في مدينة بيت لحم، قلب فلسطين التاريخي، سطع أمل جديد مع إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة، في مشهد لم تشهده المدينة منذ عام 2022. هذا الحدث، الذي أقيم مساء السبت، يمثل أكثر من مجرد احتفال تقليدي؛ إنه تعبير عن صمود وإيمان بالسلام في ظل ظروف عصيبة. بعد عامين من الصمت الحزين بسبب الحرب الدائرة في غزة، عادت أجراس عيد الميلاد لتدق في بيت لحم، حاملةً معها بارقة أمل للمواطنين الفلسطينيين. عيد الميلاد في بيت لحم هذا العام يحمل معنى خاصًا، فهو ليس مجرد احتفال ديني، بل هو رمز للتحدي والأمل.
عودة الاحتفالات بعد عامين من الحزن
شهدت ساحة المهد تجمع آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية وإسرائيل، تعبيراً عن فرحتهم بعودة الاحتفالات. راندا بسول، وهي فلسطينية من حيفا، عبرت عن سعادتها قائلة: “جئنا للاحتفال والمشاهدة والاستمتاع، لأنه لعدة سنوات لم تتح لنا الفرصة”. إضاءة الشجرة التي يبلغ ارتفاعها 20 مترًا، والمزينة بالكرات الحمراء والذهبية، كانت لحظة مؤثرة، حيث علت صيحات الفرح والتصفيق في الساحة.
هذا الحدث يمثل نقطة تحول بعد عامين من الحزن والقيود التي فرضتها الحرب في غزة. الوضع في غزة، على بعد حوالي 60 كيلومترًا من بيت لحم، أثر بشكل كبير على الفلسطينيين في الضفة الغربية، سواء من خلال الروابط العائلية أو من خلال تدهور الوضع الاقتصادي الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة.
تأثير الحرب على اقتصاد بيت لحم
أكد أحد أصحاب المتاجر في بيت لحم، والذي فضل عدم الكشف عن هويته خوفًا من انتقام القوات الإسرائيلية، أن العامين الماضيين كانا “مثل الجحيم”. وأضاف: “نحاول بذل قصارى جهدنا للاستمرار”، موضحًا تدهور الوضع الاقتصادي وتشديد القيود الإسرائيلية على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية.
لقد أثارت الحرب في غزة، التي بدأت في أكتوبر 2023 بعد هجوم مفاجئ من حركة حماس، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1200 شخص، أزمة إنسانية عميقة في القطاع. وارتفعت حصيلة القتلى في غزة إلى أكثر من 70,000 شخصًا، مما زاد من معاناة الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، أدى تشديد القيود الإسرائيلية إلى إقامة حواجز عسكرية جديدة في جميع أنحاء الضفة الغربية، مما أدى إلى عزل بعض المجتمعات الفلسطينية.
رسالة سلام من قلب بيت لحم
على الرغم من الفرح بعودة الاحتفالات، لم يغفل سكان بيت لحم عن معاناة أهالي غزة. قال رئيس بلدية بيت لحم، ماهر كنواتي، في تصريحات للصحفيين: “بينما تضيء بيت لحم شجرة عيد الميلاد، فإن الألم العميق الذي يعانيه شعبنا في غزة لا يغادر قلوبنا”. وأضاف: “جرح غزة هو جرحنا، وشعب غزة هو شعبنا، ولا معنى لضوء عيد الميلاد إلا إذا لمس أولاً قلوب المنكوبين والمظلومين في جميع أنحاء فلسطين”.
هذا التصريح يعكس شعورًا عميقًا بالتضامن مع أهالي غزة، ويؤكد على أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء المعاناة في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية. احتفالات عيد الميلاد هذا العام تحمل رسالة سلام وأمل، وتدعو إلى وقف العنف وتحقيق العدالة.
آمال معلقة على العام الجديد
عبر الفلسطينيون في بيت لحم عن أملهم في أن يحمل عيد الميلاد والعام الجديد السلام بعد عامين من “الأسى والألم”. ديانا بابوش، وهي فلسطينية في الخمسينيات من عمرها، قالت: “نبحث عن الأمل. نأمل أنه من هذه اللحظة يسود السلام. نأمل أن نتمكن من الحصول على السلام والازدهار”.
وعلى عكس ما كان عليه الوضع قبل الحرب في غزة، لم تطلق الألعاب النارية بعد إضاءة شجرة عيد الميلاد، في إشارة رمزية إلى حالة عدم اليقين التي تخيم على المستقبل. راندا بسول من حيفا عبرت عن هذا الشعور قائلة: “إنه مخيف لأن لا أحد يعرف ما سيحدث في المستقبل. لكننا متفائلون”. السياحة في بيت لحم تعتبر شريان الحياة للاقتصاد المحلي، والعودة التدريجية للسياح تعطي بارقة أمل في التعافي.
في الختام، يمثل عيد الميلاد في بيت لحم هذا العام لحظة تاريخية، تجمع بين الفرح والأمل والحزن والتضامن. إنه تذكير بأهمية السلام والعدالة، ودعوة إلى العمل من أجل مستقبل أفضل لجميع الفلسطينيين. نأمل أن تكون هذه الاحتفالات بداية لعهد جديد من السلام والازدهار في الأراضي المقدسة، وأن يلمس ضوء عيد الميلاد قلوب جميع المنكوبين والمظلومين في فلسطين. شارك هذا المقال مع أصدقائك وعائلتك لنشر رسالة الأمل والسلام من بيت لحم.


