وزير الدفاع الأمريكي في مرمى تحقيق بسبب استخدام تطبيق “سيجنال” للتواصل الآمن
تتصاعد المخاوف بشأن ممارسات الأمن السيبراني في وزارة الدفاع الأمريكية، حيث كشف تحقيق داخلي عن تجاوزات محتملة من قبل وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، تتعلق باستخدام تطبيق “سيجنال” المشفر، وهو تطبيق مراسلة يركز على الخصوصية، في نقل معلومات حساسة حول خطط لعمليات عسكرية في اليمن. هذا الأمر أثار جدلاً واسعاً حول مدى التزام المسؤولين الحكوميين بإجراءات الحماية اللازمة للبيانات السرية. التحقيق يركز على مخاطر محتملة تتعلق بتسريب المعلومات، مما قد يؤثر سلبًا على سلامة القوات الأمريكية ونجاح العمليات.
تحقيق البنتاغون يوجه تهمًا لهيجسيث
كشف تحقيق أجراه المفتش العام المستقل لوزارة الدفاع (البنتاغون) عن أخطاء ارتكبها وزير الدفاع بيت هيجسيث، وذلك باستخدامه تطبيق “سيجنال” على جهازه الشخصي لنقل معلومات حساسة تتعلق بعمليات عسكرية مخططة في اليمن. وخلص التقرير إلى أن هذا الإجراء قد يكون عرض القوات الأمريكية للخطر في حال اعتراض الرسائل.
وبحسب مصادر مطلعة على تفاصيل التقرير، فإن التحقيق لم يحدد ما إذا كانت المعلومات التي شاركها هيجسيث مصنفة رسميًا حينها، حيث أن التقرير اعترف بأن هيجسيث، بصفته رئيس البنتاغون، يمتلك صلاحية تحديد مستوى تصنيف المعلومات. هذا الجدل حول التصنيف الدقيق للمعلومات يضيف طبقة من التعقيد إلى القضية.
على الرغم من هذه المشكلات، صرح المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في بيان رسمي بأن التحقيق “برأ” هيجسيث، مؤكداً أن “المسألة قد حُلت وأُغلقت”. هذا التصريح أثار تساؤلات حول مدى شفافية البنتاغون في التعامل مع هذه القضية الحساسة.
المخاوف القانونية المتصاعدة
يتزامن هذا التحقيق مع فترة حساسة بالنسبة لهيجسيث، حيث تتزايد التدقيق في قيادته والإشراف على العمليات العسكرية الأمريكية ضد السفن المشتبه بها التي تحمل مخدرات في منطقة البحر الكاريبي. هذه العمليات أثارت مخاوف قانونية بشأن مدى التزامها بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان.
تعود تفاصيل هذه القضية إلى مارس الماضي، عندما شارك هيجسيث تفاصيل حول الهجوم الوشيك على مقاتلي جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن مع مجموعة من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس ترامب. بشكل غير مقصود، تم تضمين رئيس تحرير مجلة “الأتلانتيك”، جيفري جولدبرج، في هذه المجموعة.
تسريب المعلومات عبر “الأتلانتيك”
بعد تلقيه هذه المعلومات، نشر جيفري جولدبرج مقالاً في مجلة “الأتلانتيك” كشف فيه تفاصيل المحادثات. عندما اتهم مسؤولون في إدارة ترامب جولدبرج بالمبالغة في أهمية هذه المعلومات، قام بنشر لقطات شاشة من الرسائل المتبادلة بين هيجسيث والمسؤولين الآخرين.
أظهرت لقطات الشاشة هيجسيث وهو يرسل رسائل نصية حول الخطط التفصيلية لقتل زعيم حوثي في اليمن قبل ساعتين فقط من تنفيذ العملية العسكرية السرية. هذه التفاصيل دفعت إلى تساؤلات حول مدى التهاون في التعامل مع المعلومات الحساسة.
وفقًا للمصادر، فإن تقرير المفتش العام يشير إلى أن المعلومات المرسلة إلى هيجسيث كانت مصنفة في ذلك الوقت، وأن تسريبها المحتمل كان يمكن أن يعرض حياة الجنود الأمريكيين والعملية العسكرية للخطر.
دفاع هيجسيث وردود الأفعال
من جانبه، نفى هيجسيث مرارًا وتكرارًا إرسال خطط عسكرية عبر الرسائل النصية، وأكد أنه لم يشارك أي معلومات مصنفة. ورفض التعاون مع المفتش العام في التحقيق.
في بيان خطي قدمه للمفتش العام، دافع هيجسيث عن حقه في إلغاء تصنيف المعلومات حسب تقديره، وأكد أنه لم يرسل أي معلومات يعتقد أنها تشكل خطرًا على العمليات العسكرية. كما اتهم التحقيق بأنه مدفوع من قبل معارضين سياسيين، على الرغم من أن التحقيق كان بناءً على طلب من مشرعين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وقد أثار دفاع هيجسيث المتكرر عن استخدامه لتطبيق “سيجنال” دهشة العديد من الديمقراطيين والمسؤولين الأمريكيين السابقين، الذين يرون أن التفاصيل المتعلقة بالتوقيت والأهداف تمثل من بين أكثر المعلومات حساسية قبل إطلاق حملة عسكرية أمريكية.
فلو علم قادة الحوثيين بموعد الهجوم، لكانوا قد تمكنوا من الفرار، وربما إلى مناطق مكتظة بالسكان حيث يصبح استهدافهم أكثر صعوبة، مما قد يؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين.
محدودية التحقيق والغموض المستمر
من الجدير بالذكر أن المحادثات لم تتضمن أسماء أو مواقع دقيقة لأهداف الحوثيين، ولم تكشف عن معلومات يمكن استخدامها لاستهداف القوات الأمريكية المشاركة في العملية.
كما لفت المفتش العام إلى أن هيجسيث قدم عددًا محدودًا جدًا من رسائل “سيجنال” الخاصة به للفحص، مما اضطر التحقيق إلى الاعتماد بشكل كبير على لقطات الشاشة التي نشرتها مجلة “الأتلانتيك”.
وبالرغم من أن البنتاغون يعتبر القضية “مغلقة”، إلا أن هناك الكثير من الغموض المحيط بها، مما يثير تساؤلات حول مدى الشفافية والمساءلة في التعامل مع القضايا الأمنية الحساسة.
لا يزال تطبيق سيجنال محل جدل، وبينما يدافع عنه البعض لتوفير تواصل آمن، يثير قلق البعض الآخر بشأن إمكانية استخدامه بشكل غير صحيح في نقل معلومات سرية.

