أثار إلغاء مقترح بتعويض الركاب عن تأخير الرحلات الجوية في الولايات المتحدة جدلاً واسعاً، خاصةً بعد أن استمتع مسافرو الاتحاد الأوروبي بحقوق مماثلة منذ عام 2004. يهدف هذا المقترح، الذي تم إسقاطه مؤخراً، إلى منح المسافرين الأمريكيين تعويضات تصل إلى 525 دولاراً عن التأخيرات التي تتراوح بين ثلاث وتسع ساعات، و 775 دولاراً عن التأخيرات التي تتجاوز التسع ساعات، مما يثير تساؤلات حول مستقبل حقوق المسافرين في الولايات المتحدة و **تعويضات تأخير الرحلات**.

أعلنت السلطات الفيدرالية يوم الجمعة الماضي عن سحبها لمقترح إدارة بايدن الذي كان سيُلزم شركات الطيران بتعويض الركاب عن التأخيرات الداخلية التي تتسبب بها الشركة. يشمل هذا التعويض أيضاً تغطية النفقات المتعلقة بالتأخير، مثل وجبات الطعام والمواصلات والإقامة. وكان من المقرر أن يكون التأخير الناتج عن مشكلات مثل صيانة الطائرات أو أعطال البرامج مسؤولية شركات الطيران.

مقارنة بين حقوق المسافرين: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

يأتي هذا المقترح على غرار لائحة حقوق الركاب الجويين في الاتحاد الأوروبي (EC261)، والتي تمنح المسافرين تعويضات تتراوح بين 250 يورو (حوالي 290 دولارًا) و 600 يورو (حوالي 700 دولار) حسب مسافة الرحلة. تعتبر هذه اللائحة معياراً ذهبياً في حماية حقوق المسافرين، حيث تُلزم شركات الطيران بتقديم رعاية ملموسة في حالات التأخير والإلغاء.

وقد واجهت النسخة الأمريكية من المقترح معارضة شديدة من قبل شركات الطيران الأمريكية الكبرى، بينما حظيت بدعم قوي من منظمات حماية المستهلك التي جادلت بأنها ستقلل من حالات التأخير، كما حدث في أوروبا. الآن، وبعد إسقاط القاعدة رسمياً، من المتوقع أن يستمر الوضع مختلفاً في الولايات المتحدة.

أفاد متحدث باسم وزارة النقل الأمريكية لـ “بيزنس إنسايدر” بأن مقترح بايدن “لا يعكس التعويضات التي يحق للمستهلكين الحصول عليها حاليًا فيما يتعلق بالتأخيرات والإلغاءات”. وأضاف أن شركات الطيران تقدم بالفعل قسائم للفنادق والوجبات أثناء التأخيرات والإلغاءات الخارجة عن إرادتها.

من جانبها، أكدت “Airlines for America” (A4A)، وهي المجموعة الرئيسية للضغط على شركات الطيران الأمريكية، أن شركات الطيران “تتنافس بشدة لتقديم خدمة عالية الجودة” لأن نماذج أعمالها تعتمد على “العملاء الراضين والمتكررين”. وأضافت A4A أن شركات الطيران تقدم استردادًا تلقائيًا للرحلات المتأخرة أو الملغاة بشكل كبير، بالإضافة إلى سياسات تنافسية بشأن تعويضات عن الطعام والمواصلات والإقامة في حالات التأخير والإلغاء الخارجة عن إرادتها.

أحالت كل من الخطوط الجوية الأمريكية ودلتا الخطوط الجوية استفسارات “بيزنس إنسايدر” إلى A4A، بينما ذكرت الخطوط الجوية المتحدة أنها لا تملك أي تعليق.

