يشهد قطاع غزة تحسناً ملحوظاً في الأمن الغذائي بعد إعلان حالة المجاعة في أغسطس الماضي، وذلك بفضل زيادة إيصال المساعدات الإنسانية، وفقاً لما أعلنت الأمم المتحدة يوم الجمعة. ومع ذلك، حذرت الأمم المتحدة من أن الوضع الغذائي في القطاع الفلسطيني لا يزال كارثياً، حيث يعيش أكثر من 70% من السكان في ملاجئ مؤقتة، وتفاقم الجوع بسبب الفيضانات الشتوية وخطر الإصابة بـ نقص التغذية مع انخفاض درجات الحرارة.

نهاية المجاعة في غزة: تحسن محدود في ظل وضع إنساني كارثي

على الرغم من أن الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، والتي بدأت في أكتوبر، سهلت جزئياً القيود المفروضة على دخول البضائع والمساعدات، إلا أن تدفقها يتقلب يومياً ولا يزال محدوداً وغير متساوٍ في جميع أنحاء القطاع. وأكدت “مبادرة التصنيف المتكامل للأمن الغذائي” (IPC)، وهي ائتلاف من المراقبين المكلفين من قبل الأمم المتحدة بالتحذير من الأزمات الوشيكة، أنه “لا توجد مناطق مصنفة على أنها تعاني من المجاعة“.

إلا أن المبادرة شددت على أن “الوضع لا يزال حرجاً: حيث تم تصنيف قطاع غزة بأكمله على أنه في حالة طوارئ”. هذا التحسن، وإن كان مرحباً به، لا يغير من حقيقة أن الوضع الإنساني في غزة يظل من بين الأسوأ في العالم.

الهدنة الهشة وتأثيرها على الأمن الغذائي

أنهت الهدنة، التي توسطت فيها الولايات المتحدة، عامين من القتال، اندلعت شرارتهما بهجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. ومع ذلك، يظل الاتفاق هشاً، حيث تتهم إسرائيل وحماس بعضهما البعض بانتهاكه بشكل شبه يومي.

ووفقاً لتحليل IPC الأخير، هناك تحسن ملحوظ في الأمن الغذائي والتغذية مقارنة بتحليل أغسطس 2023 الذي كشف عن وجود المجاعة. ومع ذلك، لا يزال من المتوقع أن يواجه حوالي 1.6 مليون شخص “مستويات أزمة” من انعدام الأمن الغذائي حتى 15 أبريل.

وفي سيناريو أسوأ يتضمن تجدد الأعمال العدائية وتوقف المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، فإن مناطق شمال غزة ومحافظة غزة ودير البلح وخان يونس تخاطر بالمجاعة مرة أخرى.

التحديات المستمرة: المياه والصحة والزراعة

لا يقتصر التحدي في غزة على نقص الغذاء فحسب. فالوصول إلى المياه والصرف الصحي والنظافة محدود للغاية، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض بسبب التبرز في العراء والظروف المعيشية المزدحمة. بالإضافة إلى ذلك، تضررت أكثر من 96٪ من الأراضي الزراعية في قطاع غزة أو أصبحت غير قابلة للوصول، وتم تدمير الثروة الحيوانية.

ردود الفعل الدولية والاتهامات المتبادلة

أثار إعلان الأمم المتحدة عن المجاعة في أغسطس غضب إسرائيل، حيث وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تقرير IPC بأنه “كذبة صريحة”. وفي يوم الجمعة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارموستين على منصة X إنه “في مواجهة أدلة ساحقة ولا لبس فيها، اضطرت IPC حتى إلى الاعتراف بأنه لا توجد مجاعة في غزة”.

لكنه اتهم IPC أيضاً بمواصلة تقديم صورة “مشوهة” من خلال الاعتماد “بشكل أساسي على البيانات المتعلقة بالشاحنات التابعة للأمم المتحدة، والتي تمثل 20٪ فقط من جميع شاحنات المساعدات”.

من جانبها، قالت منظمة أوكسفام إن مستويات الجوع في غزة لا تزال “مروعة وقابلة للوقاية”، على الرغم من انتهاء المجاعة، واتهمت إسرائيل بمنع طلبات المساعدة من عشرات الوكالات الإنسانية الراسخة. وقال نيكولاس فيركن، مدير الحملات والدعوة في أوكسفام فرنسا، في بيان: “تمتلك أوكسفام وحدها مساعدات بقيمة 2.5 مليون دولار، بما في ذلك 4000 طرد غذائي، موجودة في مستودعات عبر الحدود. السلطات الإسرائيلية ترفض كل ذلك”.

مستقبل غزة: الحاجة إلى استدامة المساعدات

على الرغم من التحسن الملحوظ، يظل الوضع في غزة هشاً للغاية. يتطلب تحقيق الاستقرار على المدى الطويل استدامة تدفق المساعدات الإنسانية، ومعالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وضمان الوصول المستمر إلى المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية. إن إنهاء نقص التغذية وتحسين الظروف المعيشية للسكان الفلسطينيين يتطلب جهوداً دولية متواصلة والتزاماً حقيقياً بإيجاد حل عادل ودائم للصراع.

إن الوضع في غزة يذكرنا بأهمية العمل الإنساني والتضامن الدولي في مواجهة الأزمات الإنسانية. يجب على المجتمع الدولي أن يظل يقظاً وأن يستمر في تقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني حتى يتمكن من التغلب على هذه المحنة وبناء مستقبل أفضل.

شاركها.
Exit mobile version