في حادث مأساوي، لقي جنديان أمريكيان ومترجم مدني سوري حتفهم في وسط سوريا يوم السبت، بعد إطلاق نار من قبل شخص يُزعم أنه من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). هذا الهجوم، الذي استهدف دورية مشتركة أمريكية-سورية، أثار ردود فعل غاضبة من واشنطن وتعهدات بـ انتقام شديد.

تفاصيل الهجوم في تدمر

وقع الهجوم في منطقة تدمر، المدينة الأثرية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي والتي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش في ذروة توسعه في سوريا. وأكد المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أن الهجوم كان كمينًا نفذه مسلح واحد من داعش، وتم “اشتباكه وقتله”.

وأضاف بارنيل أن الجنود كانوا يقومون بـ “اجتماع رئيسي مع قادة محليين” لدعم عمليات مكافحة الإرهاب عندما وقع الهجوم. بينما صرح المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، أن الكمين استهدف “دورية مشتركة بين الولايات المتحدة والحكومة السورية”.

ردود الفعل الرسمية

عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حزنه العميق لوفاة الجنود الثلاثة، واصفًا إياهم بـ “أبطال أمريكيين عظيمين” على منصته Truth Social، ووعد بـ انتقام شديد. وأشار ترامب إلى أن الهجوم كان “هجومًا من داعش ضد الولايات المتحدة وسوريا، في جزء خطير جدًا من سوريا ليس تحت سيطرتهم بالكامل”.

كما أعلن ترامب أن ثلاثة جنود أمريكيين آخرين أصيبوا في الهجوم، لكنهم “في حالة جيدة”. من جانبه، أعرب الرئيس السوري الجديد أحمد الشراعا، الذي زار البيت الأبيض الشهر الماضي، عن “غضبه الشديد واستيائه” من الهجوم، وفقًا لترامب.

إدانة سوريا وتصريحات المسؤولين

أدان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في منشور على منصة X، “الهجوم الإرهابي الذي استهدف دورية مشتركة لمكافحة الإرهاب بين سوريا والولايات المتحدة بالقرب من تدمر”. وأعرب عن “خالص التعازي لعائلات الضحايا، والحكومة والشعب الأمريكيين”، متمنيًا الشفاء العاجل للمصابين.

وكشف مسؤول عسكري سوري، طلب عدم الكشف عن هويته، أن إطلاق النار وقع “أثناء اجتماع بين ضباط سوريين وأمريكيين” في قاعدة سورية في تدمر. وأفاد شاهد عيان، فضل عدم الكشف عن هويته، بأنه سمع إطلاق النار من داخل القاعدة.

تحذيرات سورية من تسلل داعش

في المقابل، أكد مسؤول في البنتاغون، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الهجوم “وقع في منطقة لا تخضع لسيطرة الرئيس السوري”. وفي تصريح تلفزيوني، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، أنور البابا، إن هناك “تحذيرات مسبقة من قيادة الأمن الداخلي للقوات المتحالفة في المنطقة الصحراوية” بشأن احتمال “تسلسل داعش”. وأضاف أن “قوات التحالف الدولي لم تأخذ التحذيرات السورية بشأن احتمال تسلل داعش في الاعتبار”.

السياق الإقليمي وتصعيد التوترات

يأتي هذا الهجوم في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، وتأكيد الولايات المتحدة على استمرارها في مكافحة الإرهاب في سوريا. ويعتبر هذا الحادث الأول من نوعه منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر الماضي، وإعادة إحياء العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الاجتماع كان جزءًا من “استراتيجية أمريكية لتعزيز وجودها ونفوذها في الصحراء السورية”. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن مروحيات قامت بإجلاء الجرحى إلى قاعدة التنف في جنوب سوريا، حيث تتمركز القوات الأمريكية كجزء من التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم داعش.

مستقبل التعاون ومكافحة الإرهاب

في الشهر الماضي، انضمت دمشق رسميًا إلى التحالف خلال زيارة الشراعا التاريخية إلى واشنطن. يذكر أن تنظيم داعش سيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية في عام 2014، خلال الحرب الأهلية السورية، قبل أن يهزم إقليميًا بعد خمس سنوات.

ومع ذلك، لا يزال مقاتلو التنظيم يحتفظون بوجودهم، خاصة في الصحراء السورية الشاسعة. وتنتشر القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة الأكراد، وكذلك في التنف بالقرب من الحدود مع الأردن. هذا الهجوم يثير تساؤلات حول مستقبل التعاون بين الولايات المتحدة وسوريا في مكافحة الإرهاب، ويؤكد على التحديات المستمرة التي تواجهها المنطقة في مواجهة خطر تنظيم داعش و التهديد الإرهابي. من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تطورات إضافية، بما في ذلك ردود فعل أمريكية محتملة على هذا الهجوم المأساوي، وربما إعادة تقييم لاستراتيجيات مكافحة الإرهاب في سوريا. الوضع يتطلب حذرًا شديدًا وتعاونًا دوليًا فعالًا لضمان استقرار المنطقة ومنع عودة النشاط الإرهابي.

شاركها.
Exit mobile version