منذ بداية الحرب الإبادة الجماعية على غزة قبل عام تقريبًا، قطعت إسرائيل جميع مصادر الكهرباء عن القطاع وسط أعمال عنف وتدمير مستمرة، كما كتب المركز الفلسطيني للإعلاملقد وصف الكثيرون هذه العملية بأنها إبادة جماعية. ففي ذلك الوقت، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن إمدادات المياه والكهرباء والغذاء إلى غزة سوف تُقطع بالكامل، مشيراً إلى الفلسطينيين في القطاع باعتبارهم “حيوانات بشرية”.

وفي الوقت نفسه، استهدفت الغارات الجوية التي تشنها دولة الاحتلال منازل المدنيين والبنية التحتية الأخرى بلا هوادة، مما أدى إلى إغراق غزة في ظلام دامس، مما أدى إلى تعقيد الحياة اليومية بسبب اعتماد السكان بشكل كامل على الكهرباء في جميع مناحي الحياة، في المنازل وكذلك المستشفيات والمرافق العامة الأخرى.

إن قضية الكهرباء في غزة ليست جديدة أو حديثة. ففي عام 2006، دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزة بالكامل، مما أدى إلى انزلاق القطاع إلى أزمة طاقة حادة تفاقمت في أوقات مختلفة. ولطالما استخدمت إسرائيل الكهرباء كأداة في حصارها، مما أدى إلى اختناق السكان وتفاقم معاناتهم. والمولدات الاحتياطية للطوارئ في أماكن مثل المستشفيات، كما يوحي اسمها، مخصصة للاستخدام الطارئ على المدى القصير، وليس كبديل دائم. وهي تتعطل، وقطع الغيار محظورة بسبب حصار دولة الاحتلال لغزة منذ ما يقرب من 20 عامًا.

وأفاد مراسلنا أن انقطاع الكهرباء بشكل كامل بدأ منذ الأسبوع الأول من الحرب الإبادة الجماعية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما قطعت إسرائيل جميع خطوط الكهرباء وأغلقت المعابر، مما منع الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء أو المولدات التي يمكن أن توفر الطاقة البديلة.

اقرأ: فنلندا تنسحب من خطة إجلاء المرضى من غزة “لإعطاء الأولوية لأوكرانيا”

ورغم استمرار الحرب والقتل، يواصل الفلسطينيون البحث عن بدائل للتغلب على هذه المحنة. ومن بين هذه البدائل الألواح الشمسية التي أصبحت حلاً شائعاً، لكن الطلب عليها تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل كبير. ويقول المهندس حسن عبد الوهاب، الخبير في أنظمة الطاقة البديلة، لمراسلنا إن أسعار الألواح الشمسية ارتفعت عدة مرات، حيث كانت اللوحة التي تبلغ قدرتها 660 واط تباع بـ 200 دولار قبل الحرب، والآن يزيد سعرها عن 1300 دولار.

وأضاف أن ألواح الطاقة الشمسية أصبحت نادرة، حيث منعت إسرائيل دخولها عبر المعابر منذ بدء الحرب، كما شهدت أسعار الكابلات والفرامل والبطاريات الكبيرة ارتفاعات كبيرة، وصلت في بعض الأحيان إلى عشرة أضعاف سعرها الأصلي.

وبحسب عبد الوهاب فإن تكلفة نظام الطاقة الشمسية متوسط ​​الحجم، والتي كانت حوالي 4 آلاف دولار قبل الحرب، ارتفعت الآن إلى أكثر من 20 ألف دولار.

وقال محمود المغربي، الذي أنشأ محطة شحن وبدأ ببيع الماء المثلج باستخدام الألواح الشمسية التي كان يملكها قبل الحرب، إن هذه البدائل لا يمكن أن تحل محل الكهرباء بشكل كامل. وتواجه غزة أزمة كهرباء منذ ما يقرب من 20 عامًا، لكن الوضع ساء بشكل كبير منذ بدء هذه الحرب، مما ترك المنازل بدون أي كهرباء على الإطلاق.

وأشار المغربي إلى أن الحياة لا يمكن أن تستمر بدون كهرباء، وقال: “نحن نعيش في عصر العولمة والثورة الرقمية، ومع ذلك لا نزال بلا كهرباء، فأي إرهاب وإجرام هذا؟”.

وتتراوح احتياجات غزة من الكهرباء بين 400 و500 ميغاواط، وتبلغ ذروتها عند 600 ميغاواط خلال فصل الشتاء والصيف. ولكن حتى قبل الحرب، لم تتجاوز الطاقة المتاحة من المصادر المصرية والإسرائيلية، إلى جانب الإنتاج المحلي، 250 ميغاواط، مما أدى إلى عجز يتراوح بين 50 و70%. وقد انعكس هذا النقص في جداول توزيع الكهرباء، التي توقفت تماماً منذ ما يقرب من أحد عشر شهراً بسبب توقف جميع إمدادات الكهرباء.

وبالإضافة إلى قطع الكهرباء وعرقلة إمدادات الطاقة البديلة، منعت إسرائيل أيضاً إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل مولدات المستشفيات، والتي تشكل أهمية بالغة للرعاية الطبية في مختلف أنحاء غزة. وفي عدد من الحالات، استهدفت الغارات الجوية المستشفيات ذاتها. وقُتل المئات من العاملين في المجال الطبي.

ويفيد مراسلنا أن إسرائيل استهدفت خلال الحرب المباني التي تحتوي على ألواح شمسية على أسطحها، بهدف تدمير أي شيء قد يعزز قدرة الفلسطينيين على الصمود. وبسبب بطء إمدادات الوقود الإسرائيلية وارتفاع الأسعار بشكل حاد، أصبح من الصعب للغاية على بعض السكان تشغيل مولداتهم الخاصة، فضلاً عن نقص قطع الغيار.

وباعتبارها القوة المحتلة في غزة، فإن إسرائيل ملزمة بتسهيل المساعدات الإنسانية بموجب المادة 59 (1) من اتفاقية جنيف الرابعة. إن الفشل في توفير الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء والوقود والأدوية للسكان المدنيين تحت الاحتلال يعد جريمة حرب.

يقرأ: غزة: مليون فلسطيني بحاجة إلى مساعدات إيواء قبل الشتاء

يرجى تفعيل JavaScript لعرض التعليقات.
شاركها.
Exit mobile version