورية لتفريق مجموعتين متنافستين من المتظاهرين. ووفقًا لشهود عيان ومسؤولين، فقد تجمع المئات من المتظاهرين العلويين للمطالبة بنظام سياسي لامركزي وإطلاق سراح المعتقلين الذين يعتبرونهم محتجزين بشكل غير عادل من قبل السلطات الجديدة. سرعان ما تجمع أنصار الحكومة وبدأوا في توجيه الإهانات للمتظاهرين العلويين.
وبحسب شهود العيان، فقد بدأت الاشتباكات في ساحة الزراعة، إحدى الساحتين الرئيسيتين اللتين شهدتا التظاهرات، حيث سمع دوي إطلاق النار. وأظهر مقطع فيديو تم التحقق منه من قبل رويترز رجلاً ملقى على الأرض مصابًا بجرح في الرأس. ولم يصدر أي بيان رسمي فوري حول عدد الضحايا.
تصريح رسمي وتضارب الروايات
نور الدين البريمو، رئيس العلاقات الإعلامية في محافظة اللاذقية، صرح لوكالة رويترز أن قوات الأمن أطلقت النار في الهواء لتفريق المتظاهرين المتنافسين، مضيفًا أن جهات مجهولة أطلقت النار أيضًا على المدنيين وقوات الأمن. ولم يقدم البريمو تفاصيل إضافية، لكن الشهود أفادوا بأن كلا المجموعتين تفرقتا بحلول فترة ما بعد الظهر.
مطالب العلويين وتصاعد المخاوف الأمنية
جاءت التظاهرات العلويّة استجابةً لدعوة من رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العلوي، غزال غزال، الذي دعا إلى التظاهر السلمي. وأعرب المتظاهرون عن قلقهم المتزايد بشأن الأمن الشخصي، حيث قالت “لين”، وهي إحدى المشاركات في الاحتجاج، والتي فضلت عدم الكشف عن اسمها الكامل لأسباب أمنية: “نطالب بالعيش بأمان، والذهاب إلى المدرسة دون خوف من الاختطاف. كان هذا هو المكان الوحيد الذي نشعر فيه بالأمان. الآن لم يعد هناك أمان ونحن عرضة للخطف والخوف.”
هذه الاحتجاجات تأتي في أعقاب مقتل ما يقرب من 1500 علويًا على يد قوات مرتبطة بالحكومة في مارس الماضي، بعد كمين نصبته قوات موالية للرئيس السابق بشار الأسد لقوات الأمن الحكومية. وذكرت رويترز أن العشرات من النساء العلويات قد اختطفن لاحقًا، على الرغم من نفي السلطات ذلك.
الوضع السياسي في سوريا وتداعيات العنف
يشهد الوضع في سوريا حالة من عدم الاستقرار منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في العام الماضي واستبداله بحكومة يقودها سنة. وقد شهدت البلاد عدة حوادث عنف طائفي منذ ذلك الحين. الرئيس الحالي، أحمد الشراعا، وهو إسلامي متشدد سابق، تعهد بالحكم لجميع السوريين، لكن الحرب الأهلية المستمرة منذ ما يقرب من 14 عامًا، بالإضافة إلى تفشي العنف في العام الماضي، أثارت مخاوف بشأن المزيد من عدم الاستقرار.
الوضع الأمني في اللاذقية يشكل تحديًا كبيرًا، حيث يعيش السكان في حالة من الخوف والقلق المستمر. هذا العنف الطائفي يهدد بتقويض جهود السلام والمصالحة في البلاد.
مستقبل سوريا: تحديات وفرص
إن الاستقرار في سوريا يتطلب معالجة شاملة للأسباب الجذرية للعنف الطائفي، وضمان حقوق جميع الطوائف والمجموعات العرقية. يجب على الحكومة السورية أن تعمل على بناء الثقة بين جميع المواطنين، وتعزيز سيادة القانون، وتوفير الأمن والعدالة للجميع.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يلعب دورًا فعالًا في دعم جهود السلام والمصالحة في سوريا، وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة للمتضررين من الحرب. الأزمة السورية تتطلب حلولًا سياسية شاملة ومستدامة، تضمن حقوق جميع السوريين وتحقق السلام والاستقرار في البلاد.
في الختام، الأحداث الأخيرة في اللاذقية هي بمثابة تذكير صارخ بالهشاشة المستمرة للوضع في سوريا. إن معالجة هذه التحديات تتطلب جهودًا متضافرة من جميع الأطراف المعنية، من أجل بناء مستقبل أفضل لجميع السوريين. ندعو إلى الحوار والتسامح والعمل المشترك من أجل تحقيق السلام والاستقرار في هذا البلد المنكوب.

