ففي عبارة “أراضي العدو” ـ التعبير الملطف الذي تستخدمه إسرائيل لوصف غزة ـ ليس من قبيل السخرية أن نرى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وهي تدمر البنية الأساسية في غزة من أجل قتل الفلسطينيين، في حين تعمل على بناء البنية الأساسية لجنودها. واي نت أفادت تقارير إخبارية عن بناء ملاذ للجنود الإسرائيليين حيث يمكنهم الاسترخاء والراحة والاستمتاع بوسائل الراحة بما في ذلك الوصول إلى المياه والخدمات الطبية وخدمات الصحة العقلية، كل ذلك أثناء ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.

ويصف التقرير المنشأة بأنها “ملجأ صغير على شاطئ البحر” والذي “يوفر للجنود استراحة نادرة من مهامهم الشاقة في قطاع غزة”. من غير الطبيعي أن نفكر في الكماليات على بعد أمتار قليلة من ضحايا الإبادة الجماعية في غزة، ولكن هذا هو ما تتفوق فيه إسرائيل: تطبيع ما هو غير طبيعي. وما يزيد من السخرية أن التقرير يبدو وكأنه إعلان عن منتجع لقضاء العطلات. على الرغم من أن غاريد كوشنر يقتصر حتى الآن على الجيش، إلا أنه لا بد أن يكون فخورًا بأن أفكاره حول “العقارات الفاخرة المطلة على شاطئ غزة” قد تم أخذها بعين الاعتبار بالفعل.

”شرائح اللحم والقطع المميزة الأخرى مشوية إلى حد الكمال“

وبينما تقوم إسرائيل بتجويع الفلسطينيين لضمان استمرار الإبادة الجماعية، يتناول الجنود الإسرائيليون في المنتجع “وجبات إفطار فخمة تذكرنا ببوفيه الفندق”. يشير التقرير إلى أن الطاولة موضوعة على حديقة خضراء. لدى الجنود منطقة للشواء تقدم أكثر من مجرد وجبات سريعة عادية: “يتم شواء شرائح اللحم وغيرها من القطع الفاخرة إلى حد الكمال.” كما يمكنهم الحصول على 99% من الأدوية التي قد يحتاجون إليها، ولديهم مساحة للعبادة الدينية، ومنطقة ترفيهية قيد الإنشاء، والأهم من ذلك، أن هناك محطة لتحلية المياه يمكنها إنتاج 60,000 لتر من مياه الشرب يوميًا.

اقرأ: مدير الأونروا يقول إن طفلا فلسطينيا يقتل كل ساعة في غزة

وفي الوقت نفسه، امتزج الفلسطينيون في غزة بالخيام المحيطة بهم وسط أطنان من الأنقاض، حيث من المستحيل زراعة طعامهم، وحيث تستخدم إسرائيل الغذاء نفسه كسلاح لتمكينها من ارتكاب المجازر. لقد تم تدمير أماكن عبادتهم، وكذلك مستشفياتهم. إن الصدمة التي تعرض لها الفلسطينيون منذ نكبة عام 1948 سوف تتطلب مصطلحات وصفية جديدة، وماذا عن ممارسي الصحة العقلية الذين يعانون من صدمة خاصة بهم نتيجة للإبادة الجماعية؟ لقد دمرت إسرائيل كل أشكال الحياة في غزة من أجل بناء مجتمع استعماري، بدءاً بجنودها.

يشير أحدث تقرير لـ هيومن رايتس ووتش إلى أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرمت إسرائيل الفلسطينيين من الوصول إلى المياه، التي كانت نادرة بالفعل في غزة. وحددت منظمة الصحة العالمية ما لا يقل عن 50-100 لتر من الماء للشخص الواحد يوميا لتلبية الاحتياجات الأساسية. وبحلول عام 2021، لن يتمكن كل فلسطيني في غزة من الحصول إلا على 83 لترًا يوميًا. منذ 7 أكتوبر 2023، انخفضت الكمية إلى 2-9 لترات للشخص الواحد يوميًا، وهو أقل بكثير من 15 لترًا المحددة كحد أدنى في حالات الطوارئ الممتدة.

في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت بفرض حصار كامل على غزة: “لا كهرباء ولا طعام ولا وقود، كل شيء مغلق”.

ولا عجب أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه.

وعلى النقيض من هذا الحرمان المتعمد لتعزيز احتمالات نجاح الإبادة الجماعية، فإن الجنود الإسرائيليين يحصدون العكس ليس باعتباره من حقوق الإنسان الأساسية، بل كمزايا لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وبطبيعة الحال، فإن الميزة النهائية هي إعادة إنشاء المستوطنين الصهاينة في غزة، والتي يقوم الجيش الإسرائيلي بوضع الأساس لها. وفي الوقت نفسه، فإن العالم لا يجلس فحسب، بل يستريح مكتوف الأيدي.

رأي: يواصل الاتحاد الأوروبي حماية إسرائيل والإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الفلسطينيين

الآراء الواردة في هذا المقال مملوكة للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لميدل إيست مونيتور.


الرجاء تفعيل جافا سكريبت لعرض التعليقات.

شاركها.
Exit mobile version