أثارت صفقة الاستحواذ المحتملة لشركة نتفليكس على شركة وارنر براذرز ديسكفري (WBD) جدلاً واسعاً في هوليوود، حيث أعرب العديد من صناع الأفلام والمسلسلات عن قلقهم بشأن مستقبل المنافسة والإبداع في الصناعة. الصفقة، التي تبلغ قيمتها 72 مليار دولار، قد تعيد تشكيل مشهد الترفيه وتؤثر على فرص العمل وتنوع المحتوى المتاح للجمهور. هذه الصفقة تثير تساؤلات حول مستقبل صناعة السينما والتلفزيون، وتحديداً تأثيرها على المنافسة في سوق الاندماج الإعلامي.

الجدل بدأ بعد إعلان الصفقة مباشرة، حيث انتقد العديد من الشخصيات البارزة في هوليوود الصفقة. جيسون كيلار، الرئيس التنفيذي السابق لشركة وارنر ميديا، صرح عبر منصة X (تويتر سابقاً) بأنه لا يستطيع التفكير في طريقة أكثر فعالية لتقليل المنافسة في هوليوود من بيع WBD لنتفليكس. هذا التصريح يعكس مخاوف واسعة النطاق بشأن تركيز القوة في أيدي عدد قليل من الشركات الكبرى.

مخاوف بشأن المنافسة وتنوع المحتوى في صفقة نتفليكس ووارنر براذرز

تخشى نقابة الكتاب الأمريكية من أن تؤدي هذه الصفقة إلى تقليل فرص العمل وخفض الأجور، بالإضافة إلى تدهور ظروف العمل في صناعة الترفيه. كما أعربت النقابة عن قلقها بشأن ارتفاع أسعار الاشتراك للمستهلكين وتقليل حجم وتنوع المحتوى المتاح للمشاهدين. هذه المخاوف تعكس الاتجاه العام نحو تركز الشركات الكبرى في قطاع الإعلام.

وبالمثل، أعربت نقابة المخرجين الأمريكيين عن قلقها بشأن تأثير الصفقة على الإبداع والمنافسة. يرى البعض أن استحواذ نتفليكس على وارنر براذرز قد يحد من الخيارات المتاحة للمخرجين والمبدعين، ويؤدي إلى إنتاج محتوى أقل تنوعاً.

تأثير على دور العرض السينمائي

أثار قرار نتفليكس التاريخي بالتركيز على العرض عبر الإنترنت، بدلاً من دور العرض السينمائية، قلقاً كبيراً بين أصحاب دور السينما. يعتقد البعض أن نتفليكس قد تقلل من أهمية دور العرض السينمائي، أو حتى تلغيها تماماً، مما يؤثر سلباً على صناعة السينما التقليدية. مايكل أولياري، رئيس جمعية دور السينما، وصف الصفقة بأنها “تهديد غير مسبوق” لقطاع السينما العالمي.

يرى خبراء الصناعة أن نتفليكس، بعد الاستحواذ، ستصبح قوة عظمى في مجال الملكية الفكرية، مما قد يمنحها القدرة على التحكم في إصدارات الأفلام والمسلسلات، وتقليل فترة عرضها الحصرية في دور السينما. قد تلجأ نتفليكس إلى إصدار الأفلام الجديدة في دور السينما لفترة قصيرة فقط، أو حتى في نفس الوقت مع عرضها على منصتها، مما يضر بمصالح دور العرض.

في المقابل، أكدت نتفليكس أنها تتوقع زيادة فرص العمل في صناعة الترفيه، وأنها تعتزم الحفاظ على العمليات الحالية لشركة وارنر براذرز، بما في ذلك خطط إصدار الأفلام في دور العرض. كما صرح تيد سراندوس، الرئيس التنفيذي المشترك لنتفليكس، بأن الصفقة ستكون “مفيدة للعاملين”.

الآثار المحتملة على صناعة البث والملكية الفكرية

بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالمنافسة وتنوع المحتوى، يثير هذا الاندماج تساؤلات حول مستقبل صناعة البث بشكل عام. قد يؤدي تركيز القوة في أيدي عدد قليل من الشركات الكبرى إلى ارتفاع أسعار الاشتراكات وتقليل الخيارات المتاحة للمستهلكين.

كما أن استحواذ نتفليكس على وارنر براذرز يعني سيطرتها على بعض من أشهر العلامات التجارية والقصص في العالم، مثل “ساحر أوز” وسلسلة “هاري بوتر”. هذا قد يمنح نتفليكس ميزة تنافسية كبيرة، ويجعل من الصعب على الشركات الأخرى منافستها في مجال إنتاج المحتوى.

في هذا السياق، كتبت جين فوندا مقالاً في The Ankler قبل الإعلان عن الصفقة، حذرت فيه من الآثار السلبية لأي صفقة اندماج في صناعة الترفيه، بغض النظر عن هوية المشتري. وأشارت فوندا إلى أن هذه الصفقات تهدد الصناعة بأكملها، والجمهور الذي تخدمه، وربما حتى التعديل الأول للدستور الأمريكي (حرية التعبير).

الخطوة التالية هي الحصول على موافقة الجهات التنظيمية المختصة. من المتوقع أن تخضع الصفقة لتدقيق مكثف من قبل السلطات المختصة، التي ستقيم تأثيرها على المنافسة وحقوق المستهلكين. من غير الواضح متى سيتم اتخاذ قرار نهائي بشأن الصفقة، ولكن من المرجح أن يستغرق الأمر عدة أشهر. يجب مراقبة ردود أفعال الجهات التنظيمية وتطورات الصفقة لمعرفة مستقبل صناعة الترفيه.

شاركها.
Exit mobile version