تقدمت الصين رسميا بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد تركيا، متهمة أنقرة بفرض قيود تجارية غير مبررة على الصادرات الصينية. وتمثل هذه الخطوة تصعيدًا كبيرًا في التوترات التجارية بين البلدين، وكلاهما لاعبان رئيسيان في الاقتصاد العالمي.

ووفقا لبيان صادر عن وزارة التجارة الصينية، اتُهمت الحكومة التركية بتطبيق سلسلة من الإجراءات الحمائية التي أثرت سلبًا على قدرة الشركات الصينية على العمل في تركيا. وتزعم بكين أن هذه الإجراءات تنتهك التزامات تركيا بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية وتسببت في ضرر كبير للمصدرين الصينيين في قطاعات تتراوح من الإلكترونيات إلى المنسوجات.

وقالت وزارة التجارة: “نحث الجانب التركي على تصحيح ممارساته التجارية التمييزية التي تعيق المنافسة العادلة”. وأضاف أن الصين ملتزمة بدعم مبادئ التجارة الحرة وستستخدم كل الوسائل اللازمة لحماية مصالحها.

خلفية النزاع

وتأتي الشكوى وسط اختلالات تجارية متزايدة بين البلدين. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، طبقت تركيا العديد من رسوم الاستيراد والحواجز غير الجمركية التي تهدف إلى الحد مما تصفه بالمنافسة غير العادلة من الواردات الصينية. وقد استهدفت هذه التدابير بشكل خاص منتجات مثل الصلب، والإلكترونيات الاستهلاكية، والسلع النسيجية، وهي المجالات التي تعد الصين مصدراً مهيمناً فيها.

وفي الأشهر الأخيرة، دعت مجموعات الصناعة التركية الحكومة إلى حماية المصنعين المحليين مما يعتبرونه تشبع السوق بالسلع الصينية، مستشهدة بممارسات الإغراق التي تقوض الشركات المحلية. وفي حين دافعت تركيا عن هذه الإجراءات باعتبارها ضرورية لحماية اقتصادها، فإن بكين تعتبرها تجاوزًا يقوض قواعد التجارة العالمية.

عملية النزاع في منظمة التجارة العالمية

سيؤدي تقديم الصين إلى بدء عملية رسمية لحل النزاع داخل منظمة التجارة العالمية، بدءًا من فترة 60 يومًا سيحاول البلدان خلالها حل المسألة من خلال المشاورات. وإذا لم تتم تسوية النزاع خلال هذه الفترة، فقد تطلب الصين من لجنة تابعة لمنظمة التجارة العالمية أن تبت في القضية.

ويعتقد خبراء التجارة أن هذه القضية يمكن أن يكون لها آثار بعيدة المدى على العلاقات الثنائية. “الأمر لا يتعلق بالتجارة فقط؛ وقال البروفيسور تشين تشانغ، المحلل التجاري في بكين: “إنها تعكس توترات أوسع نطاقاً في العلاقات الصينية التركية”. “إن نتيجة هذا النزاع يمكن أن تحدد نغمة التفاعلات المستقبلية بين الاقتصادين الناشئين.”

التأثير على العلاقات الثنائية

وتزايدت تعقيدات العلاقات بين الصين وتركيا خلال السنوات الأخيرة. وفي حين أن الصين هي أكبر شريك تجاري لتركيا، إلا أن المخاوف بشأن الاختلالات الاقتصادية والمنافسة خلقت احتكاكات. بالإضافة إلى ذلك، أدت الخلافات الجيوسياسية، وخاصة فيما يتعلق بمبادرة الحزام والطريق الصينية والنزعة الإقليمية المتزايدة لتركيا، إلى تفاقم التوتر.

وعلى الرغم من هذه التحديات، أعرب البلدان عن رغبتهما في تعزيز العلاقات الاقتصادية. ومع ذلك، يعتقد المحللون أن قضية منظمة التجارة العالمية هذه يمكن أن تعقد المفاوضات المستقبلية وتؤثر على تدفقات الاستثمار بين بكين وأنقرة.

ولم تصدر الحكومة التركية بعد ردًا رسميًا على طلب الصين، لكن المطلعين يشيرون إلى أن أنقرة ستدافع عن سياساتها التجارية، بحجة أنها تتماشى مع المعايير الدولية وضرورية لحماية الصناعات المحلية.

وبينما يراقب العالم عن كثب، فمن المرجح أن يكون هذا النزاع بشأن منظمة التجارة العالمية بمثابة اختبار لمدى مرونة العلاقات الصينية التركية في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية المتنامية.

يقرأ: أردوغان يحذر من نفوذ اللوبي الصهيوني على الجامعات الرائدة

الرجاء تمكين جافا سكريبت لعرض التعليقات.
شاركها.
Exit mobile version