يتطلع المستثمرون عادةً إلى نهاية العام بأمل تحقيق مكاسب، وهي ظاهرة تُعرف باسم “ارتفاع سانتا كلوز” أو “Santa Claus rally”. يشير هذا المصطلح إلى الاتجاه الصعودي الموسمي في سوق الأسهم الذي يحدث عادةً خلال الأيام الخمسة الأخيرة من العام وأول يومين من العام الجديد. من المتوقع أن تبدأ نافذة تداول “سانتا كلوز” لهذا العام في 24 ديسمبر، وسط تفاؤل حذر بشأن إمكانية حدوث ارتفاع في الأسهم.
شهد العام الحالي أداءً قوياً للسوق، حيث أدى التعافي منذ الانخفاضات في أبريل إلى تسجيل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 سلسلة من المستويات القياسية. وعلى الرغم من التقلبات التي شهدها شهر ديسمبر، إلا أن المحللين الماليين يعربون عن أملهم في حدوث ارتفاع في الأسهم في نهاية العام وبداية العام المقبل.
توقعات بارتفاع سوق الأسهم في نهاية العام: هل نشهد “سانتا كلوز رالي”؟
يرى لويس نافيليير، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي للاستثمار في شركة نافيليير آند أسوشيتس، أن الظروف السوقية مهيأة لحدوث “ارتفاع سانتا كلوز”. وأشار هذا الأسبوع إلى أن المخاوف المتعلقة بتجارة الذكاء الاصطناعي تتلاشى، وأن العديد من قطاعات السوق تبدو قوية. ويُعتبر مؤشر “الذكاء الاصطناعي” (AI trade) من العوامل الرئيسية التي تؤثر على أداء السوق حاليًا.
أضاف نافيليير أن أسهم الشركات الصغيرة ذات رأس المال المحدود (small-cap stocks) أظهرت زخمًا ملحوظًا مؤخرًا، حيث ارتفع مؤشر راسل 2000 (Russell 2000) بشكل أكبر، مما يشير إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر استعدادًا لتحمل المخاطر مع استعدادهم لدخول العام الجديد.
وقال نافيليير: “الاتجاه هو صديقنا، ومن المتوقع أن يشهد عام 2026 بداية قوية، وإمكانية حدوث “ارتفاع سانتا كلوز” عادت إلى الطاولة.”
يشارك مارك هاكيت، كبير استراتيجيي السوق في شركة نيشن وايد، التفاؤل بشأن “ارتفاع سانتا كلوز” في نهاية العام. وأوضح أن إحصائيًا، آخر أسبوعين من العام هما الأفضل في التقويم منذ عام 1950، حيث يقوم المستثمرون بتهيئة مراكزهم للاستعداد لنهاية السنة المالية.
وأضاف هاكيت، بحذر من أن ظروف السوق قد تبرد في بداية عام 2026 بعد زوال هذا الزخم، أن السوق حقق أداءً إيجابيًا بنسبة 80٪ بمتوسط زيادة قدرها 1.6٪ منذ عام 1928. ويُؤكد على أهمية التوقيت في الاستفادة من هذه الظاهرة الموسمية.
وتابع هاكيت قائلاً: “عندما تتم مناقشة هذا النمط على نطاق واسع، يمكن أن يصبح نبوءة تحقق ذاتها إلى حد ما.”
في المقابل، يدعو خبراء ماليون آخرون إلى الهدوء مع اقتراب نهاية العام. يعتقد كلارك بيلين، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة بيلويذر ويلث، أن الأسواق قد تشهد بعض التقلبات، لكنه يتوقع في النهاية حدوث “ارتفاع سانتا كلوز”.
وأشار بيلين إلى أنه على الرغم من أن السوق قد يبدو مضطربًا في الأسابيع الأخيرة، إلا أنه ظل مستقرًا نسبيًا حتى الآن في ديسمبر، وقد يكون القوة الموسمية التقليدية في نهاية العام بمثابة المحفز الذي نحتاجه لكسر هذا النطاق الضيق من التداول.
وأضاف بيلين أن شركته تتوقع المزيد من النمو في قطاع التكنولوجيا في عام 2026. ولا يزال بول ستانلي، المدير التنفيذي للاستثمار في شركة جرانيت باي ويلث مانجمنت، ممن يتفقون مع هذا الرأي.
تحليل قطاع التكنولوجيا
يرى ستانلي أن “ارتفاع سانتا كلوز” سيحدث في الأيام الأخيرة من عام 2025. وأوضح أن “مزيجًا من حجم التداول المنخفض وغياب الأخبار السيئة يجب أن يحافظ على “ارتفاع سانتا كلوز” حيًا وبصحة جيدة لبقية العام.”
وأشار إلى أن التقييمات في قطاع التكنولوجيا مرتفعة، لكن بعض شركات التكنولوجيا السبع الكبرى (Mag 7) قد حققت أداءً أقل من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 هذا العام، مما يشير إلى أنه لا يزال هناك مجال للنمو وأن بعض أسهم التكنولوجيا لا تتداول بتقييمات مفرطة أو ساكنة.
بالإضافة إلى التكنولوجيا، تشمل المؤشرات التي يجب مراقبتها في الفترة القادمة أسعار الفائدة (interest rates)، وبيانات التضخم (inflation data)، والتوترات الجيوسياسية (geopolitical tensions).
مستقبلية أسواق المال مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بهذه العوامل، ويمكن أن تؤثر بشكل كبير على مسار “ارتفاع سانتا كلوز”.
بشكل عام، تشير التوقعات إلى احتمال حدوث ارتفاع في أسعار الأسهم في نهاية هذا العام، لكن المستثمرين يجب أن يظلوا حذرين ومستعدين للتقلبات المحتملة. من المتوقع أن تتضح الصورة بشكل أكبر مع اقتراب نهاية العام وبداية العام الجديد، حيث سيراقب المحللون عن كثب أداء السوق واستجابته للعوامل المختلفة التي تؤثر عليه.

