تُحدث شركة لينكدإن (LinkedIn) تحولاً كبيراً في مسارات التوظيف المبكرة في وادي السيليكون، حيث تتخلى عن برنامج “مدير المنتج المساعد” (Associate Product Manager – APM) الشهير. سيتم استبدال هذا البرنامج ببرنامج جديد يركز على تدريب الموظفين على البرمجة والتصميم وبناء المنتجات بشكل كامل، مما يعكس تحولاً نحو نموذج “بناء المنتجات المتكامل” (full-stack builder model). هذا التغيير يثير تساؤلات حول مستقبل دور مدير المنتج التقليدي في الشركات التقنية.

أعلن تومر كوهين، الرئيس التنفيذي للمنتجات في لينكدإن، في حلقة من بودكاست “Lenny’s Podcast” نُشرت يوم الخميس، أن برنامج APM الذي استمر لسنوات طويلة سينتهي هذا العام. اعتبارًا من يناير القادم، سينضم الموظفون الجدد إلى برنامج “بناء المنتج المساعد” (Associate Product Builder)، حيث سيتعلمون كيفية البرمجة والتصميم وإدارة المنتجات في لينكدإن. يهدف هذا التحول إلى تمكين الموظفين من إطلاق المنتجات بأنفسهم، بغض النظر عن دورهم الوظيفي.

تغيير نموذج إدارة المنتج: نحو “البناء المتكامل”

وفقًا لكوهين، يهدف هذا التحول إلى بناء فريق عمل يتمتع برؤية وقدرة على التعاطف والتواصل والإبداع والحكم، خاصة القدرة على اتخاذ “قرارات عالية الجودة في مواقف معقدة وغامضة”. يركز لينكدإن على أتمتة المهام الأخرى قدر الإمكان. هذا النموذج الجديد يعيد تشكيل هيكل الفرق أيضًا، حيث يتم استبدال المجموعات الكبيرة المقسمة حسب الوظيفة بـ “وحدات صغيرة” (pods) من الموظفين المدربين بشكل متكامل، مما يسمح للشركة بأن تكون أكثر مرونة وقدرة على التكيف والاستجابة للتغييرات.

هيكل الفرق الجديد

الفرق الجديدة ستكون أقل اعتمادًا على التعاون التقليدي بين المهندسين والمصممين ومديري المنتجات، وأكثر تركيزًا على الأفراد القادرين على “المرونة” والتكيف مع مختلف المهام. يؤكد كوهين على أن الهدف هو تمكين الموظفين من مواكبة سرعة التغيير والاستجابة لها بفعالية.

يأتي هذا التغيير في وقت يشهد فيه دور مدير المنتج إعادة تقييم في قطاع التكنولوجيا. تشير التقارير إلى أن بعض الشركات، مثل مايكروسوفت وإير بي إن بي وسناب، تعيد النظر في الحاجة إلى مديري المنتجات، وتسعى إلى زيادة عدد المهندسين مقارنة بمديري المنتجات أو البرامج لتحقيق الكفاءة.

في المقابل، يرى البعض الآخر أن دور مدير المنتج يزداد أهمية، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. وفقًا لأندرو نج، مؤسس Google Brain، فإن إدارة المنتج، وليس سرعة الهندسة، أصبحت هي العائق الرئيسي في الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي. مع القدرة على بناء نماذج أولية بسرعة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يصبح الحصول على تعليقات المستخدمين بسرعة أمرًا بالغ الأهمية، وهو ما يتطلب مهارات مديري المنتجات.

التحول الرقمي والابتكار يتطلبان فرق عمل متعددة المهارات. هذا التحول في لينكدإن يعكس اتجاهًا أوسع نحو تبني نماذج عمل أكثر مرونة وتكاملاً، حيث يتم التركيز على تطوير المهارات المتعددة لدى الموظفين بدلاً من التخصص الضيق. تطوير المهارات أصبح ضرورة حتمية لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة.

من الجدير بالذكر أن تومر كوهين أعلن عن مغادرته لينكدإن في يناير القادم، مما يضيف بعدًا آخر لهذا التحول الداخلي. يبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه التغييرات على ديناميكيات العمل في لينكدإن وعلى مستقبل دور مدير المنتج بشكل عام.

من المتوقع أن تبدأ لينكدإن في تنفيذ برنامج “بناء المنتج المساعد” الجديد في يناير القادم. سيكون من المهم مراقبة كيفية تأثير هذا البرنامج على إنتاجية الشركة وقدرتها على الابتكار. كما سيكون من المثير للاهتمام متابعة ردود فعل الشركات الأخرى في قطاع التكنولوجيا على هذا التحول، وما إذا كانت ستتبنى نماذج مماثلة.

شاركها.
Exit mobile version