أكثر من ثلاثة ملايين سوري عادوا إلى ديارهم منذ عام، لكن تراجع التمويل الدولي قد يعيق المزيد من العودة. هذا ما أكدته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مُشيرةً إلى أن الوضع الإنساني في سوريا لا يزال هشًا ويتطلب دعمًا مستمرًا. الوضع يثير تساؤلات حول مستقبل العودة الطوعية للسوريين، وهل ستستمر بوتيرة مماثلة في ظل الظروف الحالية؟

العودة إلى سوريا: إحصائيات وتحديات

كشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) عن عودة 1.2 مليون لاجئ بالإضافة إلى 1.9 مليون نازح داخلي إلى سوريا بعد انتهاء الحرب الأهلية. هذا الرقم يمثل إنجازًا كبيرًا، ولكنه يطرح في الوقت نفسه تحديات جمة. فبينما يعبر السوريون عن رغبتهم في إعادة بناء حياتهم في وطنهم، تبقى هناك ملايين آخرون غير قادرين على العودة بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية والإنسانية الصعبة.

أسباب العودة و دوافعها

تتعدد الأسباب التي تدفع السوريين للعودة، أبرزها:

  • الرغبة في الاستقرار: الحنين إلى الوطن والرغبة في العيش بين الأهل والأصدقاء.
  • تحسن الأوضاع الأمنية: على الرغم من بقاء بعض التحديات الأمنية، إلا أن الوضع العام شهد تحسنًا في العديد من المناطق.
  • الظروف الاقتصادية الصعبة في دول اللجوء: ارتفاع تكاليف المعيشة وصعوبة الحصول على فرص عمل.
  • الأمل في إعادة الإعمار: رغبة البعض في المساهمة في عملية إعادة بناء سوريا.

تراجع التمويل الدولي يشكل خطرًا حقيقيًا

على الرغم من عودة عدد كبير من السوريين، فإن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين تحذر من أن تراجع التمويل الدولي قد يؤدي إلى إعاقة هذه العملية. فقد بلغ التمويل الحالي لخطة الاستجابة الإنسانية في سوريا 3.19 مليار دولار، وهو ما يمثل 29% فقط من المبلغ المطلوب. هذا النقص الحاد في التمويل يهدد بوقف أو تقليل العديد من البرامج والمشاريع الحيوية التي تدعم العائدين والنازحين.

تأثير نقص التمويل على الخدمات الأساسية

يؤثر نقص التمويل بشكل مباشر على قدرة المنظمات الإنسانية على توفير الخدمات الأساسية، مثل:

  • الرعاية الصحية: مع تراجع الدعم، تواجه المستشفيات نقصًا في الأدوية والمعدات والطواقم الطبية، مما يؤثر على جودة الرعاية المقدمة. حتى الآن، 58% فقط من المستشفيات تعمل بكامل طاقتها، وبعضها يعاني من انقطاع التيار الكهربائي، مما يؤثر على تخزين اللقاحات.
  • المياه والصرف الصحي: النقص في التمويل يعيق جهود صيانة وتوسيع شبكات المياه والصرف الصحي، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض.
  • الغذاء: تراجع المساعدات الغذائية يهدد بزيادة معدلات الجوع وسوء التغذية، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفًا.
  • إزالة الألغام: وتشكل خطرًا كبيرًا على العائدين، حيث سجلت منظمة “هيومنيتي آند إنكلوزيون” أكثر من 1500 حالة وفاة وإصابة بسبب الألغام والمتفجرات في العام الماضي، بينما يبلغ التمويل المخصص لإزالة الألغام 13% فقط.

مخاوف من “عودة عكسية”

أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، عن قلقه من احتمال حدوث “عودة عكسية” للسوريين، أي أن يعودوا إلى دول الجوار بعد شعورهم بالإحباط بسبب الظروف المعيشية الصعبة وعدم توفر الخدمات الأساسية في مناطقهم الأصلية.

عوامل تزيد من خطر العودة العكسية

  • الدمار الهائل: العديد من المدن والقرى السورية مدمرة بشكل كبير، مما يجعل العودة إليها أمرًا صعبًا ومكلفًا.
  • الوضع الاقتصادي المتردي: يعاني الاقتصاد السوري من انهيار كبير، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
  • غياب الأمن والمصالحة: على الرغم من انتهاء المعارك الكبرى، إلا أن التوترات المحلية لا تزال قائمة، مما يعيق جهود المصالحة وإعادة الثقة بين المجتمعات.
  • نقص الخدمات الأساسية: كما ذكرنا سابقًا، فإن نقص التمويل يؤثر على توفر الخدمات الأساسية، مما يجعل الحياة صعبة للعائدين. يجب أن تكون إعادة بناء سوريا أولوية للجهات المانحة.

هل تغيرت الأولويات الإنسانية؟

يرى بعض المسؤولين المعنيين أن سوريا أصبحت من أوائل الأزمات التي تتأثر بتخفيضات في التمويل الإنساني، بسبب اعتبار انتهاء الحرب أنها لم تعد حالة طارئة تستحق الأولوية في التمويل. كما أن البعض الآخر قد يكونون مترددين في تقديم الدعم بسبب المخاوف المتعلقة بسلطات الرئيس بشار الأسد، وانتظارهم لتقييم مدى التزامها بوعود الإصلاح والمساءلة، بما في ذلك محاسبة المسؤولين عن مجازر بحق الأقلية العلوية.

الوضع في سوريا معقد ويتطلب حلولًا شاملة ومستدامة. يجب على المجتمع الدولي أن يواصل تقديم الدعم الإنساني للشعب السوري، وأن يعمل على خلق بيئة آمنة ومستقرة تتيح له العودة إلى دياره وإعادة بناء حياته. مستقبل الوضع الإنساني في سوريا يعتمد على تضافر الجهود الدولية.

أتمنى أن يكون هذا المقال مفيدًا ويحقق أهدافك من حيث SEO وقابلية القراءة.

شاركها.
Exit mobile version