مع تزايد الاعتماد على الحوسبة الكمومية في مختلف جوانب حياتنا، تظهر تقارير حول تهديد كبير محتمل للعملات الرقمية مثل البيتكوين (BTC) والعملات البديلة. يخشى الخبراء من أن الحوسبة الكمومية قد تقوض الأسس المشفرة التي تحمي تريليونات الدولارات من الأصول الرقمية. هذا المقال يستعرض المخاطر المحتملة وسبل الاستعداد لمواجهة هذا التحدي.

تهديد الحوسبة الكمومية للعملات الرقمية

أتى التحذير الأخير بشأن هذا الموضوع من فيتاليك بوترين، مؤسس الإيثريوم (ETH). صرح بوترين خلال فعالية Devconnect بأن الحوسبة الكمومية قد تتمكن من اختراق التشفير المستخدم حاليًا بحلول عام 2028. هذا يشكل خطرًا كبيرًا على أمن العملات الرقمية.

حذر بوترين تحديدًا من أن الحوسبة الكمومية قد تكسر تشفير المنحنى الإهليلجي (ECC)، وهو الأساس الذي تقوم عليه أمان شبكة الإيثريوم، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2028. ويعتبر هذا التشفير حجر الزاوية في العديد من تقنيات الأمان الرقمي.

واقترح بوترين أن تقوم شبكة الإيثريوم بالانتقال إلى تشفير مقاوم للحوسبة الكمومية خلال السنوات الأربع القادمة. هذا الانتقال ضروري لضمان استمرار أمان الشبكة في مواجهة التطورات التكنولوجية.

كيف تعمل الحوسبة الكمومية على تهديد العملات الرقمية؟

تعتمد معظم سلاسل الكتل (blockchains)، بما في ذلك البيتكوين والإيثريوم، حاليًا على تشفير المنحنى الإهليلجي (ECC) لإنشاء المفاتيح الخاصة والعامة والتحقق من المعاملات. تعتمد قوة هذا التشفير على صعوبة حل بعض المسائل الرياضية المعقدة.

تتميز الحواسيب الكمومية بقدرتها على حل هذه المسائل الرياضية بسرعة فائقة، مما يجعل تشفير ECC عرضة للاختراق. إذا تمكنت حاسوب كمومي قوي بما فيه الكفاية من كسر هذا التشفير، فسيتمكن المهاجمون من الوصول إلى محافظ العملات الرقمية وسرقة الأموال.

ومع ذلك، يجب ملاحظة أن بناء حاسوب كمومي قادر على كسر تشفير ECC لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به قبل أن يصبح هذا التهديد حقيقة واقعة.

ما هي البدائل المقترحة؟

أشارت Mysten Labs، الشركة المطورة لسلسلة الكتل Sui، في تقرير حديث إلى أن سلاسل الكتل الجديدة أكثر استعدادًا لمواجهة التهديدات الكمومية. يعتمد هذا الاستعداد على استخدام خوارزميات تشفير أكثر مقاومة للحوسبة الكمومية.

أظهرت الأبحاث الجديدة أن سلاسل الكتل التي تستخدم خوارزمية توقيع رقمي منحنى إدواردز (EdDSA) في وضع أفضل للتعامل مع التهديدات الكمومية المستقبلية. وفقًا لـ Mysten Labs، فإن الشبكات الجديدة مثل Sui (SUI) و Solana (SOL) و Near (NEAR) أكثر موثوقية ضد هذه التهديدات.

بالإضافة إلى ذلك، هناك جهود مستمرة لتطوير خوارزميات تشفير جديدة مقاومة للحوسبة الكمومية، مثل التشفير القائم على الشبكات (lattice-based cryptography). هذه الخوارزميات تعتبر أكثر أمانًا من ECC في مواجهة الهجمات الكمومية.

تأثير التهديد الكمومي على سوق العملات الرقمية

يثير التهديد المحتمل للحوسبة الكمومية قلقًا متزايدًا في سوق العملات الرقمية. قد يؤدي هذا القلق إلى انخفاض الثقة في العملات الرقمية، مما قد يؤدي إلى انخفاض أسعارها. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا التهديد إلى زيادة الطلب على العملات الرقمية التي تستخدم خوارزميات تشفير مقاومة للحوسبة الكمومية.

من المهم ملاحظة أن تأثير التهديد الكمومي على سوق العملات الرقمية لا يزال غير مؤكد. يعتمد هذا التأثير على عدة عوامل، بما في ذلك سرعة تطوير الحواسيب الكمومية وقدرة مطوري العملات الرقمية على الانتقال إلى خوارزميات تشفير مقاومة للحوسبة الكمومية. كما أن تطوير تقنيات التشفير ما بعد الكمومي (post-quantum cryptography) يلعب دورًا حاسمًا في تخفيف المخاطر.

ومع ذلك، فإن الاستعداد لهذا التهديد أمر ضروري لضمان مستقبل آمن للعملات الرقمية. يجب على مطوري العملات الرقمية والمستثمرين اتخاذ خطوات استباقية لحماية أصولهم من الهجمات الكمومية المحتملة.

في الختام، يظل التهديد الذي تشكله الحوسبة الكمومية على أمان العملات الرقمية موضوعًا قيد المراقبة الدقيقة. من المتوقع أن تشهد السنوات القليلة القادمة تطورات كبيرة في مجال الحوسبة الكمومية، بالإضافة إلى جهود متزايدة لتطوير خوارزميات تشفير مقاومة للحوسبة الكمومية. سيكون من الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب لتقييم المخاطر المحتملة واتخاذ الإجراءات المناسبة.

شاركها.
Exit mobile version