فرنسا تستعد لتعزيز قوتها البحرية: الضوء الأخضر لحاملة طائرات نووية جديدة
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الأحد الموافق [أدخل التاريخ] عن إعطاء الضوء الأخضر الرسمي لاستبدال حاملة الطائرات الفرنسية الرئيسية، شارل ديغول، والتي تعمل بالطاقة النووية. يأتي هذا القرار في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية وتأكيد فرنسا على دورها كقوة عسكرية عالمية. هذه الخطوة الاستراتيجية، التي طال انتظارها، تهدف إلى الحفاظ على القدرات البحرية الفرنسية وتعزيزها في مواجهة التحديات المستقبلية، بما في ذلك المخاوف المتزايدة بشأن الأمن الإقليمي والدولي. حاملة الطائرات الجديدة ستكون إضافة كبيرة للأسطول الفرنسي.
خطة طموحة لاستبدال شارل ديغول
دخلت حاملة الطائرات شارل ديغول الخدمة في عام 2001 بعد أكثر من عقد من الإنشاء، وهي الوحيدة من نوعها التي تعمل بالطاقة النووية خارج البحرية الأمريكية. أكد ماكرون، خلال زيارته للقوات الفرنسية في الإمارات العربية المتحدة، أن القرار يأتي “تماشياً مع قانوني البرمجة العسكرية الأخيرين، وبعد مراجعة شاملة ومتأنية”. وأضاف أن فرنسا قررت تجهيز نفسها بحاملة طائرات جديدة، مشدداً على أهمية القوة في عالم يسوده “الافتراس”.
بدأت الدراسات الأولية لاستبدال شارل ديغول في عام 2018، وتلتها أعمال تمهيدية في عام 2020. الآن، مع إعطاء الضوء الأخضر الرسمي، يمكن البدء في توقيع جميع العقود اللازمة للمشروع. هذا الإعلان يمثل مرحلة حاسمة في تطوير القدرات الدفاعية الفرنسية، ويؤكد التزام البلاد بالحفاظ على استقلاليتها الاستراتيجية.
مواصفات حاملة الطائرات الجديدة
من المتوقع أن تكون حاملة الطائرات الجديدة أكبر بكثير من شارل ديغول الحالية. ستبلغ حمولتها ما يقرب من 80 ألف طن وطولها حوالي 310 أمتار، مقارنة بـ 42 ألف طن و 261 متراً لحاملة الطائرات الحالية. ستتمكن من حمل حوالي 30 طائرة مقاتلة، وستضم طاقماً من 2000 فرد.
على الرغم من أن حجمها سيظل أقل من حجم حاملات الطائرات العملاقة التابعة للبحرية الأمريكية (التي تزيد حمولتها عن 100 ألف طن لكل منها)، إلا أنها ستضع فرنسا في مصاف الدول القليلة التي تمتلك حاملات طائرات بهذا الحجم. حاليًا، لا تمتلك سوى الصين والمملكة المتحدة حاملات طائرات مماثلة في الحجم، ولكنها تعمل بالطاقة التقليدية. الاعتماد على الطاقة النووية يمنح فرنسا قدرة فريدة على العمل لفترات طويلة دون الحاجة إلى التزود بالوقود.
تحديات مالية وجيوسياسية
يأتي هذا الإعلان في وقت تواجه فيه فرنسا صعوبات اقتصادية، حيث تعاني ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي من حالة جمود مالي. ومع ذلك، يرى ماكرون أن الاستثمار في القدرات الدفاعية أمر ضروري لضمان أمن البلاد ومصالحها.
واجه القرار بعض الانتقادات داخل فرنسا، بما في ذلك من الجنرال فابيان ماندان، رئيس الأركان الفرنسي، الذي أثار تساؤلات حول ما إذا كان ينبغي إعطاء الأولوية لمجالات أخرى أكثر إلحاحًا في ظل المخاوف من اندلاع حرب في أوروبا مع روسيا. هذه الانتقادات تعكس النقاش الدائر حول أولويات الإنفاق الحكومي في ظل الظروف الجيوسياسية المتغيرة. الإنفاق العسكري يمثل جزءًا كبيرًا من ميزانية الدولة.
التعاون الإقليمي ومكافحة الجريمة المنظمة
تزامن إعلان ماكرون مع زيارته للإمارات العربية المتحدة، حيث التقى بالرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان. ركز اللقاء على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وخاصة فيما يتعلق “بالاستقرار في الشرق الأوسط”. كما ناقش الجانبان سبل التعاون في مكافحة تهريب المخدرات، وهي قضية توليها فرنسا اهتمامًا خاصًا.
تأتي هذه الزيارة في وقت تسعى فيه فرنسا إلى تعزيز علاقاتها مع دول الخليج، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها في أوروبا. وتنظر باريس إلى أبو ظبي كشريك تجاري وعسكري مهم، وتأمل في الحصول على دعم إماراتي لبرامجها الدفاعية، بما في ذلك برنامج الطائرات المقاتلة المشترك مع ألمانيا الذي يواجه خطر الانسحاب الألماني.
تعتبر الإمارات العربية المتحدة، وخاصة دبي، ملاذاً آمناً لبعض كبار مهربي المخدرات، الذين يُعتقد أنهم قاموا ببناء محافظ عقارية كبيرة هناك. وقد دعا وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، الشهر الماضي، الإمارات إلى تسليم 15 مشتبهاً به في تهريب المخدرات مطلوبين من قبل فرنسا. مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة هي من بين أولويات التعاون بين البلدين.
مستقبل القوة البحرية الفرنسية
يمثل إطلاق هذا المشروع رسميًا خطوة مهمة نحو تعزيز القوة البحرية الفرنسية. ستمكن حاملة الطائرات الجديدة فرنسا من الحفاظ على قدرتها على نشر القوة في جميع أنحاء العالم، وحماية مصالحها الاستراتيجية، والمساهمة في الأمن الإقليمي والدولي. بالإضافة إلى ذلك، ستعزز هذه الخطوة مكانة فرنسا كلاعب رئيسي في مجال الدفاع والأمن البحري. من المتوقع أن يكون لهذا المشروع تأثير كبير على الصناعة الدفاعية الفرنسية، وتوفير فرص عمل جديدة.

