تواجه سوق العمل تحديات كبيرة في الوقت الحالي، وتزداد المخاوف بشأن احتمال حدوث المزيد من عمليات التسريح في عام 2026. ومع ذلك، تشير تقديرات مورغان ستانلي إلى أن العديد من الشركات قد تتمكن من تجنب خفض أعداد موظفيها، وذلك من خلال الاستمرار في رفع الأسعار بعد الزيادات التي شهدتها خلال عام 2025. هذا السيناريو يثير تساؤلات حول مستقبل سوق العمل وقدرة الشركات على التكيف مع الظروف الاقتصادية المتغيرة.

أفاد الاقتصادي الرئيسي لمورغان ستانلي في الولايات المتحدة، مايكل تي. غابن، وفريقه يوم الثلاثاء بأن الاقتصاد الأمريكي قد يتجنب عمليات التسريح الواسعة النطاق في عام 2026، بشرط أن تستمر الشركات في زيادة الأسعار. يأتي هذا التقييم في ظل ضغوط الرسوم الجمركية المتزايدة وتأثيرها على التكاليف.

تكلفة تجنب التسريحات

شهد عام 2025 ارتفاعًا في عمليات التسريح، بالتزامن مع استمرار التضخم. في بداية العام، اختارت الشركات خفض التوظيف وتقليل عدد الموظفين لتجنب رفع الأسعار، وذلك استجابةً للضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية المتزايدة.

لكن في الربع الثالث من العام، تغير الوضع، وبدأت الشركات في مختلف القطاعات برفع الأسعار مجددًا، معتبرةً الرسوم الجمركية المحرك الرئيسي لهذا الارتفاع. هذا التحول في الاستراتيجية يعكس قدرة الشركات على نقل التكاليف الإضافية إلى المستهلكين.

الآن، يرى مورغان ستانلي أن هذا قد يكون المفتاح لتجنب عمليات التسريح الواسعة النطاق في العام المقبل. القدرة على الحفاظ على الربحية من خلال رفع الأسعار قد تسمح للشركات بتجنب اتخاذ قرارات صعبة بشأن التوظيف.

أوضح غابن أن غالبية تأثير الرسوم الجمركية على أسعار المستهلكين النهائية قد اكتملت بحلول ذلك الوقت، بافتراض عدم قيام الإدارة بزيادة السياسات الجمركية بشكل أكبر. وأضاف أن توقعاتهم تشير إلى تحسن التضخم واستعادة الربحية، مما يساعد على استقرار الوضع الاقتصادي وتجنب المزيد من التسريحات.

لا يتوقع البنك أن تقوم الإدارة الأمريكية الحالية بفرض رسوم جمركية جديدة مع اقتراب انتخابات منتصف المدة لعام 2026. ومع ذلك، يؤكد المحللون أن الشركات لم تنته بعد من رفع الأسعار. هذا يشير إلى أن هناك مجالًا لمزيد من الزيادات في الأسعار، مما قد يساعد في الحفاظ على مستويات التوظيف.

يؤكد البنك على أن الرسوم الجمركية الحالية ستدفع التضخم الأساسي إلى 3٪ في أوائل عام 2026، وهناك بالفعل علامات على ذلك في تكلفة السلع الاستهلاكية. تشير البيانات إلى أن أسعار بعض السلع قد بدأت بالفعل في الارتفاع، مما يعكس تأثير الرسوم الجمركية على سلاسل التوريد.

أظهر تحليل مورغان ستانلي أن الشركات بدأت في استعادة بعض الأموال التي خسرتها في بداية عام 2025 بسبب تأثير الرسوم الجمركية. هذا تطور إيجابي، خاصة وأن البنك يتوقع أن تتمكن العديد من الشركات من رفع الأسعار مع الحفاظ على قاعدة عملائها الرئيسية. النمو الاقتصادي يعتمد بشكل كبير على هذه القدرة.

ومع ذلك، فإن هذه الفرضية القائلة بأن ارتفاع الأسعار يمكن أن يساعد في منع التسريحات في عام 2026 تنطبق فقط طالما أن المستهلكين يستمرون في تحمل التكاليف الأعلى. يوجد حد لقدرة المستهلكين على الدفع، خاصة في ظل استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.

من غير الواضح إلى أي مدى يمكن أن ترتفع الأسعار قبل أن يبدأ المستهلكون في التردد. إذا وجدت الشركات أنها غير قادرة على زيادة أسعار المنتجات بسبب مقاومة المستهلكين وفقدان الحصة السوقية، فمن المرجح أن تلجأ إلى خفض تكاليف العمالة بشكل أكبر، مما قد يؤدي إلى عمليات تسريح. التضخم يظل أحد أكبر المخاطر التي تواجه الاقتصاد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات في السياسة النقدية للبنوك المركزية، وخاصةً فيما يتعلق بأسعار الفائدة، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على قدرة الشركات على رفع الأسعار والحفاظ على مستويات التوظيف. إذا قررت البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، فقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة الضغط على الشركات.

في الختام، يعتمد مستقبل سوق العمل بشكل كبير على قدرة الشركات على التكيف مع الظروف الاقتصادية المتغيرة، وخاصةً فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والتضخم. من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من التطورات في هذا الصدد، مع التركيز على بيانات التضخم وقرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة. يجب على الشركات والمستهلكين على حد سواء مراقبة هذه التطورات عن كثب لاتخاذ القرارات المناسبة.

شاركها.
Exit mobile version