أعرب فيتاليك بوترين، أحد مؤسسي إيثريوم، عن قلقه المتزايد بشأن الخصوصية الرقمية، واصفًا إياها بأنها ضرورة أساسية وليست مجرد ميزة إضافية. جاء هذا التصريح في أعقاب خرق للبيانات طال بنوكًا أمريكية كبرى، بما في ذلك جي بي مورجان تشيس، وسيتي غروب، ومورغان ستانلي، عبر هجوم إلكتروني استهدف شركة SitusAMC المتخصصة في تكنولوجيا الرهن العقاري. يركز بوترين حاليًا على تعزيز آليات المراسلة المشفرة من طرف إلى طرف.

أهمية الخصوصية الرقمية في عالم البلوك تشين

أكد بوترين على أهمية تطوير أنظمة مراسلة مشفرة بالكامل لحماية البيانات الشخصية، مشيرًا إلى أن إنشاء حسابات غير مرتبطة بمعلومات شخصية وحماية بيانات التعريف (metadata) هما أولويتان رئيسيتان لقطاع العملات المشفرة. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر بوترين أن التوجه نحو اللامركزية يعتمد بشكل كبير على توفير مستوى عالٍ من الخصوصية للمستخدمين.

أوضح بوترين أنه يدعم مشروعي Session و SimpleX اللذين يعملان على تحقيق هذه الأهداف، حيث تبرع لكل منهما بمبلغ 128 إيثريوم. تهدف هذه المشاريع إلى تعزيز اللامركزية وتحسين حماية المستخدمين دون الاعتماد على أرقام الهواتف، مع معالجة تحديات مثل دعم الأجهزة المتعددة ومقاومة هجمات الحرمان من الخدمة (DDoS).

تبرعات كبيرة لدعم تطوير تقنيات الخصوصية

أشار بوترين في منشور على منصة X إلى أن عناوين التبرعات متاحة للعامة على مواقع هذه المشاريع. وأضاف أن هذه المنصات ليست مثالية بعد، لكنها تمثل جهودًا نشطة لدفع عجلة التواصل الذي يحافظ على الخصوصية. كما دعا إلى مشاركة المزيد من المطورين لمعالجة المشكلات التقنية المتبقية، مؤكدًا على الحاجة إلى المزيد من التدقيق المستمر.

جدير بالذكر أن تطبيق Signal، وهو تطبيق مراسلة مشفر مستخدم على نطاق واسع، قد واجه تدقيقًا متجددًا في مارس الماضي، بعد حادثة قيام مسؤولين أمنيين أمريكيين كبار بإدراج صحفي عن طريق الخطأ في مجموعة Signal لمناقشة الضربات على أهداف الحوثيين في اليمن. لاحقًا، أصدر البنتاغون تحذيرًا يمنع استخدام التطبيق لأي معلومات غير علنية بسبب ثغرة أمنية تتعلق بميزة ربط الأجهزة.

ومع ذلك، أوضح Signal أن المشكلة ناتجة عن هجمات تستهدف المستخدمين بشكل فردي وليست بسبب عيوب في التشفير نفسه، وأشار إلى أنه قد نفذ بالفعل إجراءات وقائية وتحذيرات. تعتبر هذه الحادثة تذكيرًا بأهمية الحفاظ على تحديث التطبيقات واتباع أفضل الممارسات الأمنية.

تطور رؤية بوترين للخصوصية

لم تقتصر جهود بوترين على دعم المشاريع التقنية؛ فقد نشر في أبريل مقالاً أكد فيه أن “الخصوصية هي ضمانة مهمة للامركزية”. واقترح مسارًا لإيثريوم لدعم العناوين المخفية، والإفصاح الانتقائي عن البيانات، وأدوات المعرفة الصفرية على مستوى التطبيق لتقليل التعرض غير الضروري للبيانات. يشمل ذلك دراسة تقنيات مثل zk-SNARKs و zk-STARKs لتعزيز إمكانية إخفاء المعاملات.

بالإضافة إلى ذلك، حذر بوترين مؤخرًا من أن نظام تحديد المواقع الجغرافية الجديد الذي أطلقته منصة X، والذي يقوم بتعيين تسميات بلدية لحسابات المستخدمين، يشكل مخاطر على الخصوصية. أشار إلى أن هذه الأنظمة يمكن أن تكشف عن معلومات حساسة حول موقع المستخدمين وقد تعرض المستخدمين الضعفاء للخطر، حتى عند الكشف عن مناطق جغرافية واسعة فقط. يُنظر إلى هذه الميزة على أنها خطوة نحو جمع بيانات أكثر تفصيلاً عن المستخدمين.

تأتي هذه التصريحات في ظل تزايد المخاوف العالمية بشأن حماية البيانات الشخصية وزيادة الرقابة عبر الإنترنت. تسعى العديد من الحكومات وشركات التكنولوجيا إلى تطوير حلول جديدة لحماية الخصوصية الرقمية، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لضمان حماية حقوق المستخدمين. تتضمن بعض التحديات الرئيسية تحقيق التوازن بين الخصوصية والأمن القومي، وتطوير معايير عالمية لحماية البيانات.

في سياق آخر، يرتفع الاهتمام بتقنيات مثل “الحوسبة السرية” و “الشبكات الخاصة الافتراضية المبنية على البلوك تشين” (VPN) كحلول محتملة لتعزيز الخصوصية الرقمية. وتعتمد هذه التقنيات على استخدام التشفير المتقدم لحماية البيانات أثناء النقل والمعالجة.

من المتوقع أن يستمر بوترين في الضغط من أجل تعزيز الخصوصية الرقمية في إيثريوم والعملات الرقمية الأخرى. قد تشمل الخطوات التالية استكشاف المزيد من تقنيات الخصوصية، والتعاون مع مطوري المشاريع الأخرى، والدعوة إلى سياسات تنظيمية أكثر وعيًا بأهمية حماية بيانات المستخدمين. يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه الجهود وما هي التأثيرات التي ستحدث على الخصوصية الرقمية بشكل عام.

شاركها.
Exit mobile version