تواجه شركة PwC، إحدى أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم، تحديًا كبيرًا في العثور على المواهب التقنية اللازمة لتلبية الطلب المتزايد على خدماتها الاستشارية المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي. وأكد محمد كاندي، الرئيس العالمي للشركة، أنهم يبحثون عن “المئات والمئات من المهندسين” ولكنهم يجدون صعوبة بالغة في توظيفهم، مما يعكس اتجاهًا أوسع نطاقًا في السوق يعاني منه قطاع الخدمات المهنية.
لطالما أولت الشركات المماثلة الأولوية للخريجين ذوي التفكير النقدي والمهارات التواصلية القوية، ولكن مع التحول الرقمي السريع، أصبح المهندسون وعلماء البيانات والمطورون من أكثر الموظفين طلبًا. وتستثمر PwC وشركات مثل Accenture و EY بشكل كبير في توظيف وتدريب هذه الكفاءات التقنية.
الطلب المتزايد على المواهب التقنية في PwC والشركات المنافسة
أظهر تقرير Accenture السنوي الأخير أنها أضافت ما يقرب من 40 ألف متخصص في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات خلال العامين الماضيين، والذين يمثلون الآن حوالي 10٪ من إجمالي عدد موظفيها على مستوى العالم. EY قامت بجهود أكبر، حيث أضافت 61 ألف متخصص في التكنولوجيا منذ عام 2023. هذا التحول في التركيز يعكس التغيرات الجوهرية في طبيعة الخدمات التي تقدمها هذه الشركات لعملائها.
تشير التقديرات إلى أن الاستشارات الاستراتيجية التقليدية تمثل الآن حوالي 20٪ فقط من عمل شركة McKinsey، بينما تركز الشركة بشكل متزايد على تقديم “خبرة عميقة في التنفيذ” ومشاريع تحول طويلة الأجل. وأشار كاندي إلى أن تقديم المشورة للعملاء حول كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي سيكون في صميم استراتيجية PwC المستقبلية.
تغيير في استراتيجيات التوظيف
في ظل هذه التحديات، بدأت PwC في إعادة تقييم استراتيجيات التوظيف الخاصة بها. وقد أعلنت الشركة عن خطط لخفض معدل توظيف الخريجين الجدد بنسبة الثلث على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وفقًا لعرض تقديمي داخلي حصلت عليه Business Insider في أغسطس. ويرجع هذا القرار إلى “جهود التحول، وتأثير الذكاء الاصطناعي، والتكامل الإضافي لمراكز التسريع” – وهي مراكز PwC الخارجية لتقديم الخدمات.
وأكدت PwC في ذلك الوقت أن “الوتيرة السريعة للتغيير التكنولوجي” تعيد تشكيل عملياتها وأنها تتخذ إجراءات “حكيمة” استجابةً “للمستويات المنخفضة تاريخيًا لترك العمل”. كما خفضت PwC في المملكة المتحدة عدد الوظائف المتاحة للموظفين الجدد هذا العام بمقدار 200 وظيفة مقارنة بالعام الماضي، وأرجع ماركو أميترانو، رئيس الشركة في المملكة المتحدة، هذا الانخفاض إلى تأثير الذكاء الاصطناعي والركود الاقتصادي.
في عام 2021، أعلنت PwC، تحت قيادة بوب موريتز، عن خطة لتوظيف 100 ألف شخص بحلول منتصف عام 2026. ومع ذلك، صرح كاندي لـ BBC أن تحقيق هذا الهدف أصبح غير ممكن بسبب التغيرات في المشهد الاقتصادي والتكنولوجي. وأضاف أن الشركة بحاجة إلى التأكد من أنها تمتلك “المجموعة الصحيحة من المهارات للوظائف الصحيحة”.
تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
يعكس هذا التحول في استراتيجيات التوظيف تأثير الذكاء الاصطناعي المتزايد على سوق العمل. فبينما تخلق تقنيات الذكاء الاصطناعي فرصًا جديدة، فإنها تهدد أيضًا بأتمتة بعض الوظائف التقليدية، مما يتطلب من الشركات إعادة تقييم احتياجاتها من المهارات. التحول الرقمي (digital transformation) هو مصطلح رئيسي آخر مرتبط بهذه التغييرات، حيث تسعى الشركات إلى تبني التقنيات الرقمية لتحسين الكفاءة والابتكار.
بالإضافة إلى ذلك، يشير هذا التوجه إلى تحول أوسع في قطاع الخدمات المهنية، حيث تتجه الشركات نحو تقديم خدمات أكثر تخصصًا وقائمة على التكنولوجيا. وهذا يتطلب وجود فريق عمل يتمتع بمهارات متقدمة في مجالات مثل تحليل البيانات، وهندسة البرمجيات، والأمن السيبراني.
من المتوقع أن تستمر PwC والشركات المنافسة في الاستثمار في تطوير مهارات موظفيها الحاليين في المجالات التقنية، بالإضافة إلى جهود التوظيف المستهدفة. وسيكون من المهم مراقبة كيفية تطور هذه الاستراتيجيات في الأشهر والسنوات القادمة، وكيف ستؤثر على سوق العمل بشكل عام. كما يجب متابعة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على طبيعة الخدمات التي تقدمها هذه الشركات.
في الختام، تواجه PwC تحديًا في العثور على المواهب التقنية اللازمة لتلبية الطلب المتزايد، مما دفعها إلى إعادة تقييم استراتيجيات التوظيف الخاصة بها. من المرجح أن يشهد هذا القطاع المزيد من التغييرات في المستقبل القريب، حيث تستمر الشركات في التكيف مع التطورات التكنولوجية وتغيرات سوق العمل. سيتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل حول خطط PwC المستقبلية في تقريرها السنوي القادم.

