رفعت شركة “كوستكو” (Costco)، عملاق البيع بالجملة، دعوى قضائية ضد الحكومة الأمريكية للمطالبة باسترداد أموال الرسوم الجمركية. وتأتي هذه الخطوة القانونية وسط جدل مستمر حول الرسوم التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي تهدف إلى حماية الصناعات المحلية وتعزيز المفاوضات التجارية. تعتبر قضية رسوم كوستكو هذه جزءًا من سلسلة تحديات قانونية تواجهها إدارة الرئيس بايدن فيما يتعلق بالسياسات التجارية السابقة.
أقامت كوستكو الدعوى في محكمة التجارة الدولية الأمريكية ضد الولايات المتحدة، ووكالة حماية الجمارك والحدود الأمريكية (CBP)، ورودني إس. سكوت، مفوض هذه الوكالة. تهدف الدعوى إلى إلغاء الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بموجب أمر تنفيذي استنادًا إلى قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية (International Emergency Economic Powers Act – IEEPA)، والحصول على تعويضات كاملة عن الرسوم التي دفعتها الشركة.
خلفية نزاع كوستكو حول الرسوم الجمركية
تستند دعوى كوستكو إلى حكم سابق في قضية “VOS Selections, Inc. vs. Trump”، حيث تحدى مستوردون آخرون الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب. وقد استمعت المحكمة العليا الأمريكية إلى حجج هذه القضية في وقت سابق من شهر نوفمبر، ولا يزال حكمها معلقًا. ومع ذلك، تؤكد كوستكو أن القضية السابقة لا تضمن تلقائيًا استرداد الرسوم المدفوعة.
يكمن جوهر الخلاف في إجراء يسمى “التصفية” (liquidation). هذه العملية هي عندما تكمل الجمارك مراجعتها النهائية لتحديد المبلغ الرسمي للرسوم الجمركية المستحقة على شحنة معينة. عادةً ما يتيح ذلك للجمارك إما استرداد الرسوم للمستورد أو المطالبة بدفع رسوم إضافية. يجب إكمال هذه العملية في غضون عام واحد من دخول الشحنة، ما لم يتم تمديدها من قبل الجمارك. تخشى كوستكو من أن فقدان الحق في الاسترداد قد يحدث بمجرد انتهاء عملية التصفية.
وفقًا للدعوى، من المتوقع أن تبدأ الرسوم الجمركية على واردات كوستكو في الخضوع لعملية التصفية اعتبارًا من 15 ديسمبر. وقد رفضت وكالة الجمارك بالفعل طلب الشركة بتمديد هذه العملية.
الأساس الدستوري للطعن
أصدرت كل من محكمة التجارة الدولية والمحكمة الجزئية لمقاطعة كولومبيا أحكامًا سابقة تصنف الرسوم الجمركية التي فرضها قانون IEEPA على أنها غير قانونية. تستند هذه الأحكام بشكل أساسي إلى الدستور الأمريكي، الذي ينص على أن سلطة فرض الضرائب وتحصيل الرسوم الجمركية تقع حصريًا في يد الكونجرس. وقد أكدت محكمة الاستئناف للدائرة الفيدرالية هذا القرار في أغسطس.
الآن، رفعت هذه المسألة إلى المحكمة العليا، التي تدرس القضية حاليًا. ويرّقب المراقبون عن كثب قرار المحكمة، والذي قد يكون له تداعيات كبيرة على السياسة التجارية الأمريكية.
تأثير الرسوم الجمركية على كوستكو والقدرة على التعويض
لم تفصح كوستكو عن المبلغ الدقيق للرسوم الجمركية التي دفعتها في الدعوى. ومع ذلك، تشير تقديرات سابقة إلى أن الحكومة الأمريكية قد تضطر إلى سداد ما يصل إلى تريليون دولار في الرسوم الجمركية إذا حكمت المحكمة العليا لصالح المستوردين. وقد ذكر وزير الخزانة السابق سكوت بسونت هذا الرقم في وثيقة مقدمة إلى المحكمة العليا في سبتمبر.
في وقت سابق من هذا العام، صرح الرئيس التنفيذي لشركة كوستكو، رون فاشريس، خلال مكالمة أرباح للربع الثاني، أن “حوالي ثلث مبيعاتنا في الولايات المتحدة تأتي من الواردات من دول أخرى، وأقل من نصف هذه الواردات من الصين والمكسيك وكندا”. جاء هذا التصريح قبل فرض ترامب لرسوم إضافية في 2 أبريل، والتي أطلق عليها اسم “رسوم يوم التحرير”.
وسعت كوستكو، والبيت الأبيض، ووكالة حماية الجمارك والحدود الأمريكية إلى التعليق على هذه القضية حتى الآن. يؤدي هذا الصمت إلى زيادة التكهنات حول حجم التأثير المالي المحتمل لقرار المحكمة.
من المتوقع أن تصدر المحكمة العليا حكمها في هذه القضية خلال الأشهر القادمة، وستكون النتيجة حاسمة لمستقبل التعاملات التجارية بين الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى. سيتعين على كوستكو، وغيرها من الشركات المتضررة، أن تحدد مسارها التالي بناءً على هذا الحكم، مع الأخذ في الاعتبار إمكانية استرداد الرسوم المدفوعة أو الاضطرار إلى تحمل تكاليف هذه الرسوم بشكل دائم. وفي الوقت الحالي، يظل الوضع غير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة للتطورات المستقبلية.

