حذر اقتصادي بارز من خطر حدوث ركود تضخمي، مما يثير مخاوف بشأن مسار الاقتصاد الأمريكي في العام المقبل. توقع تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في شركة أبوللو جلوبال مانجمنت، أن **الركود التضخمي** لا يزال أحد أكبر المخاطر التي تواجه الاحتياطي الفيدرالي، على الرغم من التباطؤ الأخير في معدل التضخم في شهر نوفمبر. هذا الخطر يهدد الآمال المتزايدة بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
أشار سلوك إلى أن تباطؤ وتيرة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع أسعار المستهلكين. يأتي هذا التحذير في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي نموًا قويًا، لكن هناك علامات تشير إلى أن التضخم لا يزال عنيدًا.
مخاطر الركود التضخمي وتأثيرها على أسعار الفائدة
الركود التضخمي، وهو سيناريو اقتصادي يعتبره الكثيرون من أسوأ الحالات، يحدث عندما يتباطأ النمو الاقتصادي بينما تظل معدلات التضخم مرتفعة. هذا الوضع يمثل تحديًا كبيرًا لصناع السياسات، حيث أن ارتفاع التضخم يمنع الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي.
على الرغم من أن البيانات الاقتصادية الحالية تشير إلى اتجاه معاكس، مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.5٪ في الربع الثالث من العام، وانخفاض التضخم إلى 2.7٪ على أساس سنوي وفقًا لتقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر نوفمبر، إلا أن سلوك يرى أن الولايات المتحدة لا تزال عرضة للركود التضخمي.
مخاطر تتعلق بالذكاء الاصطناعي
أوضح سلوك أن أحد المخاطر الرئيسية يكمن في تباطؤ إنفاق شركات الذكاء الاصطناعي على التكنولوجيا، أو عدم تحقيق الاستثمارات الضخمة في هذا المجال للعوائد المتوقعة. هذا قد يؤدي إلى خيبة أمل المستثمرين وتراجع الثقة في الاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، يشير مؤشر أسعار الخدمات في معهد إدارة التوريد (ISM) إلى استمرار الضغوط التضخمية، حيث بلغ 65.4٪ في نوفمبر، وهو ما يشير إلى توسع مستمر.
يبدو أن البنوك المركزية تشارك سلوك قلقه بشأن الركود التضخمي. فقد أظهرت بيانات من اجتماعات لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة (FOMC) أن عدد الأعضاء الذين يرون أن المخاطر على التضخم والبطالة تميل إلى الارتفاع يفوق بكثير عدد أولئك الذين يرون أن المخاطر تميل إلى الانخفاض.
وكتب سلوك في مذكرة موجهة إلى العملاء: “بمعنى آخر، يواصل الاحتياطي الفيدرالي توقع حدوث **ركود تضخمي** ويخشى أن نشهد في عام 2026 ارتفاعًا في التضخم وارتفاعًا في البطالة في الوقت نفسه”.
وأضاف سلوك في مقابلة مع CNBC: “الخلاصة هي أنه في الأشهر الستة المقبلة، وخاصة عندما نصل إلى شهر أبريل، سنبدأ في رؤية بعض المخاطر الكبيرة التي لا يزال التضخم فيها مرتفعًا”.
توقعات أسعار الفائدة في ظل خطر الركود التضخمي
يبدو مستقبل تخفيضات أسعار الفائدة قاتمًا في بداية العام الجديد. فقد ارتفعت احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير بعد صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر نوفمبر، لكن المستثمرين يتوقعون إلى حد كبير أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه القادم للسياسة النقدية. تشير أداة CME FedWatch إلى أن احتمالية خفض سعر الفائدة في اجتماع مارس تبلغ 45٪ فقط.
تعتبر **السياسة النقدية** من الأدوات الرئيسية التي يستخدمها الاحتياطي الفيدرالي للسيطرة على التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. ومع ذلك، فإن خطر الركود التضخمي يجعل مهمة الاحتياطي الفيدرالي أكثر صعوبة، حيث يجب عليه الموازنة بين الحاجة إلى كبح التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن **سوق العمل** القوي قد يزيد من الضغوط التضخمية، حيث أن ارتفاع الأجور قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
في الختام، يظل خطر الركود التضخمي قائمًا، مما يثير تساؤلات حول مسار الاقتصاد الأمريكي في العام المقبل. سيكون من المهم مراقبة البيانات الاقتصادية الواردة، وخاصة بيانات التضخم والنمو الاقتصادي، لتقييم مدى جدية هذا الخطر. من المتوقع أن يعقد الاحتياطي الفيدرالي اجتماعًا في الفترة من 31 يناير إلى 1 فبراير لمراجعة سياسته النقدية واتخاذ القرارات المناسبة. ستكون هذه الاجتماعات حاسمة في تحديد مستقبل الاقتصاد الأمريكي.

