أعلن يان لوكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة ميتا، وأحد أبرز الشخصيات المؤثرة في هذا المجال، عن مغادرته الشركة لبدء مشروع جديد في مجال الذكاء الاصطناعي. يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه تنظيم ميتا للذكاء الاصطناعي تحولات كبيرة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الشركة في هذا المجال التنافسي. أكد متحدث باسم ميتا هذا الخبر لـ Business Insider.

أفاد لوكون عبر صفحته على فيسبوك بأنه بصدد تأسيس شركة ناشئة تركز على أبحاث “نموذج العالم” (world-model research)، وهي مجال اهتم به منذ فترة طويلة. وذكر المتحدث باسم ميتا أن الشركة ستتعاون مع لوكون في هذا المشروع الجديد، لكنه لم يكشف عن تفاصيل هذه الشراكة. يأتي هذا التطور بعد فترة من التغييرات الداخلية في ميتا، بما في ذلك تعيين قيادات جديدة وتشكيل فرق متخصصة.

رحيل يان لوكون وتداعياته على مستقبل الذكاء الاصطناعي في ميتا

لا يمثل رحيل لوكون مفاجأة كاملة، حيث كان قد أبدى سابقًا انتقاداته للتركيز المفرط على النماذج اللغوية الكبيرة. ويرى لوكون أن التركيز يجب أن ينصب على تطوير الذكاء الاصطناعي القادر على فهم العالم المادي والتنبؤ به من خلال الصور والبيانات الحسية، وهو ما يعرف بنهج JEPA. في المقابل، اتجهت ميتا بشكل متزايد نحو تطوير النماذج اللغوية الكبيرة وتوسيع نطاقها تجاريًا.

يأتي هذا التغيير في هيكل ميتا للذكاء الاصطناعي في ظل منافسة شرسة مع شركات أخرى مثل OpenAI و Google DeepMind و Anthropic. وقد قامت ميتا بتعيين العشرات من الباحثين والمهندسين البارزين من الشركات المنافسة، وأنشأت قسم “Superintelligence Labs” بقيادة ألكسندر وانغ، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Scale AI.

توترات داخلية وإعادة هيكلة

وفقًا لتقارير Business Insider، نشأت توترات بين الموظفين الجدد ذوي الرواتب المرتفعة والباحثين الحاليين في ميتا، مما دفع بعضهم إلى التفكير في الاستقالة. وقد قامت الشركة في أغسطس بإعادة تنظيم شاملة لعملياتها في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تم إنشاء أربعة فرق متميزة تركز على البحث والتدريب والمنتجات والبنية التحتية.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت ميتا تغييرات في الأدوار الرئيسية، حيث غادر سومينث شينتالا، مبتكر إطار عمل PyTorch مفتوح المصدر، الشركة بعد 11 عامًا للانضمام إلى مختبر Thinking Machines Lab التابع لميرا موراتي. وقد لاقى إطلاق ميتا لنموذج Llama 4 استجابة فاترة من الداخل والخارج.

النماذج اللغوية الكبيرة والاتجاهات الجديدة في الذكاء الاصطناعي

يشير هذا التحول في ميتا إلى تحول أوسع في مجال التعلم الآلي، حيث تتنافس الشركات على تطوير نماذج لغوية كبيرة قادرة على معالجة اللغة الطبيعية وتوليد النصوص. الشبكات العصبونية هي أساس هذه النماذج، وتعتمد على كميات هائلة من البيانات لتدريبها. ومع ذلك، يرى البعض أن التركيز المفرط على هذه النماذج قد يكون له قيود، وأن هناك حاجة إلى استكشاف مناهج بديلة مثل نهج “نموذج العالم” الذي يتبناه لوكون.

يعتبر نموذج العالم (world model) نهجًا واعدًا في تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث يهدف إلى تمكين الآلات من فهم العالم من حولها والتفاعل معه بطريقة أكثر ذكاءً وواقعية. يتطلب هذا النهج تطوير خوارزميات قادرة على معالجة البيانات الحسية المتنوعة، مثل الصور والفيديو والصوت، وبناء تمثيلات داخلية للعالم.

من المرجح أن يؤدي رحيل لوكون إلى تغييرات في استراتيجية ميتا للذكاء الاصطناعي، وقد يشجع الشركة على استكشاف مناهج جديدة. ومع ذلك، من غير الواضح حتى الآن كيف ستؤثر هذه التغييرات على قدرة ميتا على المنافسة في هذا المجال المتطور بسرعة.

الخطوة التالية المتوقعة هي الإعلان عن تفاصيل الشراكة بين ميتا وشركة لوكون الناشئة. سيكون من المهم مراقبة التطورات في مجال “نموذج العالم” وتقييم مدى نجاح هذا النهج في تحقيق أهداف الذكاء الاصطناعي. كما سيكون من الضروري متابعة التغييرات في هيكل ميتا للذكاء الاصطناعي وتقييم تأثيرها على قدرة الشركة على الابتكار والمنافسة.

شاركها.
Exit mobile version