البابا ليو الرابع يدعو إلى السلام والوحدة في لبنان وسط أزمة متفاقمة

في زيارة تاريخية إلى لبنان، بدأ البابا ليو الرابع، يوم الأحد، زيارته الرسولية الأولى إلى الخارج منذ توليه منصبه، حاملاً رسالة أمل وسلام إلى شعب لبناني يواجه تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية غير مسبوقة. وتأتي زيارة البابا ليو الرابع إلى لبنان في وقت حرج، حيث يئنّ البلد من انهيار اقتصادي حاد وتوترات أمنية متزايدة، مما يجعل هذه الزيارة ذات أهمية خاصة.

رسالة أمل للشباب اللبناني

من المقرر أن يركز البابا ليو الرابع في يومه الثاني في لبنان، الاثنين، على مخاطبة الشباب اللبناني، الذي فقد الكثير منهم الأمل بمستقبل بلادهم. فقد شهد لبنان هجرة واسعة النطاق للشباب والكفاءات بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة وغياب الفرص. يهدف البابا من خلال كلمته إلى بث روح الأمل والتفاؤل في نفوسهم، وحثهم على البقاء والمساهمة في بناء مستقبل أفضل لبلادهم.

دعوة إلى الوحدة الوطنية

خلال لقائه بقادة لبنان الدينيين والسياسيين، أكد البابا ليو الرابع على أهمية الوحدة الوطنية والتكاتف بين جميع اللبنانيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو السياسية. وشدد على ضرورة وضع المصالح العليا للوطن فوق أي اعتبارات أخرى، والعمل معًا من أجل تجاوز الأزمة الحالية. كما حث القادة على خدمة الشعب اللبناني الذي عانى طويلًا، وتقديم التضحيات اللازمة من أجل تحقيق الاستقرار والازدهار.

الوضع الاقتصادي والأمني المتدهور

يعيش لبنان منذ ست سنوات في ظل انهيار اقتصادي مدمر، يُلقي باللوم فيه الكثيرون على الفساد وسوء الإدارة. وقد أدى هذا الانهيار إلى تدهور كبير في الأوضاع المعيشية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. إضافة إلى ذلك، يخشى الكثيرون من اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2024. وقد كثفت إسرائيل من غاراتها على لبنان في الأسابيع الأخيرة، في حين يتعرض الحكومة اللبنانية لضغوط أمريكية كبيرة لنزع سلاح حزب الله المدعوم من إيران.

“نحن نكافح مع العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”، هذا ما قاله إلياس أبو نصر شعلان، 44 عامًا، وهو صائغ ووالد لطفلين. وأضاف: “نحن بحاجة إلى الأمل والوحدة كلبنانيين”. وأشار إلى أن البابا قد جمع بالفعل المسؤولين اللبنانيين والقادة الدينيين معًا، مؤكدًا أن “الوحدة هي طريقنا للتغلب على جميع الصعوبات”. زيارة البابا إلى لبنان تأتي في توقيت بالغ الأهمية، حيث يحتاج الشعب اللبناني إلى دفعة معنوية قوية.

محطات مهمة في زيارة البابا

سيقوم البابا ليو الرابع بزيارة دير في عنايا في جبال شمال بيروت، حيث يضم قبر القديس شربل، وهو راهب ماروني يحظى بشعبية واسعة تتجاوز المجتمع المسيحي. يمكن العثور على صور القديس ذي اللحية البيضاء في المنازل والمركبات وأماكن العمل في جميع أنحاء البلاد.

بعد ذلك، سيلقي البابا كلمة أمام الأساقفة ورجال الدين في مزار في حريصا، شمال بيروت أيضًا، حيث يطل تمثال ضخم للسيدة العذراء على البحر الأبيض المتوسط من قمة تل شاهقة. كما سيعقد البابا حدثًا بين الأديان في ساحة الشهداء في وسط بيروت، قبل أن يلتقي بالشباب في بطريركية الكنيسة المارونية اللبنانية في بكركي، خارج العاصمة.

إجراءات أمنية مشددة واهتمام عالمي

أعلنت السلطات اللبنانية عن الأول والثاني من ديسمبر كعطلة رسمية، واتخذت إجراءات أمنية مشددة تشمل إغلاق الطرق وحظر التصوير الجوي بالطائرات بدون طيار. وقد اصطف الآلاف على جانبي الطرق لتحية موكب البابا يوم الأحد، على الرغم من الطقس الممطر. الوضع في لبنان يتطلب اهتمامًا دوليًا، وزيارة البابا تعكس هذا الاهتمام.

لقد دعا البابا ليو الرابع قادة لبنان إلى وضع أنفسهم “بتفان والتزام في خدمة الشعب”، وحث على المصالحة في بلد لم تندمل جراح الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 1990. “السلام هو معرفة كيفية العيش معًا، في شركة، كأناس مصالحين”، قال البابا، مشيرًا أيضًا إلى “هجرة الشباب والعائلات بحثًا عن مستقبل في مكان آخر”.

ختام الزيارة وتأثيرها المتوقع

تستمر زيارة البابا ليو الرابع لمدة 48 ساعة، وقد حظيت بانتظار كبير في لبنان متعدد الطوائف، حيث كانت آخر زيارة بابوية هي زيارة البابا بندكتس السادس عشر في عام 2012. في تركيا، اتخذ البابا ليو الرابع نهجًا حذرًا، موازنًا بين الحساسيات السياسية مع التأكيد أيضًا على الوحدة واحترام التنوع الديني. من المتوقع أن تترك هذه الزيارة أثرًا إيجابيًا على لبنان، وتعزز الوحدة الوطنية والأمل في مستقبل أفضل. الأزمة اللبنانية تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية، وزيارة البابا هي خطوة مهمة في هذا الاتجاه.

شاركها.
Exit mobile version