في رد فعل ناري، نفذت القوات الأمريكية، بمشاركة قوات أردنية، سلسلة غارات جوية واسعة النطاق ضد أهداف يُعتقد أنها مرتبطة بفلول تنظيم داعش في سوريا، وذلك بعد أيام قليلة من الكمين الذي أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين ومترجم أمريكي في مدينة تدمر. هذه العملية العسكرية، التي أطلق عليها اسم “عملية عين الصقر” (Operation Hawkeye Strike)، تؤكد التصعيد في المواجهة مع الجماعات المتطرفة في المنطقة، وتثير تساؤلات حول مستقبل السياسة الأمريكية في سوريا.

غارات جوية مكثفة تستهدف مواقع داعش في سوريا

شنت القوات الجوية الأمريكية، باستخدام طائرات F-15 وA-10 بالإضافة إلى مروحيات الأباتشي، غارات جوية مكثفة على أكثر من 70 هدفًا في مناطق ريفية ووسطى وشرقية سوريا. وقد انضمت إليها القوات الجوية الأردنية بطائرات F-16 في هذه العمليات التي استمرت لساعات، وامتدت من محافظة دير الزور إلى مدينة تدمر ومناطق أخرى في الصحراء السورية وصولاً إلى الرقة في الشمال الشرقي.

وبحسب مسؤول أمريكي مُطلع على تفاصيل العملية، فقد تم استخدام أنظمة HIMARS الصاروخية الأرضية أيضًا في القصف. وأكد المسؤول أن الضربات استهدفت “مقاتلي داعش والبنية التحتية ومواقع الأسلحة”، وأن العملية مستمرة ومن المتوقع أن تتسع خلال الساعات القادمة.

رد فعل على الكمين في تدمر وموقف ترامب

جاءت هذه الغارات ردًا مباشرًا على الكمين الذي وقع في مدينة تدمر في 13 ديسمبر، وأسفر عن مقتل الجنديين الأمريكيين من الحرس الوطني بولاية أيوا والمترجم الأمريكي من أصول عراقية، أياد منصور سكات، من ولاية ميشيغان. كما أُصيب ثلاثة جنود أمريكيين آخرين، بالإضافة إلى اثنين على الأقل من أفراد الأمن السوري.

ألقى القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) باللوم على “مسلح من داعش يعمل بمفرده” في الهجوم، على الرغم من أن التنظيم لم يتبنَّ المسؤولية بشكل مباشر. وقد حددت وزارة الداخلية السورية المهاجم بأنه أحد المجندين في قوات الأمن السورية، والذي كان يشتبه في تبنيه أفكارًا متطرفة.

وعقب الهجوم، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمعاقبة تنظيم داعش، مؤكدًا على وسائل التواصل الاجتماعي دعمه الكامل للعمليات العسكرية. وفي تطور لافت، صرح الرئيس السوري أحمد الشراعا بأنه “يدعم بشكل كامل” هذه الضربات، وأعرب عن شكره للرئيس ترامب وللكونغرس الأمريكي لتعديل قانون قيصر وسحب بعض العقوبات عن سوريا.

السياق الأوسع للعمليات العسكرية ضد الإرهاب

تأتي هذه الضربات في سياق جهود مستمرة للقوات الأمريكية وقوات التحالف لمكافحة الإرهاب في سوريا والعراق. فقد أعلنت القيادة المركزية الأمريكية عن تنفيذ عشر عمليات أخرى في البلدين بعد الهجوم في تدمر، أدت إلى “مقتل أو اعتقال 23 عنصرًا إرهابيًا”. وأضافت القيادة المركزية أن القوات الأمريكية بالتعاون مع القوات العراقية والسورية نفذت أكثر من 80 عملية ضد داعش خلال الأشهر الستة الماضية.

هذه العمليات العسكرية تبرز التزام الولايات المتحدة بمواجهة التهديدات الإرهابية في المنطقة، وحماية المصالح الأمريكية وحلفائها.

تداعيات محتملة ومستقبل السياسة الأمريكية في سوريا

تثير عملية “عين الصقر” تساؤلات حول تداعياتها المحتملة على الوضع الأمني والسياسي في سوريا، بالإضافة إلى مستقبل السياسة الأمريكية في البلاد. فقد أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن الهجوم يمثل “رسالة قوية” لتنظيم داعش وأي جماعة أخرى تسعى إلى استهداف المصالح الأمريكية.

ويواجه الرئيس ترامب تحديًا كبيرًا في تنفيذ سياسته في سوريا، والتي يتمحور حول إنهاء “الصراعات الأجنبية اللانهائية”. ويقود هذه السياسة المبعوث الخاص للشؤون السورية، توم باراك، الذي أكد على أن الرئيس ترامب استبعد أي تدخل في بناء الدول في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن الإدارة الأمريكية تخطط لمواصلة دعم القوات الأمنية السورية.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض المسؤولين الأمريكيين يعترفون سرًا بوجود شخصيات متطرفة سابقة من تنظيم القاعدة في صفوف قوات النظام السوري. وقد بدأت وزارة الخارجية الأمريكية في البحث عن مواقع لفتح سفارة جديدة في دمشق.

الخلاصة

إن الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة ضد فلول داعش في سوريا، والتي جاءت ردًا على الهجوم في تدمر، تمثل تصعيدًا في المواجهة مع الجماعات المتطرفة في المنطقة. وتؤكد هذه العمليات التزام الولايات المتحدة بمكافحة الإرهاب وحماية أمنها القومي. ومع ذلك، فإن هذه التطورات تثير تساؤلات مهمة حول مستقبل السياسة الأمريكية في سوريا، وتحدياتها المحتملة. وسيستمر الوضع في التطور في الأيام والأسابيع القادمة، وسيكون من الضروري متابعة التفاعلات الإقليمية والدولية عن كثب لفهم كامل للتداعيات.

(هذا المقال قابل للتحديث مع تطور الأحداث.)

الكلمات المفتاحية الثانوية: سوريا، مكافحة الإرهاب، القيادة المركزية الأمريكية، دونالد ترامب، تنظيم داعش.

شاركها.
Exit mobile version