أوقفت الشرطة في إنجلترا وويلز أكثر من 140 شخصًا يوم الثلاثاء، في أول أيام الاحتجاجات المنسقة ضد قرار الحكومة البريطانية حظر مجموعة العمل المباشر “Palestine Action”. وتأتي هذه الاعتقالات في ظل تصاعد الجدل حول تعريف الإرهاب وتأثيره على حرية التعبير.
احتجاجات واسعة النطاق وتصعيد في الاعتقالات
شهدت إنجلترا وويلز يومًا حافلًا بالاحتجاجات، حيث قام المتظاهرون بتنظيم اعتصامات في مواقع مختلفة، رافعين لافتات كتب عليها “أعارض الإبادة الجماعية، أدعم فلسطين”. ووفقًا لـ “Defend Our Juries” (DOJ)، وهي المجموعة التي نظمت الاحتجاجات، فقد تم اعتقال ما يقدر بنحو 142 شخصًا يوم الثلاثاء، مع توقع المزيد من التحركات الاحتجاجية هذا الأسبوع، تزامنًا مع المراجعة القضائية المخطط لها بشأن حظر “Palestine Action” في 24 نوفمبر.
بينما كانت الاحتجاجات سلمية في اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، حيث لم يتم تسجيل أي اعتقالات. ففي اسكتلندا، تجمع 49 شخصًا أمام مبنى حكومة كوين إليزابيث هاوس في إدنبرة، لكن الشرطة لم تتدخل. وقد امتنعت شرطة اسكتلندا عن إجراء اعتقالات في أربعة أحداث مماثلة سابقة هذا العام.
تباين التعامل الأمني بين المناطق
يُظهر التباين في التعامل الأمني بين إنجلترا وويلز من جهة، واسكتلندا وأيرلندا الشمالية من جهة أخرى، تعقيد الموقف. ففي حين أن الشرطة في إنجلترا وويلز قامت باعتقالات واسعة النطاق، يبدو أن هناك نهجًا أكثر تسامحًا في اسكتلندا، خاصةً بعد أن صرح مجلس مكافحة الإرهاب في اسكتلندا في مايو الماضي بأن “Palestine Action” “لم تكن قريبة من تلبية التعريف القانوني للإرهاب”.
وفي أيرلندا الشمالية، لم تقم شرطة الخدمة الشمالية الأيرلندية (PSNI) باعتقال المشاركين في احتجاج مماثل في مدينة ديري. ومن المقرر أن يشهد بلفاست أول احتجاج في المدينة في 22 نوفمبر.
حظر “Palestine Action” وتهم الإرهاب
أثار حظر الحكومة البريطانية على “Palestine Action” جدلاً واسعًا، حيث يعتبره الكثيرون تقييدًا لحرية التعبير. ففي مايو الماضي، قامت وزيرة الداخلية السابقة، يافيت كوبر، بحظر المجموعة وتصنيفها كمنظمة إرهابية بعد قيام أعضائها باقتحام قاعدة عسكرية جوية.
يجعل هذا الحظر التعبير عن الدعم للمجموعة أو العضوية فيها جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عامًا. ونتيجة لذلك، تقول DOJ إن أكثر من 2000 شخص خاطروا بالاعتقال بموجب قانون مكافحة الإرهاب لمجرد حملهم لافتات كتب عليها “أعارض الإبادة الجماعية، أدعم Palestine Action”. ويواجه 170 شخصًا تهمًا بموجب المادة 13 من قانون مكافحة الإرهاب.
انتقادات للقوانين المتعلقة بالإرهاب
واجه قرار حظر “Palestine Action” انتقادات متزايدة، حتى من داخل المؤسسة الأمنية البريطانية. فقد حذرت لجنة تضم مسؤولًا سابقًا في جهاز الاستخبارات البريطاني (MI6) من أن قوانين مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة أصبحت واسعة النطاق بشكل مفرط.
كما حذرت هيئة استشارية أخرى من أن الحظر قد يؤدي إلى تأجيج التوترات وزيادة شعبية مجموعة العمل المباشر. وانضم خمسة خبراء تابعون للأمم المتحدة إلى هذه الانتقادات، واصفين الخطوة بأنها غير مبررة و”مرتبطة بشكل أكبر بالدول السلطوية”.
محاكمة نشطاء “Palestine Action”
تأتي هذه الاحتجاجات في الوقت الذي بدأت فيه محاكمة ستة نشطاء من “Palestine Action” بتهمة اقتحام مصنع أسلحة مملوك للشركة الإسرائيلية “Elbit Systems”. وذكرت محكمة Woolwich Crown في لندن أن المتهمين اقتحموا مقر الشركة في Filton بالقرب من بريستول في وقت مبكر من صباح يوم 6 أغسطس، وهم يرتدون بدلات حمراء ويحملون مطارقًا.
وقدم الادعاء لـ هيئة المحلفين مقاطع فيديو تظهر المتهمين وهم يرشون الطلاء الأحمر ويستخدمون المطارق لتخريب الآلات داخل المصنع. وقد تم اعتقال المتهمين في مكان الحادث وظلوا رهن الاعتقال لفترة تتجاوز الحد الزمني القياسي للاحتجاز قبل المحاكمة في المحاكم العليا، وهو 182 يومًا.
مستقبل الاحتجاجات والطعون القانونية
من الواضح أن قضية “Palestine Action” وحظرها ستستمر في إثارة الجدل والنقاش في المملكة المتحدة. فمن ناحية، هناك قلق متزايد بشأن تعريف الإرهاب وتأثيره على حرية التعبير. ومن ناحية أخرى، هناك دعم قوي للإجراءات التي تتخذها الحكومة البريطانية لمكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي.
من المتوقع أن تستمر الاحتجاجات والطعون القانونية في هذا الشأن، مما قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة في قوانين مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة. Palestine Action تظل قضية محورية في هذا النقاش، وستراقب الأوساط القانونية والسياسية عن كثب تطورات المراجعة القضائية المقرر عقدها في 24 نوفمبر. الجدل حول الاحتجاجات والاعتقالات يثير تساؤلات حول التوازن بين الأمن وحرية التعبير، خاصةً فيما يتعلق بالقضايا السياسية الحساسة مثل القضية الفلسطينية. كما أن استخدام قوانين مكافحة الإرهاب في هذه الحالات يثير مخاوف بشأن التوسع في تعريف الإرهاب وتأثيره على النشاط السياسي المشروع.

