من المتوقع أن يختتم الذهب عام 2025 عند أعلى مستوياته على الإطلاق، مع استمرار الزخم في عام 2026. وقد تجاوز سعر الذهب الفوري 4500 دولار أمريكي للأوقية الترواوية لأول مرة يوم الأربعاء في تداولات آسيا، ويستقر حاليًا حول 4490 دولارًا أمريكيًا. ويُعد هذا الارتفاع أكثر من 70٪ حتى الآن، مما يجعله أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979. هذا الارتفاع في سعر الذهب يثير تساؤلات حول استمراريته وتأثيره على الأسواق العالمية.
يرى المحللون أن قوة الذهب قد تستمر لأن العوامل الدافعة لهذا الارتفاع هيكلية وليست مجرد رد فعل على الأحداث. فالطلب المتزايد على المعادن الثمينة كأصل آمن، بالإضافة إلى التغيرات في السياسات النقدية العالمية، كلها عوامل تدعم ارتفاع الأسعار.
توقعات بارتفاع سعر الذهب في 2026
كتبت فرح مراد، محللة السوق في منصة IG للتداول، “الذهب لا يحتاج إلى أزمة ليرتفع في عام 2026. إنه يحتاج ببساطة إلى أن يستمر العالم في سلوكه الحالي: ديون مرتفعة، حالة من عدم اليقين بشأن السياسات، تحالفات هشة، ودولار لم يعد يهيمن كما كان من قبل.”
وأضافت مراد أن “الذهب في هذه البيئة لا يطارد الخوف، بل يمتصه”. وهذا يشير إلى أن الذهب قد يكون ملاذًا آمنًا في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية.
لم تقدم IG توقعات سعرية محددة، لكنها أشارت إلى أن البنوك الكبرى تتوقع تداول الذهب في نطاق 4500 إلى 4700 دولار أمريكي للأوقية العام المقبل، مع احتمال صعوده إلى 5000 دولار أمريكي إذا استمرت الظروف الاقتصادية الكلية. هذه التوقعات تعكس الثقة في استمرار الطلب على الذهب.
العوامل المؤثرة في ارتفاع أسعار الذهب
يمكن أن توفر السياسة النقدية دعمًا إضافيًا. ومع إثبات التضخم عناده وعدم استقرار النمو، يتوقع السوق بشكل متزايد انخفاض أسعار الفائدة بمرور الوقت. وهذا بدوره يؤثر على جاذبية الذهب كأصل استثماري.
الذهب يميل إلى الأداء الأفضل عندما تنخفض العوائد الحقيقية، ويقل التكلفة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للدخل. لذلك، فإن أي تحول نحو سياسة نقدية أكثر ليونة يمكن أن يدفع أسعار الذهب إلى الأعلى. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف الدولار الأمريكي يزيد من جاذبية الذهب للمستثمرين الأجانب.
ومع ذلك، هناك بعض المخاطر التي قد تبطئ من تقدم الذهب. فقد يؤدي انتعاش أقوى من المتوقع للدولار الأمريكي أو تحول مستدام نحو معنويات إيجابية بشأن المخاطر إلى تقليل الطلب على الذهب.
لكن، وفقًا لمراد، يظل التمركز الاستثماري في الذهب متوازنًا نسبيًا مقارنة بالذروة السابقة، مما يشير إلى أن الصفقة ليست مزدحمة بعد. وهذا يعني أن هناك مجالًا لمزيد من الارتفاع في الأسعار.
ويتفق هذا الرأي مع التوقعات الصادرة عن البنوك الكبرى. فقد كتبت إيوا مانثي، استراتيجية السلع في ING، في وقت سابق من هذا الشهر: “نتوقع أن يشهد سعر الذهب المزيد من المستويات القياسية في عام 2026″.
وأضافت أن العوامل التي قد تدعم هذا الارتفاع تشمل اختيار الرئيس دونالد ترامب المحتمل لرئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي يميل إلى الضغط من أجل خفض أسعار الفائدة. كما أشارت إلى أن الذهب من المرجح أن يجد دعمًا عند أي تراجعات.
وتابعت مانثي: “نتوقع أن تكون الانخفاضات محدودة حيث من المرجح أن يجذب أي ضعف اهتمامًا متجددًا من كل من المشترين الأفراد والمؤسسات”.
ويتوقع عملاق وول ستريت، جولدمان ساكس، أن سعر الذهب سيرتفع إلى 4900 دولار أمريكي للأوقية بحلول ديسمبر 2026. هذا التوقع الطموح يعكس التفاؤل بشأن مستقبل الذهب.
وقد ساهم الارتفاع في سعر الذهب هذا العام في مكاسب المعادن الثمينة الأخرى أيضًا. فقد سجلت أسعار الفضة الفورية أيضًا مستويات قياسية هذا العام، وتتداول حاليًا بارتفاع يقدر بنحو 147٪ على أساس العام حتى الآن، عند حوالي 72 دولارًا أمريكيًا للأوقية.
وفي الوقت نفسه، بلغت أسعار البلاتين الفورية أيضًا مستوى قياسيًا، وارتفعت بنحو 159٪ هذا العام، وتتداول حاليًا عند حوالي 2342 دولارًا أمريكيًا للأوقية. هذا الارتفاع في أسعار المعادن الثمينة الأخرى يشير إلى أن الذهب ليس وحده المستفيد من الظروف الاقتصادية الحالية.
بشكل عام، تشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع أسعار الذهب في عام 2026، مدفوعة بالعوامل الهيكلية والسياسات النقدية المتوقعة. ومع ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة المخاطر المحتملة، مثل قوة الدولار الأمريكي وتحسن معنويات المخاطر. من المتوقع أن تشهد الأسواق العالمية تطورات إضافية في الأشهر المقبلة، مما قد يؤثر على سعر الذهب والمعادن الثمينة الأخرى. سيراقب المحللون عن كثب بيانات التضخم وقرارات الاحتياطي الفيدرالي لتحديد المسار المستقبلي لأسعار الذهب.


