في تطور مأساوي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن مقتل اثنين من جنود الحرس الوطني الأمريكي في هجوم مسلح في مدينة تدمر السورية يوم السبت. هذا الحادث، الذي استهدف قافلة أمريكية كانت في زيارة رسمية، يثير تساؤلات حول الوضع الأمني المتدهور في سوريا ومستقبل التعاون بين واشنطن ودمشق في مكافحة الإرهاب. هجوم تدمر يمثل خسارة فادحة للجيش الأمريكي ويؤكد على التحديات المستمرة في المنطقة.

تفاصيل هجوم تدمر ومقتل الجنود الأمريكيين

أفادت وزارة الجيش الأمريكية، يوم الاثنين، بالكشف عن هوية الجنديين القتيلين، وهما الرقيب برايان توريس توفار (25 عامًا) من دي موين، والرقيب ويليام ناثانيال هوارد (29 عامًا) من مارشالتاون، وكلاهما من الحرس الوطني في ولاية أيوا. وذكر البيان أن الجنديين “لقيا حتفهما متأثرين بجراحهما بعد اشتباكهما مع قوات معادية”.

كان توريس وهوارد جزءًا من قافلة أمريكية أكبر زارت مدينة تدمر في مهمة رسمية للقاء مسؤولين من وزارة الداخلية السورية. هذا اللقاء يأتي في إطار التعاون المتزايد بين الولايات المتحدة ودمشق، وإن كان محدودًا، في عمليات تتبع فلول تنظيم داعش في سوريا.

ردود الفعل الرسمية وإدانة الهجوم

أصدرت وزارة الداخلية السورية بيانًا في وقت سابق من يوم الأحد، أدانت فيه الهجوم، وألقت باللوم على “عضو في تنظيم داعش” تمكن من “التسلل إلى الاجتماع وفتح النار على القوات السورية الأمريكية المشتركة”. وأكدت الوزارة في بيانها “إدانة واستنكار هذا الفعل الإجرامي، معتبرة إياه محاولة متعمدة لزعزعة الأمن وتقويض الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب”.

وأضافت الوزارة أن الحكومة السورية الجديدة، التي تولت السلطة في ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد من قبل تحالف المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام والرئيس الحالي أحمد الشراعا، كانت قد حذرت الجانب الأمريكي في السابق من “محاولات تنظيم داعش المستمرة لشن هجمات”.

تفاصيل إضافية وخسائر أخرى

بالإضافة إلى مقتل الجنديين الأمريكيين، أسفر الهجوم الإرهابي في تدمر عن إصابة اثنين من أفراد الأمن السوري وثلاثة جنود أمريكيين آخرين. كما قُتلت أيضًا متعاقدة مدنية أمريكية تعمل كمترجمة، لم يتم الكشف عن هويتها بعد من قبل البنتاغون.

وقد تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانتقام لتنظيم داعش، وأكد على استمرار دعمه لحكومة الشراعا، واصفًا الهجوم بأنه استهدف “الولايات المتحدة وسوريا”.

التحقيقات الجارية واعتقالات المشتبه بهم

أعلنت وزارة الداخلية السورية عن اعتقال خمسة أشخاص يشتبه في تورطهم في الهجوم. وأفاد المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، في تصريحات لوسائل الإعلام السورية، أن المهاجم، الذي قُتل خلال تبادل إطلاق النار خارج مكان الاجتماع، كان قد تم اكتشاف تبنيه “آراء متطرفة” مؤخرًا، وأن قرارًا بشأن توقيفه كان مقررًا يوم الأحد، أي بعد يوم من تنفيذ الهجوم.

وأكد البابا أن المهاجم لم يكن مرتبطًا بالقوات الأمنية السورية، وأنه لم يكن جزءًا من حراسة الوفد أو من القيادة العليا للوزارة.

تساؤلات حول أمن القافلة الأمريكية

لا يزال من غير الواضح كيف تمكن المهاجم من الاقتراب من مكان الاجتماع في تدمر، التي تقع على بعد عشرات الأميال من أقرب منطقة عمليات للجيش الأمريكي على طول الحدود السورية الأردنية العراقية.

رفض متحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية الإدلاء بأي تكهنات حول ما وصفه البنتاغون بأنه “تحقيق مستمر”. ولم يتم الكشف عن حالة الجنود الأمريكيين الثلاثة المصابين حتى يوم الاثنين.

مستقبل التعاون الأمريكي السوري في مكافحة الإرهاب

يثير الحادث الأمني في تدمر تساؤلات جدية حول مستقبل التعاون بين الولايات المتحدة وسوريا في مكافحة الإرهاب. على الرغم من أن هذا التعاون كان محدودًا، إلا أنه كان يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة.

من المهم الإشارة إلى أن هذا الهجوم يأتي في وقت تشهد فيه سوريا تحولات سياسية كبيرة، مع وصول حكومة جديدة إلى السلطة. الوضع الأمني في سوريا لا يزال هشًا، وتواجه الحكومة السورية تحديات كبيرة في بسط سيطرتها على كامل البلاد.

الخلاصة

يمثل هجوم تدمر تطورًا مقلقًا يؤكد على استمرار التهديد الإرهابي في سوريا. التحقيقات جارية لتحديد ملابسات الهجوم ومحاسبة المسؤولين. من الضروري أن تواصل الولايات المتحدة وسوريا العمل معًا لمكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الأمنية والسياسية المعقدة. هذا الحادث يذكرنا بأهمية الحذر واليقظة في مواجهة خطر الإرهاب، ويدعو إلى تعزيز الجهود الدولية لمكافحته.

شاركها.
Exit mobile version