تواجه شركات صناعة الشوكولاتة، وخاصةً الصغيرة منها، تحديات متزايدة بسبب ارتفاع أسعار الكاكاو. فقد شهدت أسعار الكاكاو ارتفاعات قياسية في الأشهر الأخيرة، مما أثر بشكل كبير على هوامش الربح وأجبر الشركات على إعادة التفكير في استراتيجياتها التشغيلية والابتكارية. هذه الزيادات تؤثر على تكلفة الشوكولاتة عالميًا، وتدفع الشركات إلى البحث عن حلول مستدامة للحفاظ على جودة منتجاتها وقدرتها التنافسية.

تتعامل شركة “Mr. Bucket Chocolaterie” في سنغافورة مع هذه المشكلة من خلال العمل المباشر مع المزارعين في جنوب شرق آسيا. ورغم أن الشركة كانت تدفع بالفعل أسعارًا أعلى من السوق بنسبة 2 إلى 3 أضعاف، إلا أن ارتفاع الأسعار المستمر، بالإضافة إلى انخفاض الغلة بسبب التغير المناخي والأمراض، قد زاد من الضغوط المالية.

إعادة التفكير في صناعة الشوكولاتة الآسيوية

تأسست شركة “Mr. Bucket Chocolaterie” في عام 2020، بعد أن لاحظ المؤسس، جيروم بينيافورت، التمييز السعري ضد الشوكولاتة المصنوعة في آسيا. ففي حين أن الكاكاو يزرع في المناطق الاستوائية في آسيا وأفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية، إلا أن الشوكولاتة المصنعة في أوروبا غالبًا ما تُباع بأسعار أعلى، بغض النظر عن الجودة.

بدأت الشركة بإنتاج الشوكولاتة في سنغافورة بعد اضطرابات في العمليات في ماليزيا بسبب جائحة كوفيد-19. وسرعان ما اكتشف بينيافورت أن الكاكاو المزروع في آسيا يمكن أن ينتج شوكولاتة لذيذة وعالية الجودة. وقد حققت الشركة نجاحًا مبكرًا من خلال التعاون مع العلامة التجارية المحلية للمقرمشات “The Golden Duck” لإنتاج حلوى البونبون بنكهة البيض المالح.

وقد ساهم هذا التعاون في زيادة الوعي بالعلامة التجارية، خاصةً خلال فترة الإغلاق العام في سنغافورة، حيث شهدت الشركة طلبًا كبيرًا على منتجاتها. ومن ثم، توسعت الشركة لفتح متجر تجزئة في عام 2020 ومقهى في منطقة “Dempsey Hill” في عام 2022.

الابتكار بدلاً من التقليل من الكميات

لم تلجأ شركة “Mr. Bucket Chocolaterie” إلى تقليل حجم المنتجات (shrinkflation) كاستجابة لارتفاع أسعار الكاكاو. وبدلاً من ذلك، ركزت الشركة على الابتكار وزيادة الكفاءة. أحد التغييرات الرئيسية كان استخدام الثمرة الكاملة للكاكاو، بما في ذلك القشرة واللب، بدلاً من مجرد استخدام حبوب الكاكاو.

وقد استلهمت الشركة أفكارًا من صناعات القهوة والشاي، واستخدمت الكاكاو في تحضير المشروبات والمرق وحتى الجيلاتو. ساعد هذا التنويع في تقليل الهدر وخفض تكاليف الإنتاج الإجمالية بنسبة 15% إلى 20% مقارنة بالعام الماضي، على الرغم من ارتفاع أسعار الكاكاو الخام. بالإضافة إلى ذلك، استثمرت الشركة في آلات جديدة لزيادة حجم الإنتاج وأتمتة بعض العمليات.

على الرغم من هذه التغييرات، تؤكد الشركة على أنها لم تقم بتغيير وصفاتها الأصلية ولن تتنازل عن الجودة. بل قامت بزيادة حجم بعض المنتجات، مثل الشوكولاتة المحشوة بالكراميل أو مربى جوز الهند المحلي (كيا).

وقد قامت الشركة بزيادة الأسعار بشكل طفيف في العام الماضي، ولكنها تمكنت من تخفيض بعض الأسعار مرة أخرى بعد تحسين الكفاءة. وتعتبر الشركة أن فهم “السبب” وراء ما تفعله هو أمر بالغ الأهمية، حيث تسعى إلى تغيير التصور السائد حول الشوكولاتة الآسيوية وإثبات أنها يمكن أن تكون بنفس جودة الشوكولاتة الأوروبية.

تشير الشركة إلى أن المستهلكين أصبحوا أكثر وعيًا بإنفاقهم في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، لكنها لا تزال تشهد نموًا في الإيرادات. وقد ارتفعت إيرادات الشركة من أقل من مليون دولار سنغافوري في السنة الأولى إلى أكثر من 5 ملايين دولار سنغافوري (حوالي 3.9 مليون دولار أمريكي) هذا العام.

تعتبر هذه الزيادات في الإيرادات دليلًا على أن المستهلكين يقدرون الجودة والابتكار، وأنهم على استعداد لدفع المزيد مقابل الشوكولاتة المصنوعة من مكونات عالية الجودة. وتعتبر الشركة أن التركيز على بناء مستقبل مستدام للكاكاو الآسيوي هو ما يدفعها إلى الأمام.

تتوقع الشركة استمرار الضغوط على أسعار الكاكاو في المستقبل القريب. وستراقب عن كثب تطورات الطقس والأمراض التي تؤثر على إنتاج الكاكاو، بالإضافة إلى أي تغييرات في السياسات الحكومية أو الاتفاقيات التجارية التي قد تؤثر على السوق. ومن المتوقع أن تستمر الشركة في الاستثمار في البحث والتطوير لإيجاد طرق جديدة لخفض التكاليف وتحسين جودة منتجاتها. كما ستواصل الشركة البحث عن فرص للتعاون مع المزارعين والشركات الأخرى في الصناعة لتعزيز الاستدامة والابتكار في قطاع الكاكاو.

الكلمات المفتاحية الثانوية: أسعار الكاكاو، صناعة الشوكولاتة، الاستدامة.

شاركها.
Exit mobile version