جدل مستمر حول تعويضات التأخير

حظي مقترح بايدن بإشادة واسعة من المستهلكين، الذين رأوا فيه وسيلة لتخفيف العبء المالي الناجم عن التأخيرات الطويلة وزيادة مساءلة شركات الطيران، مما قد يحفزها على تحسين أدائها في الالتزام بالمواعيد. تعتبر جودة الخدمة من القضايا الهامة التي تهم المسافرين.

أظهرت دراسة أجرتها جمعية حقوق الركاب في أكتوبر الماضي أن الرحلات الجوية الخاضعة للائحة EC261 في أوروبا أقل عرضة للتأخير لأكثر من ثلاث ساعات بنسبة 70٪ مقارنة بالرحلات في الولايات المتحدة. كما أشارت الدراسة إلى أن حالات الإلغاء في نفس اليوم أكثر شيوعًا بنسبة 20٪ في الولايات المتحدة مقارنة بالاتحاد الأوروبي.

في دفاعه عن المقترح، قال وزير النقل السابق بيت بوتيجيج إن شركات الطيران تلقت مبلغ 54 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب خلال فترة الجائحة، ومن ثم يجب عليها تقديم حماية متبادلة للمستهلكين.

في المقابل، يرى المتحدث الحالي باسم وزارة النقل أن أفضل طريقة لمعالجة التأخيرات الجوية هي “إصلاح نظام مراقبة الحركة الجوية المعطل”، ملقياً باللوم على إدارة بايدن في هذا الصدد.

جادلت شركات الطيران بأن تطبيق هذه القاعدة سيكون عبئًا ماليًا كبيرًا عليها. ومع ذلك، تشير تقارير جمعية حقوق الركاب إلى أن تكلفة تخفيف التأخيرات بموجب EC261 (التي تقدر بنحو 1.73 يورو لكل راكب) أقل من تكلفة دفع التعويضات.

في المقابل، كشف تقرير صادر عن شركة InterVISTAS USA واستشارتها A4A أن تطبيق قواعد تعويض مماثلة لـ EC261 في الولايات المتحدة سيؤدي إلى زيادة في أسعار التذاكر، حيث تسعى شركات الطيران لاسترداد التكاليف. وقدر التقرير أن التكلفة السنوية الإضافية على المستهلكين ستصل إلى 5.2 مليار دولار.

ضغط شركات الطيران من أجل المزيد من إلغاء القيود التنظيمية

في مايو الماضي، قدمت A4A طلبًا يتكون من 93 صفحة إلى وزارة النقل الأمريكية، يطلب فيه إلغاء العديد من القواعد الأخرى التي تركز على المستهلك. يشمل ذلك إلغاء شرط عرض السعر الإجمالي للتذكرة والرسوم الإضافية بشكل واضح، وليس فقط في صفحة الدفع النهائية.

كما يهدف الطلب إلى إلغاء متطلبات المقاعد العائلية، والتخلي عن لوحة معلومات إدارة بايدن التي تعرض وعود شركات الطيران بشأن الفنادق والوجبات. وقد أنفقت المجموعة حوالي 5.7 مليون دولار في عام 2024 على جهود الضغط.

يرى بعض المدافعين عن المستهلكين أن وزير النقل الحالي، شون دافي، يواجه تضارباً في المصالح فيما يتعلق بحماية حقوق الركاب، حيث عمل سابقًا كمستشار لشركات طيران كبرى مثل دلتا وأمريكان ويونايتد، وركز على سياسات تهدف إلى حماية شركات الطيران من المزيد من التنظيم الفيدرالي.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول حقوق المسافرين و **تعويضات تأخير الرحلات** في الولايات المتحدة. سيراقب المراقبون رد فعل وزارة النقل الأمريكية على طلبات A4A، وأي مبادرات تشريعية مستقبلية تهدف إلى حماية المستهلكين في قطاع الطيران. يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتبنى نهجًا أكثر حماية للمستهلكين مثل الاتحاد الأوروبي، أم ستستمر في الاعتماد على التنظيم الذاتي لشركات الطيران.

شاركها.
Exit mobile version